تركيا في الطريق الى دولة الإستبداد؟

"طريق الشعب"
مع اقتراب موعد الإنتخابات البرلمانية العامة في السابع من حزيران المقبل تشهد تركيا تضيقا متصاعدا على حرية الصحافة في البلاد. ويأتي ذلك في اطار تعميق حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، بزعامة رئيس الجمهورية رجب طيب اوردوغان، لنهج الليبرالية الجديدة وتشديد قبضة الدولة القومية الإسلامية على جميع نواحي الحياة. ولم تسلم من حملة الرئيس الجديدة حتى كبريات المؤسسات الإعلامية مثل مجموعة "دوغان" الإعلامية التي تمثل اكبر مؤسسة اعلامية تقليدية في البلاد، وتعد من التكتلات الإقتصادية العملاقة في تركيا . وفي الأشهر الأخيرة دأب رئيس الجمهورية على تصدر حملة مصادرة الحريات العامة من خلال مهاجمة اسماء صحفية معروفة اثناء الفعاليات العامة، و ممارسة التهديد المباشر للآسرة الصحفية : " سترون ما سنفعله بكم".
ويواجه الصحفيون وممثلو المؤسسات الإعلامية التي تستمر في ممارسة نقد السلطة ، الإستداعاء والتحقيق من جانب النيابة العامة مباشرة، او يتعرضون للمثول امام القضاء على خلفية قضايا كيدية شخصية، بتهمة القذف ضد رئاسة الجمهورية، ويتعرض الصحفيون للإعتقال، وسحب اجازة ممارسة المهنة. وتحرم وكالات انباء معينة من حضور المؤتمرات الصحفية وفي حال حضورهم يجري طردهم من قبل قوات الأمن او حمايات الرئاسة من قاعة المؤتمر، علنا وامام الكاميرات. كما يتلقون التهديد المباشر من قبل ادارات الحزب الحاكم ، او عبر شبكات التواصل الإجتماعي.
وهناك امثلة ملموسة على اشكال اضطهاد الصحفيين، فقبل فترة قصيرة اقام القضاء التركي احتفالا مركزيا، منع الصحفيون من المشاركة فيه. وهذا يعكس مصادرة استقلالية النظام السياسي برمته. وتضطر مؤسسسات الإعلام المعارضة الى تكليف حمايات شخصية لضمان سلامة منتسبيها واعضاء هيئات تحريرها. وجرى اخيرا اعتقال 21 صحفيا بتهمة دعم الإرهاب، الذي يشمل وفق مقاسات السلطة دعم احزاب ومنظمات اليسار المعارضة، وخصوصا تلك التي تتضامن مع الحركة التحررية في كردستان تركيا. وبموازاة ذلك تشن وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة ضد الأقليات واحزاب المعارضة، بما في ذلك توظيف معلومات ملفقة حول الحياة الخاصة للشخصيات القيادية في الأوساط اليسارية والديمقراطية، كاتهام الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي اليساري صلاح الدين ديمرتاز بتناول لحوم محرمة دينيا، في محاولة لتوظيف مشاعر الأكثرية الإسلامية المحافظة في المجتمع التركي ضده. وهاجم رجب طيب اوردوغان بشكل وقح حتى صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لنشرها مقالة تنتقد سياسته.
وآخر الأمثلة هو الحملة المفتعلة ضد جريدة "حريت" واسعة الإنتشار، والعائدة لمؤسسة دوغان الإعلامية. بسبب نشر صحفيين معارضين اقتباسات منها لفضح الفساد، ولتوثيق ذلك امام المحاكم مما عرض الجريدة لحملة تحريض قامت بها الدوائرالإعلامية، المقربة للرئيس.
وفي الوقت الذي يرفض فيه صحفيون يساريون اتراك مقارنة ما يجري في بلادهم مع ممارسات الأنظمة النازية والفاشية السابقة، الا انهم يؤكدون ان بلادهم سائرة على طريق الدولة المستبدة، وهو امر دفع حتى القوى الليبرالية اليمينة الى دعم محاولات تحالفات يسارية دخول البرلمان التركي في محاولة للإفلات من قبضة الإستبداد التي تعمل على تضييق الخناق على الحقوق الديمقراطية.