«أَلعَبْ و أَخَربْ المَلعبْ» / مازن العاني

عجيب أمر بعض الساسة و الكتل السياسية، ساسة الصدفة وكتل ملء الفراغات، ساسة وكتل التوازنات و الصفقات الطائفية و الاثنية، أُس الداء و البلاء في بلد الائمة و الانبياء.
عندما يتعلق الامر بغزو وزحف غير مقدسين على مناصب عليا ووزارات ودرجات خاصة، يستلون سيوفهم ورماحهم ويتصدرون الغزوة، بكل ما أوتوا من قوة و من دعم داخلي وخارجي، كي يكون لهم دور اساسي في اللعبة، وكي يحصلوا على حصة اكبر وادسم من الغنيمة: مقاعد وثيرة في الرئاسات الثلاث، وحقائب سيادية، واخرى دبلوماسية، ودرجات خاصة للمحاسيب والمريدين، وللاقارب والحبايب من كل شاكلة ولون، ممن تفوح من بعضهم رائحة الفساد حتى قبل تنصيبه.
لكنك حين تتابع اداءهم السياسي ترى العجب العجاب. تراهم يتصدرون مشهد المعارضة بأقوى و أشد صورها، لتلك الحكومة التي تجمعهم مع الشركاء. حتى لتبدو امامهم المعارضة الشعبية في الشارع خجولة، و كأنها اقرب للحكومة من معارضتهم الصاخبة. لذا فهم لا يوفرون جهدا في تخريب الملعب، الذي اصروا على ان يكونوا طرفا رئيسيا في وضع أسسه و لبناته الاولى، و فريقا يتصدر اللعب و التحكيم فيه. كأن منهجهم هو "ألعب وأخرب الملعب".
وفي مناسبات عدة، حين كان يجري تمرير مواقف او سياسات لا تنسجم مع مزاجهم أو تستجيب لمصالحهم ولما يريدون، كانت أصواتهم تتعالى بالتهديد: "لو ألعب لو اخرب الملعب"! وقد تمكنوا حقاً في مرات عدة، من تخريب الملعب وتعقيد الاوضاع الامنية و السياسية في البلاد.
في المقابل تتلخص استراتيجية اللاعب الآخر في الملعب بحكمة تقول: «الهزيمة يتيمة، اما النصر فله ألف أب». لذلك يسعى هذا الفريق دوما الى ان يبدو «مزهواً بالنصر» في كل خطوة يخطوها او قرار يتخذه، ويرى فيه مصلحة عامة للناس و البلد. فيبذل كل جهده كي يُجيّر هذا الاجراء لصالحه وحده، من دون غيره من شركاء الملعب الآخرين. أما عندما يتعلق الامر بالاخفاقات والخيبات ونكث الوعود، وهي كثيرة والحمد لله، فنرى هذا الفريق حريصا على ابراز شركائه، كي يحملهم مسؤولية الاخفاق والفشل المتواصلين للاداء الحكومي.
العراق يا «ساسة آخر زمان» بحاجة الى رجال يتحلون بأخلاق الفرسان كي ينهض من كبوته، وليس بحاجة الى «لعّيبة» بوكر «يبلف» بعضهم بعضا فوق الطاولة، ويتشاركون في الفساد ونهب ثروات الشعب من تحتها. انه بحاجة الى ابناء ابرار، يصونون الامانة والوعد ويوفون بالعهد. ابناء يهتفون أمام الملأ في حالات النصر او الانكسار، و بملء الفم وأعلى الصوت: «إحنا الـ أسسنا الملعب وإحنا الـ نعلب بيه»، و» إحنا» مع الشعب، ومسؤولون أمامه، وخاضعون لمحاسبته، ونخشى غضبته، لاننا نعرف جيدا:
وإن غضب الحليم تظخسفا نُ      أصاب الكون فالدنيا تثور