نادي روما: ضرورة تغيير النظام الاقتصادي العالمي

طريق الشعب
جرى في العاصمة الالمانية يوم 15 ايلول الحالي، عرض التقرير الجديد لنادي روما حول "حدود النمو".
وتم عرض التقرير الموسوم " 1 في المئة يكفي. مع قليل من النمو، عدم المساواة الاجتماعية، والبطالة، و مكافحة التغيير في المناخ"، من قبل كاتبيه "يورغن راندز" و "غريمه ماكستون". وانتقد التقرير تطرف السوق والتجارة الحرة، بل والنظام الاقتصادي الحالي بأكمله، ودعا إلى فرض قيود كمركية و تقييد حركة التجارة، اي فرض حماية اقتصادية، وهو ما يعتبره انصار النظام الليبرالي السائد "العدو الطبيعي للنمو والازدهار".
وخصص واضعا التقرير فصلا لنقد ايديولوجية السوق المتطرفة، مؤكدين بوضوح ان كل المشاكل المتفاقمة ترتبط بالنظام الاقتصادي القائم: تغير المناخ، والفقر، والتدهور البيئي، واستنزاف الموارد، وفقدان التنوع البيولوجي، والحروب والإرهاب، والبطالة، وعدم المساواة، والهجرة.
"هذا يعني ان المشاكل تعود لنفس السبب، وهو الرغبة في الاستهلاك غير المحدود دون تفكير في العواقب على البيئة والعلاقة بين الأغنياء والفقراء".
باختصار ان "الموديل الحالي للسوق المتطرفة" هو المسؤول عن انخفاض الأجور الحقيقية، وعن حقيقة ان الملايين من الناس يعيشون وضعا أسوأ مما كان قبل 30 عاما. فالنظام الاقتصادي القائم يفرض زيادة مستمرة في استهلاك المواد الخام، فهو بالتالي كما يرى مؤلفا التقرير، المسؤول عن الاضرار التي لحقت وتلحق بكوكب الأرض.
وينطبق هذا النقد على اتفاقية التجارة الحرة، التي تعتبر غير مفيدة لأحد: "على عكس ما يدعيه أنصار السوق الحرة، لا تعزز الاتفاقية بالضرورة النمو الاقتصادي".
ويشير راندرز وماكستون الى مثاليْ كوريا الجنوبية وتايوان. فكلا البلدين فرضا رقابة صارمة على استيراد السلع الأجنبية – وبهذه الطريقة فقط تمكنا من ان يتطورا إلى بلدين صناعيين حديثين. في حين فتحت المكسيك حدودها بعد انضمامها الى اتفاقية "نافتا" للتجارة الحرة، فادى ذلك الى اغلاق 28 الفا من الشركات الصغيرة والمتوسطة ، وتخلي أكثر من مليون مزارع عن أراضيهم، وانخفاض الأجور الحقيقية وارتفاع معدل البطالة. ويخلص المؤلفان الى ان التجارة الحرة غير المقيدة اعاقت إلى حد كبير تنمية البلدان الفقيرة، و هي مفيدة فقط للبلدان الغنية التي تحمي تفوقها.
ويطالب التقرير بالحماية الاقتصادية كنقيض لاتفاقيات التجارة الحرة ويشير الى ان هذه الحماية: "حيز صغير لحماية العمل والبيئة". لكن كاتبيْه يعرفان اي سمعة تجلب المطالبة بالحواجز الجمركية وتقييد حركة التجارة، لهذا يلجأان الى طرح توضيحات معينة:" عندما نتبنى الحماية، لا يعني هذا أننا نريد العودة الى عصر الأسواق المغلقة والانعزالية. فبدلا من ذلك، ، نحن نتطلع الى زمن تكون فيه التجارة العالمية متوازنة، في مصلحة المجتمع، مع قليل من بصمة التنظيم الممكن للبيئة". ثم ان الحماية تقلل من المخاطر التي يتعرض لها العمال خلال فترة الإصلاح الانتقالية، وتمكن البشر، إلى حد كبير، من الحفاظ على رفاهيتهم. ان نقد النظام الاقتصادي السائد واتفاقيات التجارة الحرة، و تبني تدابير الحماية الاقتصادية في وقت يعج فيه العالم بمفاوضات بشأن اتفاقيات التجارة الحرة الجديدة، هو موقف صحيح وشجاع. ومن المثير للاهتمام ان نتلمس نوعاً من وجهة نظر طبقية، حيث يتم التشديد بوضوح ضد من يجب اتخاذ الإصلاحات ضدهم (الأثرياء وشركات الطاقة) ومن المستفيد ( نسبة الـ 99 في المئة).
ويؤكد راندرز وماكستون انهما لا يسعيان الى الغاء النظام بأكمله. وقد قال مرة الماركسي فولفغانغ هارش ان تقرير نادي روما في عام 1972 يشير الى حلول اشتراكية وحتى "حلول شيوعية صريحة". والحال مشابه مع تقرير النادي لعام 2016 ، على الاقل ما يتعلق بالحلول الاٌشتراكية.