ماكو حظ! / عريان السيد خلف

كم تصورت سابقاً ان الانسان حين يتقاعد تخف عنه اعباء الحياة ومشاغلها ليتفرغ للقراءة والمتابعة والراحة والاستجمام والسفر والتنزه واللقاءات مع الاصدقاء او من تبقى منهم، ويتخلص من الكثير من الالتزامات الحياتية، اجتماعية كانت او سياسية او حتى غرامية..
تحنحن عبيد آل مبارك عندما ذكرت العبارة الاخيرة وقال بخبث: كون الماي ايروب چا صدگت انته اتوب.. (گلت انگضت بلواي باول شبابي .. ما ادري تالي الشيب يكثر عذابي).
وانا استمع لخبث ابو مالك دخل علينا الصديق الشاعر الدكتور جبار فرحان رئيس اتحاد الادباء الشعبيين وبرفقته الصديق الشاعر مهدي الحيدري مما جعل عبيد آل مبارك (يلّصم). وبعد ان استقرا قال ابو اركان: انا جئت اليوم شاكيا من شخص يهمك او هكذا اعتقد، ومن عموده الذي كتبه في احدى الصحف (يخيط ويخربط) ولا ادري ما سبب هذا الغل والحقد عليك وعلينا. قلت: ولا يهمك، الناس معادن وهذا معدنه.. ثم انه ينطبق عليه المثل سبع صنايع والبخت ضايع. فهو اراد ان يكون مطرباً ففشل فحاول ان يتحول الى ملحن فخاب ظنه ايضاً. وهكذا بقي، لا هو سمچه ولا جرّية. فلجأ الى المشاكسات السمجة ليلفت اليه الانظار وفشل ايضاً. فلا تبتئس يا اخي بمثل هذا النموذج لان الطال طوله يرد لاصوله. وانت تعرف الاصل!
ثم حاولت ان اغير الحديث الى التظاهرات التي جوبهت بالحديد والنار والشهداء والمصابين الذين سقطوا بسبب المطالبة بحياة كريمة وبفرص عمل للعاطلين ووضع حد للفساد واحترام الانسان.
سعل عبيد آل مبارك وقال:
البارحة زرنا احد ضحايا التظاهرات في شعبة الكسور في المستشفى لان لي معه صلة قرابة، وبعد الاطمئنان عليه جلست على كرسي قرب سرير احد المرضى، وكان لا يرى منه الا وجهه لكثرة الكسور في جسمه، وجدته ينظر في وجهي مما دفعني إلى سؤاله: ماذا اصابك وجسمك تكسرت اغلب اطرافه؟ فرد بسرعة قائلاً: (منيه والله شگفها). واشار بطرف عينه الى ثلاثة اسرّة فيها فتيان كلهم يعانون من كسور. قلت له: تستطيع ان تحدثني عن المشكلة. قال: هؤلاء اولاد اختي. قلت: وماذا حدث لكم، هل سقطت الدار على رؤوسكم؟ ابتسم بألم وقال: منذ سنين وهؤلاء خريجون وهم عطاله بطاله. وانا خالهم عطال بطال. فكرنا ان نقوم بعمل نكسب منه رزقنا وفكرنا بشغلة التسليب لان عقوبتها بسيطة وربحها وافر. وهكذا اخذتهم ليلاً ووقفنا في الشارع العام ومرت سيارة اجرة فأشرت اليها فتوقفت، صعد الاولاد في الخلف وانا بجانب السائق وعندما تحرك باتجاه الخط السريع اخرجت مسدسي من حزامي وهددته ان يوقف السيارة ويتركها وينجو بنفسه، ولكن الغريب في الامر انه لم يهتم لتهديدي وزاد من سرعة السيارة. في هذه الاثناء سمعت شخصاً على الخط الآخر يناديه بالموبايل الذي كان مفتوحاً على السبيكر، ساله الصوت: اين انت الآن يا ابا الاشعث؟ رد سائق السيارة انا على الخط السريع، هل افجر السيارة هنا او في مكان آخر! رد عليه صوت المتكلم قائلاً: فجر يم سيطرة او ازدحام سيارات. تملكني الرعب وطلبت من السائق ان يتوقف لننزل من السيارة، لكنه لم يهتم بي وضاعف السرعة، فطلبت من الاولاد ان يرموا بانفسهم من السيارة، وهكذا فعلت انا والآن كما تراني وتراهم.
ماكو حظ حتى بالمكسرات مثل صاحبنا..