لليوم الثاني.. غضب في المغرب احتجاجا على قتل بائع السمك

لليوم الثاني، استجاب عشرات الآلاف من المغاربة للدعوات التي انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل، إلى المشاركة في الاحتجاجات، مساء الأحد، على خلفية مقتل الشاب بائع السمك، وقد انطلقت مسيرات حاشدة جابت شوارع المملكة الى جانب وقفات، رفعت فيها لافتات وشعارات منددة بالحادثة ومطالبة بتقديم الجناة إلى العدالة.
وفي مدينة الحسيمة شارك عشرات الآلاف في تشييع جثمان الشاب نحو بلدة امزيون مسقط رأسه، وانطلقت مسيرة احتجاجية من آلاف الأشخاص منددين بالظلم والاستبداد، وهي المسيرة التي غلب عليها رفع العلم الأمازيغي وعلم “جمهورية الريف” والذي يعود إلى فترة مبايعة أعيان الريف لزعيمهم عبد الكريم الخطابي أميرا على المنطقة ابان الاستعمار الاسباني لاقليمي الشمال والريف.
وهتف بعض المشيعين "مجرمون، قتلة، إرهابيون!" وسط نحيب النساء. وصرخ أحدهم "سكان الريف متضامنون مع الشهيد محسن (...) نريد أن نعلم ما حدث وملاحقة المذنب أو المذنبين".
غضب في 20 مدينة
وعند المغيب بدأت الفيديوهات بتقنية المباشر على فيسبوك تعرض مشاهد لوقفات ومسيرات حاشدة في العديد من المدن، وقدرت جماعة العدل والاحسان عدد هذه المدن بنحو 20 مدينة صدحت فيها حناجر الغاضبين بإسقاط الاستبداد والكرامة والعدالة والقصاص للشاب الهالك، انخرطت فيها فعاليات ومدنية من مختلف المشارب.
وتجمهر في ساحة مارشال وسط الدار البيضاء الآلاف في وقفة تنديدية في حدود السادسة بالتوقيت المحلي، ولم تختلف شعاراتها عن الشعارات الموحدة التي ترددت في باقي المدن، ومرت كباقي التظاهرات في سلمية، لتتحول الوقفة بعد ذلك الى مسيرة نحو ولاية الأمن بحي المعاريف على بعد نحو كيلومترين.
وفي العاصمة الرباط اندفع المتظاهرون على طول شارع محمد الخامس حيث تتمركز أهم المؤسسات الحكومية كالبرلمان، باتجاه وزارة العدل والحريات ثم المديرية العامة للأمن لإيصال رسالتهم المنددة بما وقع في الحسيمة.
انتقاد استبداد السلطة
وتناقل مستعملو مواقع التواصل تصريحا متلفزا على نطاق واسع لرئيسة حزب اليسار الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، من مسيرة بالرباط، تذرف الدموع وهي تتحدث عن قضية الشاب ضحية الحادث المأساوي، طالبت فيه بإحقاق الحرية والعيش الكريم والعدالة لجميع المواطنين، منددة باستمرار الريع الاقتصادي والفساد وانتهاك الحقوق. مذكرة بأن المال والسلطة مازالت متمركزة في جهة واحدة، منتقدة فيه ما وصفته باستبداد السلطة على المواطن، داعية الى فتح تحقيق ومحاكمة المسؤولين، مضيفة أن النظام المغربي "ينخره السوس" بسبب الرشوة والاستبداد، مطالبة بإنهاء جميع أشكال الاستبداد.
وكان نشطاء قد تداولوا ليلة السبت شريطا يوثق عملية مصادرة عناصر من الشرطة كمية من الأسماك، سمع خلالها صوت عنصر أمن يأمر سائق شاحنة البلدية بـ”فرم” الشاب الذي صعد الى آلة فرم القمامة لاستعادة بضاعته الى جانب شبان آخرين، بيد أن الشاب لم يسعفه الحظ، في وقت نجا رفاقه بعد فرارهم حالما اشتغلت الآلة التي ضغطت جسد الشاب العالق بين فكيها.
وخلال ساعات قليلة أمسى وسم “طحن_مو” رمزا للغضب في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كما صار حديث الناس جميع الأماكن العمومية منها والخاصة، وذلك تعبيرا عن استنكارهم لما اعتبروه “حكرة” واستهتارا بأرواح المواطنين.
وفيما دعا رئيس حزب العدالة والتنمية، عبد الاله بن كيران المكلف بتشكيل حكومة جديدة، أنصاره بعدم تلبية دعوات الاحتجاج، طالب النائب بمجلس النواب (الغرفة الثانية بالبرلمان) عن نفس الحزب، نبيل الأندلسي الجهات المعنية، بفتح تحقيق في المأساة، في سؤال وجهه إلى وزيري الداخلية المغربي محمد حصاد، والعدل والحريات مصطفى الرميد. وان كان قد سجل الجميع تساهل السلطات مع التظاهرات العارمة في مختلف أنحاء البلاد، غير أن معطيات من مدينة الحسيمة، أثارت الكثير من الاستغراب، وتفيد باعتقال الأمن ثلاثة أشخاص من رفاق محسن فكري الذي قتل في الشاحنة.
روح "الأمير" و20 شباط
ورفع المتظاهرون العلم الأمازيغي بالألوان الأزرق والأخضر والأصفر وعلم "جمهورية الريف" الأحمر. وطالب المنظمون باستحضار "روح الأمير" وتاريخه، في إشارة إلى عبد الكريم الخطابي الملقب بـ"الأمير" أو "أسد الريف" الذي أسس الجمهورية الريفية، وخاض حرب عصابات ضد المستعمر الإسباني.
كما رفع شعار "كرامة، حرية، عدالة اجتماعية" الذي كان الشعار المركزي لحركة 20 شباط الاحتجاجية سنة 2011 التي تزامنت مع "الربيع العربي".
الملك يوعز بالتحقيق
وسارع العاهل المغربي الملك محمد السادس الموجود في زنجبار (تانزانيا) حيث يختتم جولة دبلوماسية واسعة في شرق أفريقيا، إلى إيفاد وزير الداخلية محمد حصاد إلى الحسيمة لـ"تقديم التعازي" إلى عائلة محسن فكري.
وأعطى الملك تعليمات "لإجراء بحث دقيق ومعمق ومتابعة كل من ثبتت مسؤوليته في هذا الحادث، مع التطبيق الصارم للقانون في حق الجميع، ليكونوا عبرة لكل من يخل أو يقصر خلال القيام بمهامه ومسؤولياته"، بحسب بيان لوزارة الداخلية التي سبق أن أعلنت عن فتح تحقيق مشترك مع النيابة العامة المحلية غداة المأساة.