امريكا لن تتركنا !! / مسلم يقوب

مرة سمعت حكاية نكتة ظلت في بالي للان . فحوى النكتة ان احد الشباب العابثين الاغنياء كان يجلس في احدى مقاهي بغداد اواخر ايام الدولة العثمانية. وكان يجلس معه صديقه الشاب المفلس. في حين كان فرد ضخم ذو رقبة سمينة، من الجندرمة يسير في الشارع المقابل للمقهى ذهابا وايابا متنكبا بندقيته في نوبة حراسة للمنطقة. في تلك اللحظة طلب الشاب الغني من صديقه المفلس ان يضرب رجل الجندرمة الضخم على علباه السمينة لقاء مبلغ من المال يعطيه له في الحال . فوافق المفلس على مضض. وغافل الحرس وضربه على علباه. وحين امسك الجندرمة بالمفلس، قال له معتذرا :
- والله ظننتك فلانا صديقي . فاطلق الجندرمة سراحه على ان لايعيدها ثانية. وحين عاد الى المقهى وجد صديقه الغني اللعوب يضحك ملء شدقيه ويكاد يسقط على الارض. وعندها قال له :
- لو ضربت الجندرمة على علباه مرة اخرى لضاعفت لك المبلغ. فقام المفلس وضرب الجندرمة. وحين امسك به الجندرمة. قال له متوسلا كما قال له المرة الاولى فاطلق سراحه غاضبا هذه المرة. على امل ان لا يعيدها ثالثة. كل هذا والغني يضحك. ويطلب من المفلس ان يعيدها مرة اخرى واخرى ويضاعف له المبلغ اكثر فاكثر. والمفلس يضرب الجندرمة متحملا منه كل ما كان يصدر منه من اهانة وتهديد، امام اغراء المال. واخيرا قال المفلس للجندرمة :
- تريد الصدق، مازال هذا الجالس هناك في المقهى عنده المال ومازلت انا مفلسا فسأظل اصفعك واصفعك حتى تقوم الساعة .
ان حكاية امريكا معنا تشبه الى حد بعيد هذه الحكاية النكتة. فنحن عندنا المال والطاقة اللذان تحتاجهما امريكا لإدارة عجلتها الرأسمالية الصناعية الزراعية المتطورة. ولكي تديم دوران هذه العجلة ستظل تخترع اساليبا ضاغطة . فمرة تحاربنا باختراع الانظمة الشمولية، كصدام حسين، ومعمر القذافي ووووو . ومرة اخرى باختراع الحروب الحدودية والاهلية. ومرة اخرى باختراع منظمات ارهابية باسم الاسلام كالقاعدة والنصرة وداعش والآتي لا يعلمه سوى الغرب وامريكا نفسها !!
فأمريكا عادت لشعوبنا التي اسقطت انظمتها الشمولية الدكتاتورية التي صنعتها هي سابقا، بعد ان طردتها الشعوب الثائرة من الباب لتدخل من شباك الطائفية والحروب الاهلية . وستكون المرحلة المقبلة هي مرحلة التخطيط للتجزئة والحروب الحدودية بين الاجزاء .
فأمريكا لم تأتِ للعراق لإسقاط صدام حسين وهي التي اطالت في عمره عندما سقط في عام 1991 بعد حرب الكويت مباشرة. ثم ان السؤال هو من اتى بصدام ؟ على رأس السلطة في العراق وقد صعد بعد ثورة الخميني مباشرة في ايران وفي نفس سنة الثورة في عام 1989 وامرته بشن الحرب على ايران وامرت دول الخليج النفطية بتزويده بالمال والسلاح اللازمين لإدامة الحرب معها. وان من يعتقد ان مشكلة العراق تكمن في الخلاف المذهبي بين الشيعة والسنة او بين العرب والاكراد فهو واهم . وواهم ايضا من يعتقد ان داعش او القاعدة او النصرة منظمات اسلامية. ثم ماهي مصلحة امريكا العلمانية مع انظمة السعودية وقطر وهما الدولتان اللتان تصدران الارهاب وتؤدلجانه ان لم يكن لإدامة الصراع الإسلامي الإسلامي ؟
يبقى السؤال : هل تستطيع دول ومنظمات الممانعة والمقاومة الصمود في وجه الغول الامريكي الشرس ام انها ستسقط وتصبح في خبر كان كما اصبح الاتحاد السوفياتي وهو الدولة العظمى الوحيدة التي كانت قادرة على ايقاف السرطان الامريكي عند حده ؟ . ام ان على العالم العربي والاسلامي ان يفهم ما تريده امريكا ليعيش بسلام ؟؟
ذلك امر لا يحتاج الى نقاش طويل !! وقديما قالت نساؤنا " المايشوف في المنخل اعمى " اي ان الشمس لا يحجبها الغربال .