- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 28 أيلول/سبتمبر 2016 19:46
طريق الشعب
بعد عام على عبارتها الشهيرة: "نستطيع ان ننجز ذلك"
في اخر آب 2015 عقدت المستشارة الألمانية ميركل مؤتمرا صحفيا اطلقت فيه مقولتها الشهيرة "نحن نستطيع أن ننجز ذلك"، في اشارة الى قدرة ألمانيا على تجاوز أزمة اللاجئين. وفي أثناء ذلك سُمح بمرور قطارات تقل آلاف اللاجئين إلى ألمانيا قادمة من دول شرق وجنوب أوروبا. وحينها تصاعدت شعبية ميركل في اوطان اللاجئين الاصلية. وبالغ المحللون في اعتبار تلك التصريحات بداية لتبني الحكومة الالمانية سياسة انفتاح تجاه اللاجئين.
ولكن هذا الانفتاح المزعوم لم يعمر طويلا، ففي كلمتها امام القمة الاوربية لمناقشة ازمة اللاجئين التي استضافتها، العاصمة النمساوية فينا اخيرا، اكدت ميركل ان الإتحاد الأوربي حقق تقدما في مكافحة الهجرة غير الشرعية، اي اغلاق حدود بلدان الإتحاد بوجه تدفق لاجئين جدد، ولكن المستشارة لم تقل كلمة واحدة حول الكيفية التي تم بها تحقيق هذا التقدم. وشددت في خطابها على ضرورة أن تكثف أوروبا مكافحة الهجرة غير الشرعية، (وهي التسمية التي يطلقها الإعلام التقليدي على اللاجئين)، عبر توقيع مزيد من الاتفاقات التي تتيح ترحيل من لا يحق لهم طلب اللجوء إلى بلدانهم الأصلية: "نريد وقف الهجرة غير الشرعية وأن نكون أيضا بمستوى مسؤولياتنا الإنسانية". وأضافت ميركا ان "من الضروري توقيع اتفاقات مع دول أخرى، وخصوصا في أفريقيا وأيضا مع باكستان وأفغانستان، بحيث يكون واضحا أن من لا يحق لهم البقاء في أوروبا سيرحلون إلى بلدانهم الأصلية". وقد جوبه هذا التصريح برفض طيف واسع من القوى الديمقراطية والتقدمية، ومنظمات التضامن والدفاع عن اللاجئين.
ترحيل لاجئين تحت ظروف صعبة
يتعامل العديد من الولايات الألمانية بقسوة مع طالبي اللجوء، الذين رفضت طلباتهم. وحسب معلومات مكتب مراقبة الترحيل التابع للجمعية الخيرية المسيحية "راينلاند فستفالن ليبه" في مدينة دوسيلدورف، فإن عدد المُرحلين تضاعف ثلاث مرات في السنوات الأربع الأخيرة: من 1200 إلى 3600 طالب لجوء، غالبيتهم ينحدرون من دول البلقان وتركيا. ومن بين المرحلين أشخاص يعانون من أمراض شديدة الوطأة كالسرطان وأمراض نفسية وعصيبة".
الحق في الرعاية الصحية المناسبة
من جهة أخرى وجهت الغرفة الاتحادية للأطباء النفسيين في برلين نقدها لهذا التعامل، كما أبدت رفضها لحزمة قوانين اللجوء. ويعلق رئيسها ديتريش مونز، بالقول "نحن نطالب بإدراج الأمراض النفسية المزمنة والخطيرة ضمن الأسباب الرئيسية لمنع ترحيل طالبي اللجوء. يجب أن يتمتع اللاجئون ممن يعانون من أمراض نفسية بحق الرعاية الطبية المناسبة ".
ويشير مونز إلى فقرة قانونية في قانون اللجوء تشترط أن تكون إمكانية استفحال المرض المعني عند الترحيل كبيرة. حينئذ يمكن إلغاء عملية الترحيل وهو بمثابة ذر الرماد في الأعين حسب مونز.
وانتقدت منظمة "برو أزول" المعنية بشؤون اللاجئين على لسان رئيسها غونتر بوركهارت تصريحات مسؤولين امنين عن أن هناك "عملية ممنهجة لعرقلة الترحيل" واعتبرتها "محاولة للتأثير على الرأي العام"، مشيرة إلى أن ألمانيا دولة قانون يصحح فيها القضاء القرارات الخاطئة للسلطات ". بيد أن وزير الداخلية توماس دي ميزير كان قد أشار إلى أطباء يصدرون تقارير طبية مزورة.
معايير موحدة في الولايات الألمانية
ويطالب المناصرون للاجئين بتغييرات جوهرية في التعامل مع اللاجئين المهددين بالترحيل، وان هناك ضرورة لتغيير عاجل في طريقة تفسير وتطبيق القوانين الجديدة التي ضيقت الخناق على اللاجئين اكثر من اي وقت مضى، وضرورة توحيد معايير التعامل في الولايات المختلفة. وعبرت هذه المنظمات عن مخاوف جدية من ارتفاع نسبة ترحيل طالبي اللجوء في السنوات القادمة. فقد بلغ عدد طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم 550 ألف حتى نهاية شهر حزيران 2016. والعديد منهم تعودوا على الحياة في ألمانيا وليس لهم أي صلة بوطنهم الأم، كما أنهم يملكون بطاقة إقامة مفتوحة. في المقابل، بلغ عدد المهددين بالترحيل 215 ألف لاجئ، ما يعني تصاعد انصياع الحكومة للضغط الذي تسلطه الأوساط الاكثر محافظة في التحالف الحاكم، وكذلك ضغط قوى النازية الجديدة المتصاعد.