لا للمضاربة .. نعم للاستثمار في القطاع المصرفي / ابراهيم المشهداني

يشكل القطاع المصرفي ركيزة اساسية من ركائز التنمية الاقتصادية المستدامة من خلال التنمية والاستثمار في قطاع الانتاج وليس الوقوف عند حدود سعر الصرف ومراقبة الظواهر التضخمية في الاقتصاد.
لقد كان المستشار المالي لرئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح على صواب عندما وصف قيام مصرف الرافدين بإقراض المواطنين لغرض تنشيط حركة الاسكان بالخطوة الشجاعة، وهذه الخطوات وان جاءت متأخرة فانه يقصد ضمنا دعوة المصارف الاخرى الحكومية والاهلية لاتباع هذه الخطوات بهدف تفعيل عملية الاستثمار في قطاع التشييد والبناء كمنطلق لتوسيع رقعة الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الاخرى، بينها الصناعة التحويلية والسياحة والخدمات ومغادرة اعمال المضاربة وتخطي الاقتصار على الاستثمار في قطاع التجارة ، ذلك ان التوجه الى الاستثمار في هذه القطاعات سيوسع من حركة التشغيل والاستخدام وامتصاص البطالة وتحريك سوق العمل، وبالتالي تحفيز الطلب الكلي في الاقتصاد مما سينعكس على انتعاشه وتخطي ظاهرة الركود التي كانت تصاحب الاقتصاد منذ سنين، وخاصة بعد الازمة المالية الناتجة عن انخفاض اسعار النفط في منتصف عام 2014 حيث يشكل المصدر الاساس للانفاق العام، ولما لذلك من اثر في اعادة توزيع الثروة وخلق تناسبات جديدة للطبقات والشرائح الاجتماعية .
تشير الاحصاءات الى ان عدد المصارف العاملة في العراق في نهاية عام 2014 كان 56 مصرفا، منها 7 مصارف حكومية و24 مصرفا تجاريا خاصا و10 مصارف اسلامية و15 فرعا لمصارف اجنبية. ويبين تصنيف الودائع لدى المصارف التجارية ان 64 في المائة تعود الى المؤسسات العامة، 42 في المائة منها مؤسسات حكومية و22 في المائة للحكومة المركزية، وارتفعت النسبة الكلية منها في عام 2014 الى 67 في المائة، وهذه النسبة تعني ان ودائع القطاع الخاص تشكل فقط 36 في المائة من مجموع الودائع المصرفية في المصارف التجارية في عام ،2013 مما يشير الى ان المصارف التجارية في العراق تعتمد في مواردها على قطاع الحكومة بشكل رئيسي، وانها بحكم سياستها الادخارية المتخلفة عاجزة عن ان تستوعب العملة المكتنزة لدى الافراد والبالغة نسبتها 70 في المائة من العملة المحلية، وهو مبلغ كبير يمكن ان يكون دعامة قوية لدي القطاع المصرفي لتوسيع قدرته الاستثمارية . فاذا كانت نسبة الودائع الجارية في المصارف التجارية 81 في المائة وغالبيتها تعود الى الحكومة، وان 5 خمسة في المائة فقط ودائع ثابتة و14 في المائة ودائع توفير في عام 2014 فكيف تستطيع المصارف والحال هذه المساهمة بشكل فاعل ومؤثر في تمويل الانشطة الاقتصادية في البلاد ورفع معدلات التنمية؟
ولكي يؤدي القطاع المصرفي دوره الفاعل في عملية التنمية الاقتصادية يتعين مراجعة سياستها النقدية في اتجاه الاستثمار ومغادرة ممارسات المضاربة الضارة من اجل تحقيق الارباح في دورات قصيرة الاجل، من خلال اعادة رسم خارطة طريق جديدة تأخذ في الاعتبار منظومة من الخطوات نذكر من بينها ما يلي :
1. ايجاد ادارات جديدة تتمثل فيها الكفاءة والنزاهة واستيعاب كاف لمتطلبات الاصلاح الاقتصادي وتمكينها من ممارسة صلاحياتها في عملية تطوير ملموس للأداء المصرفي، والقدرة على مواجهة الظروف الصعبة الاقتصادية والمصرفية وحسن ادارة المخاطر التي يتعرض لها الجهاز المصرفي على المستوى الكلي والجزئي .
2. تنشيط السياسة الادخارية والتركيز على الودائع الثابتة والتوفير ورفع نسبتها بشكل معقول، واعادة النظر بنسبة الفوائد الادخارية من اجل جذب الاموال المكتنزة لدى الافراد .
3. اعتماد المعايير الدولية في بناء هياكلها التنظيمية والمؤشرات المطبقة فيها واستحضار البعد الاستراتيجي للإدارات المصرفية وتطوير الوعي بأهمية ادارة الاخطار، وتحسين اداء مراكز الاستعلام الائتماني من خلال استخدام الاليات الحديثة وتحسين الجدارة الائتمانية لزبائن المصرف .
4. وضع التشريعات المقتضية واتخاذ الترتيبات الواضحة لتطبيق سياسة ائتمانية واعدة في تقديم القروض والتسهيلات قصيرة او طويلة الاجل للاستثمار في القطاع الصناعي التحويلي والتجاري والخدمي للإسهام في اقامة وتوطين مشاريع استثمارية جديدة