الانتخابات السويدية والانحراف نحو اليمين / د.محمود القبطان

في 14 أيلول ,كما في كل أربعة أعوام, انتهت الانتخابات البرلمانية بإعلان فوز قائمة الحمر- الخضر ليطوي اليمين السويدي المحافظ صفحة حكمه لمدة 8 أعوام بخسارة كبيرة لكل ائتلافه المكوّن من أربعة أحزاب. في حين ارتفعت نسبة حزب البيئة واليسار والاشتراكيين الديمقراطيين قياسا للانتخابات السابقة ولكن بنسب غير عالية في حين فاز الحزب الأكثر تطرفا وهو حزب ديمقراطيي السويد بنسبة 12,9% أي بمعدل الضعف عن الانتخابات السابقة وأصبح بيضة القبّان في البرلمان والذي لا يمكن تجاوزه.

لقد طرح الاشتراكيون الديمقراطيون مع حلفائهم من حزب الخضر واليسار برنامجا متوازنا يحافظ على البيئة والقطاع العام بشكله العام ,كانوا ضد انفتاح خصخصة المدارس لتدر الأرباح على كبار الرأسماليين. وكان من المتوقع أن يأتي وزير أو أكثر من حزب اليسار وكذلك من حزب الخضر. وبالنسبة لحزب الخضر لا يهم مع من يأتلف لان هدفهم هو البيئة وإغلاق المفاعلات النووية الخاصة بالطاقة والى آخره من المطالب التي تخص البيئة.

لكن ما أن ظهرت نتائج الانتخابات حتى علا صوت الاشتراكيين الديمقراطيين(الحمر) ليقولوا إنهم سوف يأتلفون مع حزب الخضر ولا مكان لحزب اليسار في الوزارة الجديدة مما اضطر رئيس الحزب ليعلن أنه في صف المعارضة من الحكومة الجديدة. وحتى لا تسقط حكومة الأقلية التي سوف تتشكل من الحمر والخضر وبدون اليسار تقرب رئيس الحكومة المكلف بأن يعقد اتفاق مع اليمين الذي كان يدير الدولة لمدة 8 أعوام, لكن الأخير له مطالبه لكي يكون في خط عدم معارضة الحكومة الجديد وهي أن. يتعهد رئيس الحكومة الجديد ستيفان لوفين بأن يُبقي على خصخصة المدارس , والموقف من الهجرة وتقوية الدفاع, وهذا ما يتناقض أساسا مع ما كان الاشتراكيون الديموقراطيون يبشرون به. إجمالا يمكن الاستنتاج إن الاشتراكيين الديمقراطيين لم ولا يوفون بوعدهم عندما يشعرون بقوة في الانتخابات, وهذا ديدنهم ويستندون الى مساعدة حزب اليسار في توجهاتهم في البرلمان لإدارة الدولة ويديرون ظهورهم لهم عندما تنتفي لهم الحاجة ولذلك يحاول ستيفان موفين التقرب الى اليمين حتى لا يسقط في أول استفتاء عليه في البرلمان.

لماذا لا تتعاون الأحزاب السويدية مع حزب الديموقراطيين السويدي المتطرف؟ أساسا نشأ هذا الحزب بتوجهات قومية متطرفة وخاصة بسبب الهجرة المتزايدة للسويد, واليوم معروف إن بعض النازيين السويديين في هذا الحزب يصرحون علنا ضد الأجانب ويعتبرون تدهور الوضع الاقتصادي بسبب المهاجرين الى بلدهم. وقد اضطر الحزب لان يُقيل البعض ممن صرحوا علنا حول هذا الموضوع. واليوم تنشر الصحف سببا معقولا في هذا الاتجاه ومن خلال شعاراتهم التي رُفعت أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة هو: الرفاه الاجتماعي أم تزايد قبول المهاجرين؟ وهذا هو السبب في عدم التعاون معهم لحد الآن, لكن هذا الحزب يملك من الإمكانيات للتقلب الميكافيلي ليصل الى قلب الناخب وليس بعيدا من باقي الأحزاب ماعدا حزب اليسار والذي يرفض رفضا قاطعا فكرة التعاون معه.

وأخيرا بعد فشل حزب المحافظين السويدي وائتلافه في الانتخابات قرر رئيس الحزب استقالته في الربيع القادم من ليس فقط من رئاسة الحزب وإنما اعتزاله السياسة وبنفس الاتجاه حذا حذوه وزير المالية أيضا. وفقط لتشابه الخطوات الجريئة التي يمكن أن يقدم عليها رئيس حزب بعد فشله يمكن أن نرى هذا في الحزب القومي الاسكتلندي عندما فشل في جر البلاد الى الانفصال عن إنكلترا ومن ثم قدم استقالته من الحزب لأنه لم ينجح. هل يمكن أن يحدث مثل هذا في العراق أم يعين الفاشل في منصب, وإن كان تشريفيا, نائبا لرئيس الجمهورية. وهل هذا هو الحل بالنسبة له ليبقى في حماية القانون؟