ما قبل ...وما بعد ألانتخابات/ د.محمود القبطان

أكثر من كاتب ومراقب بدأوا بمقالات حول ما قبل وما بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق مؤخرا. وكل من كتب حول هذا الموضوع أنطلق من تصوراته الشخصية وواقع الانتخابات وتجربته حول أوضاع العراق بكافة المجالات.
1:ما قبل الانتخابات، احتدت حمى الدعايات على مدى أكثر من أربعة أسابيع، عبر الصور واللافتات والدعايات في الفضائيات المنحازة وغيرها، ولم يبق شيء إلا وجُرب في هذه الدعايات وصولا الى توزيع الهبات والأراضي على مواطنين معينين من قبل المندوبين أو الممثلين لهذه الكتلة أو تلك، وصولا الى ما قام به النائب محمود الحسن ، كما ظهر في مقاطع على اليوتوب ،بالدعوة لانتخاب دولة القانون ووعود المالكي لهم بتوزيع الأراضي لهم، فيما نفى هذا الأمر المالكي بنفسه، وهنا يسأل المرء ، أين القضاء من فعل النائب الحسن ودجله وكذبه على الناخبين؟ قتل احد مرشحي التحالف المدني المستقل في البصرة وهو إمام جامع وشيخ وفي وضح النهار، وليس هناك من أدان هذه الجريمة في دولة اللا قانون، حيث صمتت الشرطة صمت الأموات، وربما سوف تعتبر جريمة عادية من قبل مجهول، كما في كل الحوادث من هذا القبيل. الفضائية العراقية جندت كل مواهبها وإمكانياتها لدعم دولة القانون وقائدها دون منازع، واللقاء ما قبل يوم الصمت الانتخابي مع المالكي الذي قدمه كريم حمادي كان دعما لا حدود له للمالكي ولم يخف هذا الأمر حتى على طرشان وعميان هذا الزمن الأغبر. والغريب في الأمر ان المالكي يعيد قوته ومكارمه بأنه هو من وقع على إعدام صدام، وكأنه يقول أنا من أستطاع على الفعل وليس غيري وكأنه ليس من صلب أعماله أن يتحدث عن الخدمات وما قدمته دولته في هذا الشأن، وليس الحديث عن إعدام حدث قبل أعوام عدة والذي أعطاه صك للفترة الثانية. يقول المالكي في هذه المقابلة، انه يعلم ويعرف من عطّل إنجاز مستشفى النجف ومن ائتلافه تحديدا، ونسى انه افتتحها باحتفال كبير دون أن يوجد مريض أو جهاز، كما حدث في المدينة الرياضية في البصرة حيث حضر حفل الافتتاح من ينتسب له ولحزبه ، والمدينة الرياضية ليومنا هذا لم يتم إنجازها. القضاء انحاز بشكل سافر لكتلة دولة القانون حيث اقر ،القضاء، إبعاد بعض المرشحين لاسباب شخصية بينما سمح للمجرم مشعان الجبوري بالترشح للانتخابات.
2: ما بعد الانتخابات، منذ اللحظة التي انتهت بها الانتخابات بدأت التصريحات من هو الفائز، فلم ينتظر الحكيم إعلان المفوضية للنتائج وإنما قالها انه هو الفائز بعد أقل من ساعتين على غلق صناديق الانتخابات، في حين رئيس المفوضية قال النتائج الأخيرة سوف لا تعلن قبل شهر من يوم انتهاء عملية الانتخابات. وفي اليوم التالي فنّدَ المالكي تصريح الحكيم وبدأت المماحكات والتصريحات وما ضدها حول النتائج التقريبية. الملفت للنظر أن المرجعية والتي هي في موقع المرشد الأبوي الديني للجماهير قالت مرارا وتكرارا إنها تقف على مسافة واحدة من كل الكتل، وأظن إنها تقصد الكتل الإسلامية الشيعية تحديدا.
صرح الشيخ بشير ألنجفي تصريحا خطيرا في الدعوة على عدم انتخاب المالكي بكلمات لا يشوبها التأويل، ثم استفادت الفضائية البغدادية ببث باقي التصريح الخطير للنجفي في يوم الصمت الانتخابي مخالفة كل قوانين العالم في مثل هذا اليوم ، بدعوته الصريحة الى انتخاب كتلة المواطن لعمار الحكيم. بغض النظر عن ما قالته المرجعية لمرات عديدة فأنها قالت انتخبوا الأصلح ومن له تجربة، وهذا ليس فيه التباس هو الآخر في من سوف ينتخب المواطنون ومن أية كتلة. وبشير ألنجفي ليس بعيدا عن المراجع الكبرى في النجف فهو احد أعمدتها بغض النظر عن موقف الفضائية العراقية لصاحبها دولة القانون أو أعضاء دولة القانون نفسها. ودليل آخر على تبني المرجعية كتلة المواطن هو حضور احمد الصافي ، وهو ممثل آية الله علي السيستاني في النجف الاشرف الى حفل خطابي أسبوعي عند الحكيم في 2 مايس، الجمعة الفائتة. كثير من الكتل أدعت، سواء بمعرفة واقعية أو شك، بأن التزوير حصل وفاق درجة المقبولية. لكن الأطرف في الأمر أن تسريبات من المفوضية نفسها أعلنت عن عدد الأصوات التي حصل عليها رئيس مجلس محافظة بغداد ومحافظها السابق صلاح عبدالرزاق ب 179 صوت ويليه في الاختبار حسن السنيد حيث حصل على 300 صوت أما الباقي المتبقي من أصحاب التصريحات النارية والحضور أمام الكاميرات عباس ألبياتي
وعلي الشلاه وحيدر ألعبادي فلم تتجاوز بضعة مئات صوت، لكن من يقف وراءهم المالكي وأصواته فسوف يمنحها لهم ليكونوا "ممثلين للشعب" لأربعة أعوام قادمة. من له الغيرة والحياء السياسي والشخصي من هؤلاء الزمرة أن يقولوا لناخبيهم شكرا لكم لكننا لم نحصل على المئة ألف أو أكثر، فينسحبون بشرف من البرلمان ولا يقبلون عطايا السيد الرئيس. لكن لا أعتقد إنهم فاعلون لانهم فقدوا الغيرة والحس الوطني.
