اللعبة مكشوفة !/ محمد عبد الرحمن

عاد العازفون المعروفون الى نغمتهم المفضلة ، داعين – كما فعلوا سابقا - الى تأجيل التظاهرات، بذريعة ان الاوضاع الامنية في البلد غير مؤاتية. والانكى ان يهيبوا بالمواطنين عدم الاشتراك فيها !
قيل مثل هذا الكلام عشية التوجه الى تحرير مدينة الفلوجة ، ومن قبل جرى التهديد به عند اندلاع التظاهرات في 2011، حين لم تكن داعش قد تمددت وتمكنت ، بفضل سياسة المتنفذين الفاسدين الرعناء اولا وقبل كل شي والتي اضعفت قدرات البلد وامكانياته ، من احتلال ثلث اراضي وطننا. والان ايضا يجري الحديث عن التأجيل في وقت تحرز فيه قواتنا الانتصارات ، وتتقدم على طريق تحرير الموصل واستعادتها من رجس داعش الارهابي .
لم تكن التظاهرات في يوم من الايام سببا في حصول خرق امني ، وهي بالقطع لم تكن مسؤولة عن استيراد « كاشف العطور» الذي اصر الفاسدون على انه «كاشف متفجرات» ، وما زال بعضهم يصر على استخدامه رغم قرار سحبه. والغريب ان هناك من لا يزال يستميت في الدفاع عن تلك الصفقة العفنة ، ويرى ان نسبة نجاح الجهاز المزيف تصل الى 60 في المائة ، فيما صاحب الصفقة البريطاني يقبع في السجن!
والتظاهرات ليست هي السبب في عدم كشف المفخخة ، وهي تتجه من ديالى الى بغداد لتتسبب في مجزرة الكرادة المروعة. ومن المؤكد انها لم تكن السبب في ما حصل في السيد محمد ايضا ، ولا في ما يمكن ان يحصل في المستقبل من خروقات امنية اخرى.
ان اسباب ما يحصل جلية واضحة ، وهي تكمن اولا واخيرا في سوء ادارة البلاد ، وفي اصرار الفاسدين والمتنفذين على التمسك بالمحاصصة اللعينة ، وعلى الانطلاق منها في بناء المنظومة العسكرية والامنية. كذلك في سعي البعض المحموم الى اضعافها ،مقابل غض النظر عن تغول المليشيات بل واطلاق يدها لتصول وتجول دون رقيب او حسيب ، فيما رئيس الوزراء يقول ان البنادق موقعها في جبهات القتال ، فلا يسمع الا صدى صوته !
والاسباب ايضا تكمن في مواقف الطائفيين والشوفينيين ، ومؤججي النزعات القومية الضيقة ، والمتشبثين بكراسي السلطة ومغانمها، والرافضين للاصلاح تحت مسميات وعناوين شتى ، لكن في الجوهر هو الاصرار على التحاصص ، وليحترق البلد !
لقد اصبح واضحا الان ، ان هذه الجوقة من اعداء الاصلاح ستواصل الضغط بشتى الوسائل ، من الترغيب الى التهديد ، لوضع حد لهذه التظاهرات التي اخذت حقا تزعجهم وتقض مضاجعهم وتسبب لهم الارق ، خصوصا بعد ان اثبتت جدارتها وقدرتها على المواصلة ، واتسعت نطاقا ، وافرزت قياداتها ، وانتظمت تنسيقياتها ، واتضحت غاياتها واهدافها. وهي التي تتلخص في السعي الى انهاء المحاصصة في كل مؤسسات الدولة ، ودحر الفساد والفاسدين ، واعادة تشكيل السلطات على اسس جديدة تعتمد الكفاءة والنزاهة والوطنية ،والحرص على الشعب لا على تعظيم الثروات الحرام باية وسيلة ، والشروع الفعلي في عملية اصلاح شاملة .
ان اهدافا كهذه لا بد ان يجد فيها المتنفذون الفاسدون تهديدا لمصالحهم وامتيازاتهم وبأثر رجعي. لذا لا غرابة في ان يلتقوا ، رغم خلافاتهم وتقاطعاتهم ، على محاربة المتظاهرين والمحتجين السلميين المطالبين بالاصلاح والتغيير ، والعمل على وأد حركتهم وتشتيت قواهم وادخال الفرقة الى صفوفهم .
وان الرد على الواقفين عمليا ضد التظاهر رغم حديثهم المنافق عن دستوريته ، والمعادين لعملية الاصلاح الشامل ، هو الاصرار على مواصلة الضغط الشعبي السلمي وتصعيده ، فهو وحده ما يستطيع اجبار السادرين في غيهم على الاستجابة والرضوخ لارادة الملايين المكتوية بالازمة ونارها .