ملاحظات اولية حول استراتيجية التنمية الصناعية حتى عام 2030 ( 6 -7) / د.صالح ياسر

الوزن النوعي للعوامل الخارجية في "الاستراتيجية"
   بشأن العوامل الخارجية ودورها، تنطلق "الاستراتيجية" من "ان البيئة الاقتصادية العالمية الراهنة تتميز الآن بما يأتي:التطورالتكنولوجي السريع فى تكنولوجيات الإنتاج والعمليات الإنتاجية، عولمة سلاسل القيمة، وزيادة نفوذ الشركات متعددة الجنسية، زيادةحدة منافسة الاقتصاديات النامية والصاعدة، وجود مجموعة من القواعد الدولية وضعتها الاتفاقياتا لدولية متعددة الأطراف والتى تحكم تدفقات التجارة والاستثمار والمعايير المٌطبقة، وأخيرا الزيادة فى درجة التعقيد وعدم التأكد فى بيئةالأعمال". (ص 2)
   واستنادا الى الملاحظات اعلاه
"فإنصياغةوتنفيذاستراتيجيةناجحةللتصنيعتتطلبمشاركةجميعالأطرافالمتصلة بالصناعةوالمؤثرةفيهاوتشمل: عديد من البيئات الحكومية على المستوى الوطني والمحلى، منظمات القطاع الخاص بالإضافة إلى الشركات متعددة الجنسية المهتمة بالاستثمار فى العراق، مؤسسات الدعم الفنى والمالى المتخصصة، هيئات التعاون الثنائية  ومتعددةالأطراف، المنظمات غيرالحكومية" (ص 2).
   وانطلاقا من واقع "إنالمنظومةالمساندةالقائمةحالياًفىالعراقلاتخدمهدفتحقيقالتصنيعالمستدام" فان "الاستراتيجية" ترى انه لابدمنإعادةهيكلةكلمنالأنظمةالتالية:التعليم،النقل،التعليمالفنى والتدريبالمهنى، العلم والتكنولوجيا،الابتكار والبحث والتطوير، الادارة المالية والاجهزة المصرفية وذلك لدعم النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر". ص 6
   اضافة الى "بناء نواة تجمعات صناعية تنافسية تعتمدعلى المنشآت الصناعية الكبيرة والمتكاملة مع سلاسل القيمة المحلية والعالمية".. و " تشجيع الشراكات الاستراتيجية مع المستثمري نالأجانب". (ص 10).
   وإذا ما عرفنا "تواضع" الإمكانيات الفعلية للموارد المحلية التي تراهن عليها " الاستراتيجية " في هذا المجال فانه يمكن الاستنتاج ان الرؤية مسكونة برهان الخيار على الاستثمارات الأجنبية وزيادة نفوذ الشركات المتعدية الجنسية. ونظرا لان هذه الشركات والاستثمارات لا تهتم بالفروع الضعيفة تكنولوجيا فان نشاطها سيتركز ويتمركز " في القطاعات الواعدة " بهدف تحقيق اقصى الارباح.
   واذ يجري الحديث هنا عن الشراكات الاستراتيجية مع المستثمرين الاجانب وفي مقدمتهم الشركات المتعدية الجنسية وتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر فانه لا بد من القول ان هذه العمليات تجري في ظروف العولمة الرأسمالية القائمة على التجديد التكنولوجي. وقدر تعلق الأمر بالقطاع الصناعي فان أهم ما يميز نظام العولمة الراهن هو الربح، والتنافس بهدف الربح، وإهمال البعد الاجتماعي، و تصفية المكاسب الاجتماعية وإهمال الأبعاد الاجتماعية للتنمية.
   ومن جهة اخرى فإن المعطيات تشير الى ارتباط جانب كبيرمن التدفقا لاستثمارى الأجنبى على الدول النامية بخصخصة الشركات المملوكة للدولة  فيها. كما أن النسبة الكبرى من التدفق العالمى للاستثمار الأجنبى المباشر تذهب إلى الدول الراسمالية المتقدمة ومن جهة أخرى فإن نصيب الدول النامية يتركزفى عدة دول فقط، ويذهب أكثر من نصف هذا النصيب إلى عدد قليل من الدول فى جنوب وشرق وجنوب شرق آسيا (1). ويمكن الاتفاق مع اطروحة سانجايا لال الذي يقول فيها أن " الاستثمارالأجنبي لايمكن أن يحل محل التنميةا لذاتية.بل إن وجود قطاع صناعى ديناميكى وتنافسى هوالذى يجذب الاستثمار الأجنبى عالى النوعية، ويسمح للدولة المضيفة بجنى منافع أكبر من هذا الاستثمار" (2).
   ومن جانب اخر فان دور الشركات متعدية الجنسيةفى نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية وكما تشير إليه دراسات عديدة بينت أن تخصيص الموارد على الصعيد الدولي أصبح يتأثربشكل متزايد بقرارات الشركات متعدية الجنسية بوجه عام، وتفضيلها تركيزعمليات البحث والتطويرفى الدول الأم،أى الدول التى بها المراكز الرئيسية لهذه الشركات.كما أن إقراراتفاقية حماية الملكية فى منظمة التجارة العالمية قد جعل الحصول على التكنولوجيات الحديثة أكثر صعوبة ( TRIPS ) الفكرية عن ذى قبل، وذلك لارتفاع تكلفتها .
   وفي ضوء الملاحظات اعلاه يمكن الاتفاق مع الاقتصادي المصري المعروف د.ابراهيم العيسوي عندما أشار الى "أن التعويل علىا لاستثمارالأجنبى فى إحداث نقل فعلى للتكنولوجيا ليس له سند حقيقى على أرض الواقع. ولذا فلا غنى للدول النامية عن بناء قواعد وطنية للعلم والتكنولوجيا، وذلك من أجل امتلاك أحد العناصر الجوهرية لبناء القدرات التنافسية ولتحقيق تنمية متوافقة مع الوفرة النسبية لعنصر العمل من جهة أولى،ومن أجل امتلاك قدرة حقيقيةعلى استيعاب وتطويع التكنولوجيات الأجنبية من جهة ثانية، ومن أجل إرساء أسس راسخة للاعتماد على الذات من جهة ثالثة" (3).
الهوامش
(1) انظر: ابراهيم العيسوي، نموذجالتنميةالمستقلة البديللتوافقواشنطونوإمكانيةتطبيقهفىزمنالعولمه. ورقة مقدمة الى المؤتمر الدولي الذي عقده المعهد العربي للتخطيط في بيروت حول " مقاربات جديدة لصياغة السياسات التنموية"، وذلك خلال يومي 20 و 21 مارس 2006، في بيروت، ص 19-20.
(2) Sanjaya Lall, " Governments and Industrialization: The role of policy interventions, a paper presented to the " Global Forum on Industry-Perspectives for 2000 and beyond",New Delhi, Oct. 1995 (www.unido.org). p.4.
(3) انظر: ابراهيم العيسوي، نموذجالتنميةالمستقلة البديللتوافقواشنطونوإمكانيةتطبيقهفىزمنالعولمه...، مصدر سابق، ص 19-20.