لكن! / محمد عبد الرحمن

يكثر المتنفذون في عراقنا المبتلي بهم، من استخدام كلمة لكن بمعنى الاستدراك بهدف تثبيت حكم مخالف لحكم ما قبله . وان جرى التمعن والتدقيق فلا معنى عند هؤلاء من الحكم او القول الاول، فهو في احسن الاحوال مسعى الى التشويش وذر الرماد في العيون وللتورية، فيما حقيقة المواقف هي في ما يأتي بعد هذه الكلمة العزيزة جدا على الذائدين عن كرسي السلطة ومصالحهم الخاصة والانانية والضيقة على حساب المصلحة العامة للبلد .
فاحدهم يقول ان التظاهرات حق كفله الدستور ولا احد يعارضه وهو من وسائل التعبير عن الرأي ، وطالما لا توجد عندنا معارضة برلمانية ، فهي تعوض عنها ، ولكن (وجاءت الكلمة الاثيرة على القلوب فورا) يتوجب مراعاة ظروف البلد وحربه ضد الارهاب وداعش وان تتوقف حتى يحين الوقت الملائم !. فهذا هو بيت القصيد فمتى يحين الوقت الملائم لا حد يعرف، ولا احد باستطاعته تحديد ذلك ؟ ولم هذه العجلة طالما ان المتنفذين متربعون على كراسي السلطة، وهم الاعرف والادرى بشؤون البلاد والعباد، ومصممون على سرقة آخر دينار من اموال العراقيين ! .
وفي هذا السياق يأتيك اخر ليقول نحن مع التظاهرات وعلى استعداد لتوفير الحماية لها ولكن على المتظاهرين ان يكونوا عقالا وحبابين لا يقتربون من خطوط التماس والجدار العازل والا فاننا سنضرب من حديد ! وربما نسي هذا المسؤول او تناسى ، انه فعلا قد استخدم الرصاص الحي والمطاطي والغازات المسيلة للدموع وخراطيم الماء الحار . ومما يؤسف له ان نجد من يبرر فعلة السلطة المشينة هذه ويدافع عنها ويلقي باللوم على المتظاهرين، والانكى ان يصدر هذا عن من يحسب نفسه على المدنيين المحتجين ! والذي هو الاخر تناسى ، مثل المسؤول ، ان هذه الافعال السلطوية المدانة حدثت والمتظاهرون خارج الجدار العازل هذه المرة !.
ومن المعروف انه في كل الدول التي تدعي انها تسير على طريق الديمقراطية الحقة توفر الحماية للمتظاهرين والمعبرين السلميين عن ارائهم ، وهذا واجب وليس منة من احد، ويبقى الاهم والمهم هو مدى الاستجابة لمطالب الناس والسعي الى تنفيذها وبسقوف زمنية ، بعيدا عن التسويف والمماطلة والمراوغة وفعل الشيء وعكسه في الوقت ذاته.
وثالث يقول نحن مع الاصلاحات وسوف نمضي فيها وهناك حزم عدة في طريقها الى الاعلان لكن علينا تقديم الاهم على المهم فمعركة تحرير الموصل على الابواب ونحتاج الان الى التوافق السياسي ، ولا نحتاج حتى الى تغيير وزاري ، فكل شيء من اجل المعركة ! وهنا السؤال : هذا المتنفذ اصر والح على الاصلاحات في وقت كانت فيه تدور المعارك ضد داعش الارهابي في ديالى وصلاح الدين ، فما الذي حصل وتبدل ؟ سؤال للتمعن فيه ليس الى صاحب التصريح ، بل الى الاصلاحيين الحقيقيين لمعرفة حقيقة المواقف وبواطن الامور وما يخطط له في قادم الايام !.
وعندما تسأل لماذا هذه المئات من المشاريع الاستثمارية معطلة وصرفت عليها المليارات من اموال الشعب يأتيك الجواب كنا نريد تكملتها ولكن الازمة المالية حالت دون ذلك ؟ عجيب غريب الضائقة المالية بدأت في أواخر سنة 2014، والكثير من هذه المشاريع زاد عمرها عن عشر سنوات ، فأين ذهبت الاموال المخصصة لها؟.
من المؤكد ان هناك الكثير من الامثلة التي يشيب لها القلب قبل الرأس ، ومن نافل القول لن نلقي اللوم على كلمة « لكن « فاللوم كل اللوم على فشل الادارة وفقدان المنهج والتحاصص السياسي، وعدم الكفاءة وسوء الاختيارات ، واحتكار السلطة ، والفساد ، ومن هنا كانت ضرورة الاصلاح والتغيير قبل داعش وتمددها في حزيران 2014 ، وسوف تشتد الحاجة اليهما بعد تحرير مدننا من رجسه ، بل لن يتحقق الدحر الكامل للارهاب من دونهما !.