سعيد موسى (أبو شكر) شيوعي نبقى نتذكره / بشار قفطان

شاءت الصدف التعرف على هذه الشخصية المؤثرة، وقد ناله ما نال الذين عملوا بنكران ذات في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، من اجل رفع راية الحزب عاليا، وهومن مواليد مدينة الدغارة، التابعة لمحافظة الديوانية، اعتقل في سجن بغداد المركزي في خمسينات القرن الماضي بسبب نشاطه الوطني وهو في ريعان الشباب، وارتبط بعلاقة مع سجناء مدينة الحي المشاركين في انتفاضتها في اواسط كانون الاول عام 1956..
في اواخر عام 1961عَّرَّفني به احد اقاربه، الذي اصطحبني في ظهر احد الايام صوب جانب الكرخ عبر جسر الشهداء وباتجاه فندق الكرخ، والغرفة اذا لم تخني الذاكرة في الطابق الثاني تحمل الرقم 13.. بعد طرق خفيف على الباب .. فتحت الباب واذا انا امام شاب مربوع القامة حنطاوي البشرة .. بعد ان تاكد من هويتي بواسطة قريبه .، اعاد غلق باب الغرفة، وتبادلنا حديث التعارف والترحاب، وتعززت ثقته بيَّ .. وصرت قريبا من ارائه التي اخذ يطرحها بشكل عام .. وعندما ازاددت تلك الثقة ، تعزز التواصل معه .. تواصلت زياراتي له لوحدي ، مرة ومرتين في الاسبوع . واحيانا اصادف الزميل عادل شمخي عنده . كان حديثه معنا شيقا ، ويتمتع بنبرة ثورية، مبنية على الثقة بالمستقبل، وتحقيق النصر، عاداً القضية التي نعمل من اجلها عادلة ..
في احدى المرات حدّثني عن ظرفه الذي يعيشه قائلا : عندما اغلقت جريدة اتحاد الشعب في اب 1961 استناداً إلى قانون صادر في العهد الملكي هو ( قانون المطبوعات) رقم 24 لسنة 1954،.. واحيل سكرتيرها المسؤول الرفيق عبد القادر اسماعيل البستاني الى احدى المحاكم في بغداد .. وردت معلومات اكيدة لاغتيال عبد القادر اسماعيل اثناء جلسة المحاكمة، من قبل احد افراد الامن اثناء ادلائه بافادته.. ووردت في الوقت ذاته الاوصاف الكاملة لذلك الشاهد .. وعرض الموضوع على لجنة بغداد للحزب، وصار مقترح افشال المحاولة .. اخذت على عاتقي مهمة افشالها، وبمساعدة احد الرفاق الذين يملكون واسطة نقل، وفي يوم موعد المحاكمة كنت من بين الحضور في قاعة المحكمة بصفة مستمع، وكان ايضا احد الحضور صاحب امتياز صحيفة تصدر في بابل له معرفة شخصية بيَّ ..
وبعد ان نودي على الشاهد توضحت امامي اوصاف ذلك الشاهد، الذي عندي كامل المعلومات عنه, وعندما قدمه رئيس المحكمة لاداء القسم، قمت مسرعا نحوه وانتزعت منه مسدسه الذي كان يحمله ووضعته على منضدة الحاكم، وتركت القاعة هاربا مع من ينتظرني، شخصني ذلك الصحفي، وكتب على صدر صحيفته مانشيتا كبيرا ( سعيد موسى يتحدى القضاء) منذ ذلك الحين والى الان انا مختفي في هذا المكان ..
وفي احد اللقاءات معه حدثني عن رواية اخرى قائلا : كنت يوما راكبا في احد باصات مصلحة نقل الركاب في شارع الرشيد، وما احسست الا وأحد المسؤولين يركب في ذلك الباص ويجلس امامي.. بادرني بالسؤال .. عن حيثيات ارتفاع سعر تذاكر نقل الركاب .. وردود الفعل على تلك الزيادة.. !! اجبته ان الزيادة في تلك الاسعار تكمن اهميتها اذا تناسبت مع دخل الفرد الشهري.. واننا اليوم بحاجة الى النهج الديمقراطي في التعامل مع ابناء الشعب وحل المشكلة الكردية حلا سلميا عادلا ومواصلة الانجازات.. استغرب الزعيم من اجابتي.. وخشيت اعتقالي ولكن ذلك لم يحصل ونزلت في اقرب موقف للمصلحة..
تظاهرة استقبال احمد بن بلا عام 1962 في مطار بغداد، كان هو المسؤول عن ادارتها ..
انقطعت عني اخباره.
وعلمت من بعض الاصدقاء وثيقي الصلة به عن اعتقاله في نقرة السلمان بعد انقلاب شباط 1963، واعتقل في الحملة الشرسة ضد الحزب عام 1978 .. واطلق سراحه بعد اصابته بالشلل التام .. وتوفي اثر ذلك ..
غادرنا الرفيق الراحل ابو شكر وهو يحمل بين حنايا صدره اسرار حزبه ..
الف تحية للرفيق العزيز.