ادب وفن

الفنان كاظم الداخل بعيدا عن الرقيب / مؤيد عبد الستار

في مدينة لوند الجامعية افتتح يوم 16 كانون الثاني 2016 الفنان كاظم الداخل معرضه الخامس والثلاثين وسط حضور من المعنيين بالفن التشكيلي من العراقيين والسويديين .
عرض لوحات مختلفة في مواضيعها واحجامها ، فمن لوحة بقياس مترين × مترين الى لوحة بقياس 20 سم × 20 سم .
تمثل لوحات كاظم الداخل رؤية فنية معاصرة اتاحتها حرية التعبير. من خلالها استطاع تجاوز حدود التقاليد والعيب والحرام والممنوع .
استوحى بعض لوحاته من الواقع المعاش في السويد و اوربا ، واستوحى بعضها الاخر من الاحداث الخطيرة التي تمور بها الساحة الدولية .
من بين تلك الاعمال لوحة كبيرة تصدرت قاعة العرض تمثل طفلا غريقا يحمله رجل ظهر بشكل ظلال قاتمة امام شاطئ البحر اللا متناهي .. لوحة تجسد هول الحدث وعمق الماساة .
خلال حفل الافتتاح في غاليري مدينة لوند الجامعية في السويد ، كان لي هذا الحوار مع الفنان كاظم الداخل حول رؤيته الفنية .
* ماذا تمثل اللوحة في مفهومك الفني ورؤيتك الفلسفية للحياة ، هل تستطيع اللوحة تجسيد افكارك بشكل يرضيك لتخلق علاقة بين المشاهد والموضوع ؟
- اللوحة شيء بسيط ، قطعة قماش وقلم او فرشاة ، اللوحة متعة ، ليست معنية بالفلسفة ، لذلك اقول هي ليست ادوات فقط ، هي فكرة ، لا يمكنك ان ترسم بدون فكرة ، لوحة الغريق رسمتها بشكل مختلف تماما ، احيانا يختزن الفنان الموضوع لسنوات ثم ينفذه .. اللوحة لا تحتمل النقل والتفسير ، اهم شيء هو بناء اللوحة بشكل متماسك ، ان تكون الوانها منسجمة لا تشكل نشازا ... في النهاية هي تجسيد حسي للفنان .
* الفن التشكيلي السويدي ، هل غير مفاهيمك عن الفن ؟ هل اثر فيما لديك من معرفة سابقة كونك فنانا عراقيا انتقل من اجواء العراق الى ايطاليا ثم عشت في السويد سنوات طويلة ؟
- اية بيئة تعيش فيها سواء السويد او ايطاليا ، هي التي تفرز مواضيعها ، موضوع البار على سبيل المثال الذي تشاهده في بعض لوحاتي ، عملت عليه في السويد ، يختلف فيما اذا اردت تناوله كموضوع ، هناك اختلاف كبير بين اجواء البار في العراق وفي السويد ، على سبيل المثال المرأة لا تجدها في البار العراقي ، بينما هي موجودة في البار السويدي ، الملابس تختلف ايضا ، فقد تجد في البار العراقي من يرتدي العقال والكوفية ، او الدشداشة ، بينما لاتجد مثل هذه الملابس في البار السويدي ، حتى لون الملابس يختلف هنا وهناك ، وهكذا فالبيئة تفرض مواضيعها وصفاتها ومقوماتها ، الشيء الاخر الهام هو الحرية الفكرية التي تمنحك حرية الحركة والتعبير ، فتتمكن من تنفيذ رؤيتك كما تريد ، لا كما تفرضه عليك الرقابة الخارجية او الداخلية .
* كيف هو تعاملك مع اللوحة من خلال الواقع الذي تعيشه في اوربا ، هل ترسم اللوحة من وحي الجذور ام بتاثير من الحاضر ؟
و هل للواقع الاوربي تاثير على لوحتك ام تلجأ الى اضفاء شيء من رموز ثقافتك السابقة الى الموضوع، كان تستوحي احيانا النخيل او الناشيل او رموز المرأة مثل العباءة ، او من البيئة المحلية مثل بائع الرقي او بائع الخبز ... الخ ؟
- الحرية التي تمتلكها في اوربا تجعلك تختلف عما لو كنت في الشرق ، هناك لدينا محرمات ومقدسات وتقاليد ضاغطة ، لذلك تحتكم الى الرقيب بداخلك ، تفتقد الى الجرأة في الذهاب بعيدا ، اوربا اعطت حرية كاملة للفنان ، في الماضي ليس البعيد اواسط القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر لم يتمتع الفنان في اوربا بالحرية الكافية ليعبر عن ما يريد ، لم يتجرأ الفنان في بدايات القرن التاسع عشر على رسم الجسد عاريا ، غويا كان يرسم المراة العارية خلف جدار ، واغلق مرسم مودلياني بسبب اللوحات العارية.
لذلك انا ارسم الان بعيدا عن الرقيب ، لذكل لا انوي عرض اعمالي في العالم العربي ، لا افكر اين اعرض اعمالي ، فالفنان اذا خضع لشروط المكان او الى الواقع المتخلف او الى سعر بيع اللوحة ، سيصعب عليه انتاج ابداع حر يستحق الاحترام .