وثبة كانون 1948 المجيدة / عبد الرزاق الصافي

كنت أول من تلقى عقوبة انضباطية بسببها قبل وقوعها!
كان ذلك في اوائل شهر كانون الثاني 1948 يوم جرى الاعلان عن التوقيع بالأحرف الأولى على معاهدة بورتسموث يوم 5/1/1948. وكان يوم جمعة على ما أتذكر.
وصادف أن جاءت الى كربلاء مجموعة من طلبة ثانوية النجف، بقيادة الاستاذ علي الطرفي.
وأقام طلبة ثانوية كربلاء حفل استقبال في نادي الطلاب عصر ذلك اليوم برئاسة الاستاذ حسن موسى مدير الثانوية.
انتهزت الفرصة لالقاء كلمة تدين الحكومة، التي كان رئيسها صالح جبر، ووزير خارجيتها الدكتور فاضل الجمالي. قلت فيها – في الكلمة – انه جرى اليوم التوقيع بالأحرف الأولى على صك عبودية جديد ليحل محل معاهدة 1930، التي كانت المعارضة العراقية تجمع على الغائها.
كان عريف الحفل يومذاك الزميل نزار كاظم الحلي. ونظراً لبرود علاقتي به يومها، وكان أحد أفراد مجموعة من الطلبة معروفين بكونهم يساريين، طلبت من احد الزملاء ابلاغه لتقديمي لالقاء كلمة، دون أن يعرف مضمونها.
المجموعة المذكورة لم تكن تزيد على بضعة طلاب لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة. وكان من بينها الصديق فاضل حسن محمود (الذي اصبح فيما بعد صديقاً للحزب الشيوعي العراقي حتى آخر يوم في حياته، سواءً كان ذلك في العراق او في لندن التي انتقل اليها وعمل مديراً لفندق سنترال بارك الذي تملكه عائلة الباقر. وقد فجعت مؤخراً عندما علمت بوفاته قبل بضعة أشهر).
انصعق الاستاذ حسن موسى من الكلمة التي لم يكن يتوقعها. ولما ذهبت الى المدرسة في اليوم التالي، وجدت اعلاناً في لوحة الاعلانات يقضي بخصم عشر درجات من السلوك وفصلنا من الدراسة لمدة اسبوع، الزميل نزار كاظم وأنا. ذلك ان المدير لم يكن يعرف ان الزميل نزار لم يكن يعرف ما هو مضمون كلمتي. واعتقد انه اعتبر تقديم نزار لي لالقاء الكلمة هو نتيجة تواطؤ بيننا.