اين نجد الموقف؟! / محمد عبد الرحمن

اين نجد المواقف الحقيقية للسلطات الثلاث، ومن المخول ان يعلنها ويصرح بها ؟ من الصعوبة بمكان ربما ان نجد جوابا محددا، لا سيما في ما يتعلق بالحكومة وعملها ومواقفها واجراءاتها .
فعلى الرغم من الحديث الاسبوعي للسيد رئيس مجلس الوزراء ، وما يعلنه ويقول به الناطق الاعلامي باسم مكتبه ، هناك طيف واسع من المستشارين او العاملين في مكتب رئيس الوزراء يعطون لأنفسهم الحق او يتطوعون كي يقولوا شيئا. كذلك انتشرت اخيرا، وعلى نطاق واسع ، تصريحات " مقرب من رئيس الوزراء ". ومن غير المعروف هل هي قرابة دم، ام قرابة سياسية ؟!
وفي وقت يشدد فيه البعض، خاصة من النواب، على ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث ، عندما يريد ذلك بالطبع، نرى ان هذا البعض بالذات لا غيره هو من يدلي مثلا بتصريحات تخص عمل الحكومة ، وتحديدا مواقف رئيس الوزراء .
فلماذا يدلي هذا " المقرب من رئيس الوزراء " بتفاصيل لا تأتي على لسان رئيس الوزراء نفسه او الناطق باسمه ؟ ومن خوله بذلك ؟ وهل يكفي للنائب ان يكون من الكتلة السياسية لرئيس الوزراء حتى يخول نفسه اطلاق تصريحات واعلان مواقف، ومنها ما هو خطير ؟ ونستدرك ونقول: الا اذ كان هذا الامر متفقا عليه ويدخل في لعبة " تبادل الادوار" او " تمرير الرسائل " او " جس النبض "، وما اكثر ذلك في ايامنا الراهنة ومنها ما يتعلق بالانتخابات ، او ما له صلة بملف العلاقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ، او بحملة مكافحة الفساد التي اعلنها السيد العبادي .
ان في عدد من هذه التصريحات ما هو متناقض ومربك ومحير، ويكاد يضيع حقيقة الامر على المواطن ، بل حتى على المتابع الجاد ، فتبقى المواقف هلامية متحركة كالرمال ، فيما الشعب يدفع الفاتورة سواء في اقليم كردستان ام في العراق ككل. فهل ان هذا هو هذا المطلوب ؟ نقصد عدم الوضوح توطئة لعدم الحسم وبقاء الملفات معلقة ؟
ونورد مثلا واحدا على ما اشرنا اليه اعلاه ، رغم وجود العديد مما يدعم ما ذهبنا اليه. فالسيد رئيس مجلس الوزراء في ايجازه الصحفي الاسبوع الماضي ( يوم الثلاثاء ) قال انه لا توجد قوائم معدة مسبقا بأسماء الفاسدين ، بل هناك تحقيقات وتحريات. هذا جيد ومفهوم، ولكن احد النواب ( يعرّف نفسه بانه قريب من السيد العبادي ومن "المطبخ" ) تطوع وقال انه توجد اسماء على قائمة الفاسدين، ولكنها قليلة ! فاين الحقيقة يا ترى؟!
من جانب اخر تلقي النزاهة مسؤولية كبيرة على القضاء وعلى مجلس النواب، الذي اصدر قانون العفو العام ليشمل عددا من المتهمين بالفساد ، ومنهم رموز معروفة !
السؤال في كل هذه الفوضى من التصريحات : اين حملة مكافحة الفساد؟ ومن يخطط لها؟ ومن يقودها ؟ واين هي اجراءاتها الملموسة، خاصة ما يتعلق بالملفات الكبيرة التي جرى الاعلان عنها سابقا ، بل وهدد بعضهم منافسيه بكشفها، ولم تكشف حتى الان ؟!
هذا غيض من فيض ، وفي ذاكرة المواطن الكثير. فهل ستخضع تلك الملفات الى المساومات مرة اخرى، في سياق التنافس الانتخابي ؟