نجاح لافت لحزب اليسار في انتخابات ولاية برلين

رشيد غويلب
شهدت العاصمة الألمانية برلين اول من امس الاحد انتخابات برلمان الولاية، وقد تميزت بمشاركة عالية في التصويت بلغت 66 في المئة من الناخبين.
وتشير النتائج المعلنة حتى ساعة اعداد هذا التقرير، الى خسارة حزبي التحالف الذي حكم الولاية في السنوات الخمس الاخيرة، على الرغم من محافظتهما على احتلال الموقع الاول والثاني في تسلسل الأحزاب المتنافسة. ولم ينج حزب الخضر هو الآخر من خسارة طفيفة، فيما اعتبر حزب اليسار الفائز الحقيقي في هذه الأنتخابات، بعد ان حصل على 15.6 في المئة من الاصوات، مقابل 11.7 في المئة في انتخابات عام 2011
واستطاع الحزب الليبرالي الحر العودة، بحصوله على 6.5 في المئة، فيما تمكن حزب "البديل من اجل المانيا" اليميني المتطرف من الدخول الى البرلمان بحصوله على 13.9 في المئة. ورأى المراقبون ان هذا الحزب القومي و المعادي للاجانب وحديث التشكيل حقق اسوأ نتائجه مقارنة بالولايات الاخرى.
لقد مني الحزب الديمقراطي المسيحي، حزب المستشارة الالمانية ميركل، بأكبر هزيمة انتخابية في تاريخه، حيث حصل على 17.8 في المئة فقط أي بخسارة 5.5 في المئة، من الاصوات. ولم يكن نصيب شريكه في التحالف الحاكم افضل، اذ حقق الحزب الإجتماعي الديمقراطي ثاني اسوأ نتيجة في تاريخه. حيث حصل على 21.7 في المئة أي بخسارة قدرها 6 في المئة. وحصل حزب الخضر على 15.3 في المئة بخسارة تزيد على 1 في المئة. اما "حزب القراصنة" فقد خرج من البرلمان بعد ان امضى فيه دورة برلمانية واحدة.
سيناريوهات حكومة الولاية القادمة
ويرى المتابعون ان النتائج اشرت معاقبة الناخبين لطرفي تحالف الكبار، وبالتالي فانهم صوتوا لصالح تشكيل حكومة بديلة, واكثر الإحتمالات الممكنة هو تحالف الحزب الاجتماعي الديمقراطي مع الخضر وحزب اليسار، والذي يحقق اكثرية مريحة. والسيناريو الممكن الثاني هو اضافة حزب الخضر الى قطبي التحالف السابق، وهذه الإمكانية لا فرصة لها، اذ اعلن قادة الخضر انهم غير مستعدين لمساعدة الخاسرين على الإستمرار في حكم الولاية. اما الإحتمال الثالث فهو تحالف الإجتماعي الديمقراطي والخضر والليبراليين الأحرار، لكن هذا التحالف لا يستند الى اكثرية مريحة.
اهمية النجاح الإنتخابي لحزب اليسار
تأتي اهمية النجاح الإنتخابي لحزب اليسار من انه تحقق في العاصمة برلين، ومن انه الحزب الوحيد الممثل في البرلمان الإتحادي، الذي يحقق نجاحاً في العاصمة، مقابل خسارة جميع الاحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان الإتحادي.
ويأتي نجاح حزب اليسار في هذه الإنتخابات بعد اكثر من تراجع انتخابي على صعيد برلمانات الولايات في ألأشهر الماضية. واللافت اكثر هو حصول الحزب في برلين الشرقية، عاصمة المانيا الديمقراطية السابقة، على 25 في المئة من الاصوات، تاركا الحزب الإجتماعي الديمقراطي الحاكم خلفة. وهذا يؤكد امكانية حفاظ الحزب على ناخبيه التقليدين والقدرة على توسيع دائرتهم.
ولعل ما حققه الحزب اكد صحة ثباته على سياسته تجاه اللاجئين، المبنية على التضامن مع ضحايا العنف والحروب، وتبنيه للتحليل الموضوعي للظاهرة، وعدم خضوعه للضغوط الكبيرة التي تعرض لها لتغيير مواقفه من اجل الحصول على فوائد انتخابية مزعومة.
ان النتائج التي أحرزها الحزب، والتي جعلته شريكاً قوياً في حكومة الولاية المحتملة، ستغير توازن القوى في المجلس الإتحادي، الذي يمثل الى جانب البرلمان، الجناح الثاني في السلطة التشريعية، لصالح سياسات اكثر تقدمية وخصوصا فيما يتعلق باقرار اتفاقيات التجارة الحرة التي يريد اليمين تمريرها.
ويمكن لنموذج التحالف المرتقب في برلين بين قوى الوسط واليسار ان يصبح نموذجاً للحكومة الإتحادية في المانيا بعد انتخابات خريف العام المقبل.
وبهذا يمكن ازاحة اليمين التقليدي المتناغم مع اليمين المتطرف، من الحكم في المانيا البلد الأكثر تأثيرا بين بلدان منطقة اليورو. وهو ما يمكن ان يفتح الأبواب امام تغييرات محتملة في التعامل مع تداعيات الازمة المالية، خصوصا على البلدان الأكثر تضررا منها كاليونان.