تعديل "الاحوال الشخصية".. يهدد النسيج الاجتماعي والامم المتحدة تدعو الى احترام كامل لحقوق المرأة

طريق الشعب
مازال رفض القوى الوطنية والناشطين المدنيين، ومعهم منظمات دولية، يتصاعد، عقب تصويت البرلمان المبدئي، على مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية النافذ.
اوساط محلية ودولية، عدت "التعديل" نكسة للمرأة العراقية واهانة لمكانتها وحقوقها الانسانية والقانونية والدستورية، ورأوا ان تعديل القانون هو لإعادة إنتاج قانون الأحوال الشخصية الطائفي الذي يبيح زواج القاصرات ويفرق بين العراقيين على أساس الدين والطائفة، وكونه يشكل انتكاسة مجتمعية وممارسة شكل من أشكال العنف ضد المرأة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.
يشار الى ان مجلس النواب صوت بالموافقة من حيث المبدأ بجلسته التي عقدت في (1 تشرين الثاني 2017) على مقترح قانون تعديل مشروع قانون الأحوال الشخصية.
تهديد للمراة وإثارة للطائفية
وقالت النائب غيداء كمبش، لوكالة "السومرية نيوز"، إن "قانون الاحوال الشخصية المطروح حاليا داخل قبة مجلس النواب يمثل تهديدا لحقوق المراة والطفولة ويثير النعرات الطائفية"، مؤكدة بأنه "لن يقر لوجود رفض شعبي وبرلماني كبير لبنوده، سيما أنه اثار جدلا واسعا بين الاوساط الشعبية من خلال منصات التواصل الاجتماعي".
وتساءلت كمبش، عن "اسباب طرح هكذا قانون للمرة الثانية مع اقتراب نهاية الدورة البرلمانية"، لافتاً الى أن "القانون ولد غضبا شعبيا وردود افعال سلبية سيكون لها تأثير كبير في رفض تمرير القانون برغم وجود جهات متنفذة تحاول تمريره".
وأكدت، أن "هناك قوانين مهمة يجب ان تحظى بالاهتمام من قبل مجلس النواب لاقرارها بالفترة المقبلة لما يخدم الصالح العام، والعمل على سن قوانين تتلاءم مع بنود الدستور العراقي من ناحية حماية حقوق كل شرائحه وخاصة المرأة والطفولة".
"الهمجية الرجعية"
بدوره، قال منتدى الحوار الثقافي العراقي في ستوكهولم، في بيان، تلقت "طريق الشعب" نسخة منه، "نفاجأ ومعنا العالم، بطلب ذلك البرلمان تشريع قانون جديد للأحوال الشخصية، وهو ما يعني تعديل قانون 188 لعام 1959، وجعل هذا التعديل قاعدة للتفرقة بين المذاهب، وهذا يعني رفع حالة الخصومات والتعديات بين أبناء الشعب الواحد وجعل القانون ينقسم ويتشظى ليذهب إلى مذاهب وشيع، وأخطر ما في هذا القانون القبيح، هو التشريع والتحليل لزواج القاصرات، وهذا الأمر مخالف لبنود الدستور العراقي الذي أقره الجميع وصوت عليه الشعب، وكذلك سوف يكون مخالفا للمعاهدات والعهود والمواثيق التي أقرتها الأمم المتحدة فيما يخص الطفولة وحمايتها وحقوق المرأة والمساواة".
واضاف "أننا في منتدى الحوار الثقافي في ستوكهولم ندين بشدة هذه التشريعات المجحفة واللئيمة والذاهبة بالمجتمع إلى درك التخلف والتناحر، والتي تجعل المرأة سلعة تباع وتشترى ويعتدى على حقوقها وحقوق الأطفال، ونرى أيضا أن تشريع مثل هذا القانون ليس إلا قبولا ومواكبة وتماثلا مع النصوص الداعشية التي استباحت حقوق الإنسان بالقتل والاغتصاب وبيع النساء وإحلال شريعة الغاب طيلة احتلالها لمدن العراق، ولن نفرق بين من سوف يشرع هذا القانون وداعش في طبيعته الجرمية ومحاولة جعل الأطفال والنساء سلعا وجواري".
مشاورات شاملة
من طرفها، قالت بعثة الأمم المتحدة لدعم العراق (يونامي)، في بيان، اطلعت عليه "طريق الشعب"، انه "استجابة لردة الفعل العامة حيال مسودة قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، فإن بعثة الأمم المتحدة لدعم العراق (يونامي) ارتأت أنه من الضروري الانخراط في مشاورات شاملة وواسعة النطاق حول هذه التعديلات بغية ضمان الاحترام الكامل لحقوق المرأة وحماية هذه الحقوق".
وأضافت، أن "تحقيق المساواة بين النساء والرجال والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء والفتيات من القيم الأساسية للأمم المتحدة ولحقوق الإنسان"، لافتة الى أن "النساء والفتيات في العراق عانت كثيرا من انتهاكات لحقوقهن الأساسية وتعرضن لعنف في الصراعات المسلحة، ولا سيما في مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وهن يتطلعن إلى أن يصبح نيلهن لحقوقهن أولوية في سبيل تحقيق المساواة مع الرجال".
وتابعت، أن "هذا الامر يتطلب فهماً شاملاً للإجراءات القانونية والقضائية التي تحول، في بعض الأحيان، دون تحقيق هذه المساواة، كما أن هناك حاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات قانونية ومؤسسية للقضاء على التمييز ضد النساء والفتيات".
كما قال الممثل الخاص للأمين العام في العراق، يان كوبيش، "أدعو مجلس النواب الى انتهاز فرصة عملية تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي انتقدته مراراً الهيئات المنشاة بموجب معاهدات الأمم المتحدة، من أجل إجراء مشاورات واسعة النطاق حول مسودة التعديلات في جو من المشاركة من أجل تأكيد الالتزام بحقوق النساء والفتيات في العراق وضمان الاحترام الكامل لهذه الحقوق وحمايتها وتحقيقها فيما يخص المسائل المتعلقة بالزواج والقضايا الأخرى".
الى ذلك، اعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، من واشنطن رفض بلادها فكرة تزويج الأطفال القاصرات في العراق، رافضة الخوض في تفاصيل مسودة تعديل قانون الأحوال الشخصية المطروحة في مجلس النواب.
وقالت ناورت، ردا على سؤال بشأن موقف الولايات المتحدة من تعديل قانون الاحوال الشخصية في العراق، إن بلادها كانت في خضم تقييم آثار الأعمال المسيئة لداعش المتمثلة بسجن الأطفال وتزويج القاصرات كمشاكل داخلية في العراق، مضيفة “نقف بقوة ضد فكرة زواج شخص بالغ مع طفلة. القاصرة تبقى طفلة”.
يذكر أنه بموجب المادة الثالثة من التعديل المقترح “يلغى نص البند (5) من المادة العاشرة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل، ويحل محله ما يأتي: 5- يجوز إبرام عقد الزواج لأتباع المذهبين (الشيعي والسني) كل وفقاً لمذهبه (…)".