العُرْسُ الشّيوعي! / يوسف أبو الفوز

بعد انتهاء اعمال المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي بنجاح، والاصداء الطيبة التي نقلتها وسائل الاعلام، عن سير أعمال المؤتمر، والوثائق الاساسية التي ناقشها وصادق عليها، والشعار الواضح الذي رفعه (التغيير .. دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية)، وانتخاب قيادة جديدة للحزب، كان جَلِيل مفعما بمشاعر البهجة:
ـ ان القول بأن دماء جديدة تغذي قيادة حزبنا بات امراً واقعاً، هاكم انظروا.. تجديد في قيادة الحزب بنسبة 42% ، وهذا لم يكن ينتظره حتى بعض الشيوعيين!
كان أَبُو جَلِيل على مقربة منا فقال: الا تعتقد يا وليدي انها مجازفة بانتخاب شباب، يعتقد البعض انهم بحاجة الى المزيد من الخبرة والمران!
فانتفض جَلِيل: يا والدي .. ان ساحات العمل بين الجماهير ستكون هي المعين، وان العبرة في تزاوج الخبرة بين شباب جدد يحملون معهم افكارا وطرائق عمل جديدة، وقادة سابقين معروفين وذوي خبرات. وبوجود روح العمل الجماعي، ستكون هذه المجازفة محسوبة!
صديقي الصَدوق أَبُو سُكينة، كان يجلس على مقربة ينصت لما يدور، ومنذ انتهاء اعمال المؤتمر واصل مشاكستي، كوني اخفيت عنه خبر مشاركتي في المؤتمر، وارتباطا بالتوجيهات الحزبية كنت أبرر غيابي عنهم بسفري للمشاركة في عرس أحد الاصدقاء . فقال بصوت مفعم بالقوة: يا أَبُو جَلِيل، لا تخربون علينا فرحة العُرْسُ.. انت معي شفت حفل الافتتاح بالتلفزيون، وسمعت كلمات الضيوف، جاؤا لك برجليهم، وصعدوا على منبرك، وقدموا التهاني ورفعوا شعارك وطالبوا بالدولة المدنية. شتريد بعد أكثر من هذا الاعتراف باهمية دورك وحضورك وتأثيرك؟ أما سالفة الشباب والشياب فهذه مثل ما يقول جَلِيل تحلها ساحات الحراك الجماهيري والعمل المتواصل!
وأشار لي وهو يهز برأسه: وصاحبنا من اختفى وسافر وقال رايح للعرس، قلت يا هو هذا العريس اللي ما يريد يقول لنا اسمه؟ وفوراــ وروح موتاكم ــ شميت ريحة شيء طيب، ومن شفته بالتلفزيون بقاعة احتفال الافتتاح يصفق ويهوس والناس داير ما دايره من كل شكل ولون، واربع فضائيات تنقل الاحتفال، قلت الخير جاي وصاحبي ما يكذب عليّ. وهاي عندك قيادة جديدة تضم، اربع نساء وعشرة شباب، ولأول مرة امرأة في المكتب السياسي، وسكرتير جديد، مجرب بالنزاهة وعنده لغات وشهادات وخبرات.. شلونه العرس بعد يكون يا بعد شيبي؟!