مدارات

اقتصاديون يطالبون باعتماد "البطاقة الذكية" في توزيع التموينية / أحمد حسن الياسري

دعا خبراء في مجال التجارة والاقتصاد، مجالس المحافظات إلى اعتماد أجهزة إدارية تتمتع بتقنيات حديثة في إدارة ملف البطاقة التموينية. وكان مجلس الوزراء قد قرر مؤخراً، تحويل مهمة توزيع مفردات البطاقة التموينية من وزارة التجارة إلى مجالس المحافظات، وتفعيل هذا القرار يتم في بداية شهر تموز من العام المقبل.
وأقام مجلس محافظة بغداد يوم الأحد الماضي، ورشة عمل حول البطاقة التموينية في ضوء التوجيهات الجديدة، وكانت الورشة بالتعاون مع المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي.
وأدارت الورشة التي أقيمت في قاعة اجتماعات المجلس، من قبل صباح التميمي عضو بمجلس بغداد، وحضرها عدد كبير من خبراء التجارة والاقتصاد وعدد من الوزراء في الحكومة السابقة.
وأكدت التميمي في كلمة افتتاح عمل الورشة، أن "مفردات البطاقة التموينية لم تكن بالمستوى المطلوب لحاجة المواطن بعد عام 2003"، معللة ذلك بالقول، إن "الفساد المالي والإداري المستشري في وزارة التجارة كان هو السبب الرئيس في تلكؤ توزيع المفردات".
وبعدها، كانت المداخلة لوزير العلوم والتكنولوجيا السابق رائد فهمي، أن "عملية تحويل البطاقة إلى مجالس المحافظة، نأمل أن تسهم في تنشيط القطاعات الإنتاجية، في الزراعة العراقية، والقطاعات الخدمية المتعلقة بالخزن وغيره". وأيدّ فهمي تفعيل مقترح البطاقة الذكية، معربا عن تخوفه من "استغلال التجار للسوق"، مبينا أن "السوق في العراق غير منظمة، بالتالي الحديث عن السوق كأنها منظمة يدخلنا في مخاطر كبيرة، فلدينا احتكار في السوق فلذلك عندما نتحدث عن السوق، نتحدث أيضا عن نظم السوق، وإدارة السوق".
وبين فهمي أن "أخذ تعهد من غرفة التجارة بعدم زيادة الأسعار، لا قيمة له، فالتاجر غير مسيطر على الأسعار ولا يستطيع أن يعطيك تعهداً".
واتفق وزير العلوم والتكنولوجيا السابق، مع من يقول أن "سبب تردي مفردات البطاقة التموينية، هو تسييس هذا الملف، للاستفادة من الأموال المخصصة له"، مشيرا إلى أنه "إذا كان لا بد من تأمين حسن استخدام هذه الأموال، فيجب أن نزيل هذا الملف من احتمال التسييس، وتحويله إلى أجهزة إدارية، حتى لا تستطيع الحكومات تغييرها".
وأشار إلى أن "كل التجارب اللامركزية رافقتها في المراحل الأولى زيادة في الفساد حتى في البلدان المتقدمة، لعدم تفعيل الجهات الرقابية بشكل تام، ولا نستغرب أن يحدث فساد في تجربة نقل البطاقة التموينية إلى المحافظات، ونحن نخشى انه في البداية تتدهور الأمور، ما لم نسعى في وضع حلول لها وأولها حل مشكلة التعاقدات، ولابد أن يكون هذا التعاقد يتم على مستوى المحافظة، بمعزل عن الحساسية السياسية، ولابد من أن يكون جهازا متخصصا معزولا عن التأثير، يعمل بصورة مهنية".
ورأى فهمي، أن "التنقيد شيء منطقي، ولكن التنقيد في ظل هكذا سوق، فأن القدرة الشرائية ممكن أن تتعرض إلى التآكل، وهي مخاوف مشروعة، وإذا ردنا أن نلجأ للتنقيد، لابد من أن نثبت الأسعار من خلال إعادة إنشاء الأسواق المركزية، أو التعاونية، حينها سنحافظ على مصلحة المواطن".
و بعدها بين، عضو مجلس محافظة بغداد نزار سلطان، أن "وزارة التجارة أفادت لنا، بأن البطاقة التموينية لا توجد في هيكلية عمل الوزارة، وإنما كلفت إبان التسعينيات في إدارتها، وبينت أنها وزارة تتسم بالسياسة الاقتصادية، وعملها ليس مقتصراً على إيصال البطاقة التموينية، والتي بسببها انحرفت الوزارة عن عملها الأصلي".
واقترح سلطان اعتماد مشروع البطاقة الذكية في توزيع المفردات، مشيراً إلى "إعطاء خيارات للمواطنين فيها، إما يريد مواد غذائية، أو مبالغ مالية؟".
ومن ثم قدمت صباح التميمي مديرة الجلسة سؤالاً إلى الحاضرين، حول ما هي الخيارات أو المقترحات التي تقدموها إلى مجالس المحافظات بشأن إدارتها لتوزيع البطاقة التموينية؟.
وقدم مثنى جبار عضو في المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي، ورقة مقترحات للمجلس، وتناولت الورقة المعوقات التي يواجهها المجلس في واجباته الجديدة، والمقترحات لمعالجة هذه المعوقات، ومن ضمن المقترحات هي تفعيل العمل الرقابي، والاعتماد على الشركات في توزيع المفردات على المواطنين.
بدوره، أوضح مظهر السباحي، مدير المعهد التنفيذي للمعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي، أنه "يجب إعادة قرار مجلس الوزراء بشأن موعد تسليم المهام إلى مجالس المحافظات، فالوقت غير كافٍ حتى تتمكن المحافظات من إكمال جميع إجراءتها"، مشيرا إلى أن "هناك استبيان أظهر أن هناك موافقة من قبل المواطنين على البدل النقدي، وأن هناك 66 بالمئة منهم يريدون تسلم الأموال من قبل الوكيل، وقسم من المصارف، بينما البعض يريد مواد غذائية". وشدد السباحي على ضرورة "إعادة فتح جمعيات التعاونية للعوائل الفقيرة، حتى لا يتمكن التجار من رفع أسعار ا?مواد الغذائية في حال تحويلها إلى نقود".
وأشار إلى انه "يجب أن يكون هناك اتفاق مع شركات محلية وأجنبية لتسليم مغلف كامل للحصة لمن يريد مواد غذائية"، مشددا على أن "التعاقد مع هذه الشركات يجب أن يكون وفق الشروط، ومحاسبتها في حال تأخرت عن التوزيع في مواعيدها المحددة".
وبعدها قدم عدد من الخبراء الاقتصاديين مقترحاتهم في الورشة، وجميعها شددت على ضرورة تفعيل الجانب الرقابي، وإبعاد التسييس عنه.