شيء عن الحياة ! / يوسف أبو الفوز

كنت وجليل نتبادل أطراف الحديث عن ما جرى ويجري في بلدة آمرلي الصغيرة، وما تعرض له أخواننا التركمان على أيدي المجرمين الدواعش، وكيف أن الارهابيين ومن يدعمهم، لن يرحموا أيا من العراقيين، فمن بعد مآسي المسيحين والإيزيدين جاء دور التركمان، لينالوا حصتهم من الظلم والارهاب على أيدي المنادين بأسم الله زورا. وأنتقلنا في حديثنا الى الدور المشهود للكثير من المثقفين الغيارى، في توعية وتحشيد الناس ضد الهجمة الارهابية الغادرة، التي تستهدف كل العراقيين ومستقبل البلاد. كنت سبق وتحدثت أيضا عن نوع أخر من المثقفين، ارتفع عندهم للأسف حسهم الطائفي والقومي، ونسوا كل ما كانوا ينادون به من روح التسامح والتآخي، فصاروا لا يرون من الاخر سوى طائفته وقوميته. قال جليل :»هؤلاء زبد يزول، لا يعبرون عن روح وجوهر الثقافة العراقية، المشكلة الحقيقية مع نوع صلف من الانتهازيين». وأندفع جليل يتحدث بحرقة : «هؤلاء لا يخجلول من سلوكهم، رغم أن روائح مواقفهم تزكم الانوف. بعضهم ردح وغنى للديكتاتورية والمجرم صدام حسين وكتب المعلقات الفارغة، وكفروا بالشعب لاجل فتات حزب البعث، وما أن سقط الصنم حتى نزعوا الزيتوني بسهولة فائقة ، وأرتدوا اثواب الوطنية من كل لون واندسوا هنا وهناك. يردحون لكل مانح ويظنون ذاكرة الناس تموت بسرعة، وان كلاما معسولا ينثرون عليه بهارات الوطنية يمكن ان يخدع الناس ويعمي بصيرتهم».
لاحظت ان أبو جليل زحف بهدوء، ليكون قريبا منا، ليسمع جيدا، وسرعان ما قال : «لا تستغربوا أمثال هؤلاء، تعرفون ما يقال عن ذيل الكلب، اربعين يوما وضعوه في قصبة وما أستعدل. بهذا الزمان، أكو ناس بعد اربعين سنة ويرجعون ما يعرفون غير مسح الكتف والتذلل لكل من عنده نفوذ ويدفع بالاخضر».
ضحك صديقي الصدوق أبو سكينة، وقال لابي جليل: «سوالفك قديمة يا ابو جليل، قصبة وذيل كلب، أكو ناس تستهين بأي مباديء ولا تعرف معنى العفة في الموقف». والتفت لي: «بروح موتاك ما تتذكر لنا سالفة ترهم عن هؤلاء اللي يلطمون بكل عزاء ... مثلا سالفة الطالبة الروسية اللي ...؟»
وهذه حكاية سبق وان رويتها مرارا لأبي سكينة وتندرنا بها، وحدثت في السنوات الاولى بعد أنهيار الاتحاد السوفياتي، مع أنتشار النمط الامريكي من الحياة وظهور فنادق تعمل بالطرق والمفاهيم الاستهلاكية في روسيا، واثارت الكثير من التعليقات،عن طالبة روسية أمتنهت الدعارة في احد هذه الفنادق، وتحدثت للصحافة بأنها اوقفت دراستها لسنتين، حيث ... «خلال سنتين سأجمع مبلغا طيبا يساعدني على أكمال دراستي وثم يمكن العيش حياة شريفة»!