وما ظهر على شاشات التلفاز اليوم وعلى أكثر من فضائية هو حمل السلاح الخفيف والمتوسط من قبل عشيرة الظوالم لان مرشحهن فقد الأصوات التي منحوها له ويقولون حدث تزوير. المسالة مسألة مرشحي العشائر أم أحزاب أم كتل؟ هل هو برلمان عشائري أم ماذا، بغض النظر عن مما لحق بهذا المرشح في محافظة المثنى من غبن ،لان يفترض ان القانون سوف يحل "المعضلة" للظوالم ومرشحها.
أمس وعلى قناة البغدادية مع عماد ألعبادي قال الناطق باسم كتلة المواطن التالي:رئاسة الوزراء للائتلاف الوطني وهذا استحقاق لا نتنازل عنه!!ماذا لو النتيجة غير ذلك؟ هل نحمل السلاح مجددا بوجه الفائز؟ثم قال هناك ثلاث مكونات سوف تدير الدولة، الحكومة: الشيعة والسنة والأكراد.لكن ماذا عن باقي "المكونات" هل نمحيهم أم نهجرهم خارج العراق؟ أين الدستور الذي يقر بأن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات؟ هل سوف تلغى كلمة المواطنة والوطن وتتحول الى كلمة مكونات؟
وفي الإقليم هناك صراع على من يكون الرئيس للدولة "المقسمة" ؟قباد جلال الطالباني طرح اسمه من قبل حزب أبيه،لكن هل هي رئاسة جمهورية وراثية ونعيد ما في باقي الجمهوريات العربية سابقا؟ كم مرة ظهر قباد المرشح لرئاسة جمهورية العراق بمقابلة مع الإعلام العراقي من قبل؟هل الرئاسة بقت محكومة لحزب كردي هو أوك دون غيره؟ كم إنسان يعرف صورة لقباد في الإعلام سابقا؟
كذلك ما بعد الانتخابات، اليوم أعلنت وزارة الكهرباء عن الإجبار بدفع المتسحقات من فواتير الكهرباء المتراكمة ومن لا يدفع يقطع عنه التيار. حيلة انتخابية هي الأخرى حيث لم تتجرأ وزارة الكهرباء على هذا الفعل قبل انتهاء الانتخابات خوفا من فقدان الأصوات التي سوف يحض بها المالكي. لكن هل يستطيع إكمال فعله باسترجاع دور الدولة التي احتلها الناس دون سند قانوني بعد السقوط، العمارات السكنية التي كانت مزودة بأحدث التقنيات مثل الطاقة الشمسية عل ضفاف دجلة في الكرادة الشرقية؟
كل يوم يمر دون إعلان نتائج الانتخابات هو سوف يكون في موضع شك التزوير. فقد قال مقداد ألشريفي المدة التي سوف تستغرق لإعلان النتائج هي من 20 الى 30 يوم ،لكن بعد تصاعد حملات الاعتراضات والتشكيك بالتزوير قال 10 أيام. لماذا الكذب على الشعب .كيف وعلى أية أسس تقاس نزاهة الانتخابات؟
التحالف المدني الديمقراطي، بالرغم من تواضع الإمكانيات المادية والإعلامية فقد أنجز مناصري هذا التحالف الكثير وبقوة ما لم تنجزه دعايات المرتشين لان دعاية نظيفة وبأيادي نظيفة اشرف من دعايات بالملايين من الدولارات القادمة من الخارج ومن أموال الدولة لخداع الناس.لم يوزعوا الأراضي ولا الوعود الكاذبة ولم يهددوا أحد، ولذلك نصرتهم الجماهير بغض النظر عن عدد المقاعد التي سوف يحصلون عليها...لكن..
وكما كنت قد كتبت فور انتهاء انتخابات عام 2010 وانتخابات مجالس المحافظات الأخيرة في نيسان الماضي ،كتبت ان على كل القوى المؤمنة بالدولة المدنية الديمقراطية ان توحد جهودها لخوض معارك الانتخابات، وفي أول المهام هو التفكير الجاد بتأسيس فضائية خاصة بهم وبالقوى المحبة للوطن والشعب
لان الإعلام لهم صولة خاصة في هذه الظروف التي يمر بها العراق. هي طالت أم قصرت فترة الخداع فسوف ينتبه الشعب العراقي على وضعه حيث المحاصصة الطائفية والقومية المقيتة التي يسير عليها العراق ويُغير المسيرة لصالح مستقبله .