اسبانيا .. نجاحات قوى اليسار تتواصل

رشيد غويلب
حقق حزب الشعب اليميني الحاكم في اسبانيا أسوأ نتائجه في انتخابات مجالس البلديات والأقاليم منذ عام 1991 ، وكشفت النتائج الرسمية الأولية، بعد فرز 80 في المئة من اصوات الناخبين ان الحزب الحاكم خسر أكثر من 10 في المائة من الأصوات التي حصل عليها في الإنتخابات السابقة سنة 2011 ، الا انه حافظ على تصدره قائمة القوى المشاركة في السباق الإنتخابي بحصوله على 25.6 في المئة. وفقد الحزب الحاكم ومعه الحزب الإشتراكي الأسباني المعارض (من احزاب الإشتراكية الدولية) الأكثرية التي كانا يتمتعان بها في هذه المجالس.
وفي المقابل استطاعت تحالفات اليسار في العاصمة مدريد، وفي كبريات المدن الأسبانية الاخرى مثل برشلونة، ان تحتل المواقع الأولى، و تحقق نجاحات كبيرة متقدمة على القوى التقليدية التي هيمنت على المشهد السياسي في اسبانيا منذ عودة الديمقراطية الى الحياة السياسية فيها في عام 1975 . واستطاع تحالف اليسار حول "بودوموس" ان يحصل على 20 مقعداً من مجموع 57 في برشلونة، وان يحصل مرشحه لمنصب عمدة المدينة على أكثرالأصوات فيها. وفي ضوء النتائج المعلنة حتى كتابة هذا التقرير، سيلعب حزب بودوموس (نحن قادرون) اليساري وحلفاؤه، وكذلك?حزب "المواطن" المحافظ حديث التكوين دورا محوريا واساسيا في الائتلافات الحاكمة في الأقاليم والبلديات التي جرت فيها الإنتخابات.
وبلغ مجموع من يحق لهم التصويت 35 مليوناً، في 13 منطقة من اصل 17 منطقة في البلاد جرى انتخاب حاكمها، الى جانب 8 آلاف مدينة وبلدية تنافس فيها المرشحون للفوز بمنصب عمدتها. وجاءت نتائج الإنتخابات على العموم مطابقة لإستطلاعات الرأي التي سبقتها.
وتعتبر هذه الانتخابات، والإنتخابات المبكرة التي جرت في آذار الماضي في ولاية الأندلس، محطات اختبار مهمة للانتخابات البرلمانية العامة التي ستنظم في الخريف القادم، والتي يرى الكثير من المتابعيين للتطورات السياسية في اسبانيا، انها يمكن ان تسجل نهاية نظام الحزبين الذي هيمن على الحياة البرلمانية لحد ألآن. كما توفر فرصة سانحة لقوى اليسار الأسباني كي تكرر ما حدث في اليونان، لو احسن هذا اليسار تجميع قواه، وتجاوز الخلافات القائمة لحد الآن بين حزب "نحن قادرون"، حديث التشكيل والخارج من معطف حركة "غاضبون"الإحتجاجية ال?ي اجتاحت اسبانيا ضد تداعيات الأزمة المالية وسياسات التقشف التي اعتمدتها الأحزاب التقليدية ، وحزب اليسار المتحد الذي يشكل الحزب الشيوعي الأسباني قوته الرئيسة.
يذكر ان حزب اليسار الجديد لا يفضل التحالف مع الأحزاب التي يعتبرها تقليدية، وفي المقابل هناك تباين واضح داخل صفوف اليسار المتحد بشأن التحالف من عدمه مع الحزب الجديد. ولعل النجاحات التي تحققت لحد الآن تشكل حافزا قويا لوضع قوى اليسار خلافاتها جانبا وتسير على طريق اقامة تحالف اليسار الواسع المنشود