النازحون .. ملف عاجل ! / محمد عبد الرحمن

أحوال النازحين والمهجرين تثير الاستياء والغضب على من تسببوا في وصولهم الى ما هم عليه من أوضاع لا يحسدون عليها ، بل الحنق الأكبر ينصب على من جعلوا مشكلتهم تتفاقم على هذا النحو المحزن .
ومع استمرار معارك تطهير أيمن الموصل من رجس الدواعش واحراز قواتنا المسلحة الانتصارات على «مجاهدي» القتل والذبح « الحلال» ، فان إعداد النازحين قد تزداد خصوصا وان مناطق في ديالى وتكريت وكركوك والانبار لا تزال بانتظار ان يتخذ قرار البدء في تحريرها من قبضة الاٍرهاب .
أوضاع النازحين لا تُسرّ أحدا ، فظروفهم قاسية ، وهم يعانون الامرين ، والسؤال هنا لماذا هذا التأخير في إعادة من تحررت اراضيهم؟ ولماذا لا تسهل أمور عودتهم؟ وإن كانت هناك إشكالات أمنية على البعض ، فلماذا لا يجري الإسراع في حسمها ؟!
تصريحات المسؤولين تقول بان الأغلبية من العوائل المهجرة لا غبار عليها ، بمعنى عدم تعاونها مع داعش ، وإذا كان الامر كذلك فلماذا يحتجزون في خيم البؤس والذل ؟
صرخاتهم التي تنقلها الفضائيات من خيم التشرد والعوز ، وبعد ان تصف احوالهم البائسة ، تختتم عادة بقولهم : لا نريد أي شيء، فقط ارجعونا الى منازلنا ؟! وان لهم كامل الحق في ذلك ، فلماذا لا يرجعون؟
المطلوب إرجاعهم حالا من دون إبطاء ، بعيدا عن أية اجندات سياسية او طائفية او قومية ، فليس لهؤلاء من ذنب ، الا اذا كان ذنبهم انهم من سكنة مناطق احتلها الدواعش. وهم في جميع الأحوال ليسوا من صناع ظروف وعوامل سيطرة الاٍرهاب على مناطقهم ، الأسباب موجودة ولكنها لا تتعلق بالغالبية العظمى منهم وهي التي عانت كثيرا وما زالت من ظلم وجور الدواعش .
ولكن من المؤكد ان سياسة إعادة النازحين لا بد ان تترافق مع خطة شاملة لإعادة الإعمار والبناء، وان ترصد الأموال الكافية لذلك وان تسلم الى أيادي مجرَّبة ونظيفة ونزيهة ، لا كما حصل مع الأموال التي خصصت للنازحين وضاع منها كما اشرت تصريحات برلمانية اكثر من ٢٠٠ مليار دينار ! ومن يدري فربما الرقم اكبر من هذا بكثير!
وفيما تتعالى الدعوات الى « تسويات سياسية « او « تسويات وطنية « فان هذا الملف لا بد ان يجري التعامل معه من منطلق انساني ووطني ، لا سياسي ولا طائفي ، ومثله أيضا ملف « المختطفين « على حواجز التماس ، وعلى الحكومة ان تقول شيئا بشأنه وتطمئن العوائل التي فقدت ابناءها. واذا كان هناك اختلاف على عددهم فهذا لا يلغي أصل وجود المشكلة والتي لا مبرر للأقدام عليها على الإطلاق، وقد تمت تحت هاجس طائفي بغيض ومقيت. وسيبقى هذا الملف وصمة عار على جبين من ارتكب الفعل الشنيع .
ان معالجة ملفي إعادة النازحين وإعمار المناطق المحررة من قبضة الدواعش ، امر عاجل ولا يتحمل أي تأخير او تلكؤ او تقديم مبررات مثل قلة الموارد، مما لا يصمد امام الجدل الجدي في الوقت الذي توفر فيه الأموال لاغراض أخرى يمكن الاستغناء عنها ، وقد قيل وكتب عنها الكثير !