الزِّلْزالُ الحَقِيقِيّ !/ يوسف أبو الفوز

كنتُ وَجَلِيل منشغلين نتبادلُ التفاصيل والمعلومات عن التحالفاتِ والاتفاقات الأنتخابية التي جرت بين القوى السياسية استعدادا لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة. كان جَلِيل يكرر بأن السياسيين، الذين جربّهم شعبنا لسنوات طويلة، وأنشغلوا في الصراعات على مواقع الثروة والنفوذ، وأستثمروا نهج المحاصصة الطائفية والاثنية، وأغتنوا بغير وجه حق، تحت ظل الفساد المستشري في الدولة والمجتمع، لا يمكن للمواطن ان يثق بهم، ولا يمكن فجأة ان يكونوا أو يتحولوا الى ديمقراطيين يؤمنون بالدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
قلتُ متفقاً معه: ان الديمقراطية وصناديق الانتخابات بالنسبة لأمثال هؤلاء ليس إلا وسيلة للوصول الى مقاليد السلطة للاستمرار في ذات النهج.
قالت زوجتي: طيب وهذه البرامج الانتخابية المعلنة بثوب مدني وديمقراطي ماذا تسميها؟
قال جَلِيل بغضب : أيمكن تصديق هذا ؟ هذه عملية تدوير لبضاعة قديمة بعلامات جديدة ليس إلا !
وكانت سُكينْة مع سوزان ابنة َجَلِيل يتبادلن وبصوت عال حديثا عن موجة الزلازل التي ضربت البلاد موخرا، ولكوني اجلس قريبا الى سكينة فانها كل لحظة تميل باتجاهي وتسأل : أليس كذلك؟
في اول وصولي الى بيت صدّيقي الصَدّوق أَبُو سُكينْة ، تحدثنا جميعا وتبادلنا المعلومات التي اعلنها قسم الرصد الزلزالي في هيئة الانواء الجوية، حيث اعلن عن حدوث عشرات الهزات الارضية مؤخرا في البلاد، وان مجمل الهزات على مقياس ريختر كانت متفاوتة في قوتها، وان معظمها غير محسوس، فهي حصلت اساسا في ايران قريبا الى الحدود العراقية الايرانية، اقرب الى قضاء مندلي. وكانت سكينة تكرر بان لا داع لزوجتي لان تقلق على اقربائها الموجودين في مناطق الزلازل.
سعل أَبُو سُكينْة، وهو يغالب ابتسامة بانت واضحة: يا أبنتي، انت تتحدثين عن الزلازل وكل لحظة تسألينه وتريدينه ان يؤكد كلامك. هل تعتقدين انه يعمل في الانواء الجوية؟ الافضل ان تسأليه عن الزلازل السياسية القادمة، خصوصاً ونحن نقترب من ايام الانتخابات. مثلا ... توقعاته عن قوة الزلزال الذي يحصل في المجتمع اذا نجحت في كسب ثقة الناس قوى سياسية تعمل ضد نهج المحاصصة الطائفية والاثنية وتسعى لتنفيذ برامج تؤمن الامان العام والخدمات والاستقرار وتوفير الظروف للاعمار والتنمية والعيش الكريم للمواطن في دولة المواطنة، دولة المؤسسات الدستورية والرفاه والعدالة الاجتماعية، حيث المساواة في الحقوق والواجبات.