دراسة: السفارات الامريكية تتآمر على الحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية

رشيد غويلب
عرض مركز Think - Tank الأمريكي للأبحاث السياسية والاقتصادية اول دراسة تفصيلية تتناول النشاط السري، الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية ضد الحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية في السنوات الخمس عشرة الماضية. وقد استطاع معدا الدراسة الكسندر ماين ودان بيتون تحليل واعداد المراسلات الدبلوماسية لسفارات الولايات المتحدة الأمريكية التي كشف عنها موقع ويكيليكس. وتبين الوثائق الأنشطة المكثفة ضد حكومات اليسار و التجربة "البوليفارية" التي وصفت بأنها تشكل تهديدا لمصالح الولايات المتحدة. وعرض الكاتبان وثائق بشأن خطط للتعامل مع الحكومات اليسارية في بوليفيا ونيكاراغوا والإكوادور وفنزويلا.
السفير الأمريكي في بوليفيا "غرين" حذر الرئيس ايفو موراليس بعد انتخابه بيوم واحد من القوة التي تمتلكها الولايات المتحدة في مؤسسات الائتمان الدولية مضيفاً: "ان هذا ليس ابتزازا، وانما ببساطة هو الواقع".
مع ذلك نجح الرئيس موراليس في الحد من الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتمكن من تنفيذ خططه لتحسين حياة السكان الأصليين، وإصلاح قانون العمل، وتأسيس الرعاية الصحية وإعادة تأميم الطاقة الكهرومائية وكذلك التعاون مع فنزويلا.
بعد ذلك بدأت الولايات المتحدة التشديد على دعم المعارضة اليمينية، وتشجيع التطلعات الانفصالية في المقاطعات الشرقية المرفهة تقليديا في بوليفيا. وتثبت مذكرة دبلوماسية تعود الى ايلول من عام 2008 علم السفير الأمريكي بتحضيرات لتنظيم انقلاب واغتيال الرئيس البوليفي ايفو موراليس. ودون ان يشير الكاتبان الى الدوائر الأمريكية المسؤولة على هذه الأنشطة، اكدا ان التحذير المشار اليه الموجه إلى حكومة منتخبه ديمقراطيا يتحدث عن نفسه.
وكشفت وثائق الدراسة عن دعم سفارات الولايات المتحدة المادي والإستراتيجي لأحزاب المعارضة اليمينية ، وحتى لجماعات ذات توجهات معادية للديمقراطية تعتمد العنف في بلدان القارة التي يحكمها اليسار.
فقد نظمت السفارة الأمريكية في نيكاراغوا بعد عودة الساندينين للحكم لقاءً مع تحالف نيكاراغوا الليبرالي" للبحث في موضوع التمويل المباشر التي كانت الولايات المتحدة تقدمه لليمين عندما كان في السلطة. وتوصل اللقاء المعقود في عام 2007 الى ضرورة تنسيق قوى التحالف اليميني مع منظمات مجتمع مدني معينة، يجري تمويلها من قبل الولايات المتحدة. ورتبت السفارة الصلات مع المنظمات غير الحكومية وهي المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية.
وفي عام 2006، وقبل شهرين من انتخابات الرئاسة في الاكوادور، حذرت السفارة الأمريكية في العاصمة كويتو، من ان المرشح الرئاسي رافائيل كوريا ينوي الانضمام إلى "مجموعة شافيز موراليس كيرشنر "، في اشارة الى زعماء الحكومات اليسارية في كل من فنزويلا وبوليفيا والأرجنتين.
وتكشف الدراسة عن المؤسسات التي مولت النشاط المعادي لحكومة فنزويلا وهي: الكونغرس الأمريكي، و الصندوق الوطني للديمقراطية، و وزارة الخارجية للتنمية الدولية الأمريكية. وكشفت وثائق معروضة تعود الى عامي 2004 و 2006 عن الضوابط المعتمدة في السفارة الأمريكية، ووزارة الخارجية للتنمية الدولية الأمريكية، لتمويل عزل الرئيس الفنزويلي السابق شافيز عالميا، وعمليات الإندساس وشق صفوف انصاره.
وفي عام 2007، التقى سفراء وممثلو الولايات المتحدة في ستة بلدان أمريكية لاتينية في البرازيل، من أجل توحيد جهودهم ضد خطط شافيز الطموحة .
واشاد كاتبا الدراسة بنجاح مقاومة الحكومات المنتخبة ديمقراطيا، في ضوء الخبرة التاريخية للمخابرات المركزية والسفارات الأمريكية في تنظيم الإنقلابات العسكرية. وابرزت الدراسة في هذا السياق اهمية البيانات المشتركة لرؤساء بلدان امريكا اللاتينية، سواء اليساريين منهم او اليمنيين، والتي تدين محاولة تغيير الحكومات المنتخبة ديمقراطيا باساليب تتعارض مع الدستور.