شئٌ من حتى / فلاح هاشم

يا فؤاد ..
الفرق بيننا و بين من دمروا وطننا لا يترك شرعيةً للمقارنه :
هم خانوا العراق
و نحن خاننا العراق .
تلك هي الحكاية باختصار .
هل سمع الناس بوطن يخون ؟
انها براءة اختراع عراقية .

هل نضحك من سوء الطالع
أم من سواد المفارقة ؟؟

كيف يكون رقمي في سلم الأغتيال 25 و رقمك 47
أعترف أنني لا أسبقك في شئ
فكل ما وصفوني به : كاتب و فنان
بينما قالوا عنك : مطرب و ملحن .
هههههههههههههههههههههههه
هل كانوا يعرفون أنني أحمل لك البريد السريّ كل اسبوع ؟
و آخذ نسبة من دخلك كي لا تنطفئ شمس الفقراء ؟

كيف لنا أن ننسى ؟
كنا نتحاور بعد كل عاصفة :
ثمة وفدٌ استخباراتيٌّ قادمٌ من بغداد
ترى هل ستبقى أسماءُ المطلوبين سبعة و سبعين كالعادة ؟
مالسرُّ في هذا العدد ؟
لطالما ضحكنا ساخرين و نحن نحاول فك اللغز
( المقدس ) كما أسميناه
هل تذكر ؟
كانت القوائم تحمل أيضاً أسماء رفاق رحلوا منذ سنوات
و كان هذا مثار ارتياحنا . فقد كنا نقول :
يا لغبائهم . أنهم لا يعرفون الكثير ؟
لا يا فؤاد ..
تبين لاحقاً انهم يعرفون عناوين بيوتنا و بيوت أقاربنا بدقة ..
فقد طوقوها ثلاث مرات
يحققون مع الجيران عنا أثر غزوهم منفانا الأول .
كنت وقتها سائحاً في ايطاليا
بينما انت غادرت قبل ذلك بسنوات .
كنت أكلم نفسي في روما وانا اتنفس الصعداء لسلامتك
و سلامتي
فلو كنا هناك لاصبحنا أثراً بعد عين .. كما قالت سيدةٌ كانت حتى احتلال وطنها مسحورة بصدام حسين .
ما أشرسهم و ما أرقّ أمنياتنا و إن بدت بعيدة و غائمة .
لكننا كنا مفعمين بالأمل ..
في تلك الأيام التي كان فيها مجرد مرورنا أمام باب سفارتهم مغامره .
و فيما كنا نستلهم الشجاعة من أنصارنا الذين ينازلون الفاشية بذات السلاح الذي يحمون به الأبرياء
كان الآخرون يفجرون بوابة الأذاعة بشاحنة مفخخة
قتلت عبد الرزاق الواسطي مهندس الأنارة الجميل
و محمد عبد المحسن .. الذي أهدى شعبه أغنيات لا تنسى .
الفرق بيننا و بينهم يا فؤاد
أنهم ناموا في فراش بلدان تحميهم و تزقهم أفيون مصالحها أولاً و نحن كنا نحسب كل نسمة تهب بصرة بأنهارها و نخيلها .. بينما تترصدنا الفجاءات في كل لحظة و ظهورنا مكشوفة
تمطرنا قوائم الموت .. و لا أحد يعلم .
وليس بيننا و بين حتفنا سوى مزاج سلطات لا نعرفها ولا تعرفنا .. و لا نعني لها شيئا .
لربما لم تكن معنية بنا لأننا لم نرتكب جرماً على أراضيها .
لكن الضغوط أثمرت ذات يوم فقيل لوفد بغداد :
( أنتم أغتلتم حردان التكريتي في باب المستشفى الأميري
و لا تحتاجون مساهمتنا ) .
هل تذكر تلك الأيام ؟ هههههههههه كيف أصفها ؟
لم نكن نملك الا واقية من الشمس أو المطر .

يا فؤاد . . الوطن الذي لم ينحن حاكموه الجدد امام صوتك
الوطن الذي لم ينكس راياته حزناً لرحيلك
لم يكتشف بعد معنى الحياة و الكرامه
فلاح هاشم .. 21 - 12 - 2013
لندن