آه... يا بلد (1) / مازن العاني

ودعت وزارات الدولة ومجالس المحافظات عام 2013 وهي مثقلة بـ 9 آلاف مشروع متلكئة، ابتلعت 280 تريليون دينار. هذا ما يقوله اقتصاديون متخصصون وتعترف به وزارة التخطيط...! ويؤكد مسؤولون ان مدى التاخير في انجاز بعض هذه المشاريع وصل الى أربع او خمس سنوات..!
ويتندر المواطنون بمرارة وهم يقارنون بين بناء برج إيفل في عامين قبل أكثر من قرن، و عدم انجاز مشروع تقاطع بطول ثلاثمائة متر فقط لا غير في ستة اعوام، والمقصود تقاطع شارع الجمهورية - باب المعظم في العاصمة بغداد.
نعم أمسى التلكؤ في انجازالمشاريع عادة مألوفة في العراق، والسبب يعود الى خليط عَكِر، تشكل صفقات الفساد مادته الاساسية، يضاف اليها جهل في تصميم المشاريع وتخلف في تنفيذها ومساومات مشبوهة في الرقابة، وتراخي وتهاون في الحساب والعقاب. كل ذلك قاد الى اخطبوط أسود من علاقات معقدة وغير نزيهة، ادت في النهاية الى غض الطرف عن الفاسدين والمتورطين، لتقع الطامة الكبرى فوق رأس المواطن وعلى حساب ثرواته والخدمات والتسهيلات التي ينبغي ان تقدمها له الدولة .
شكوى المسؤولين والشكوى لغير الله مذلة:
*" محافظة بغداد اكبر الدوائر الحكومية فساداً وتعاطياً للرشوة.. وقد ضبط العديد من ملفات الفساد في مشاريع العاصمة يصل حجم السرقات فيها الى عشرات المليارات.. وبلغ حجم السرقة في احد هذه المشاريع80 مليار دينار، اي ما يعادل بناء 800 وحدة سكنية في بغداد..". - محافظ بغداد
*"العديد من المشاريع المتلكئة، هي أشبه بالمشاريع الوهمية"
- عضو في لجنة الخدمات بمجلس محافظة بغداد
*"الكثير من المشاريع تلكأت بسبب الاعتماد على الشركات غير الرصينة ، فضلا عن تفشي الفساد" - وزارة التخطيط
*"مشاريع مجاري المياه متأخرة بسبب الفساد الاداري" - وزير البلديات
*" بناء المدارس وتأهيل المجاري وغيرها من المشاريع مر عليها وقت طويل من دون اي تقدم إلا بنسب انجاز بطيئة جدا." - محافظ كربلاء.
*مشروع تأهيل مستشفى الحلة التعليمي، الذي تبلغ كلفته عشرة مليارات دينار، مضى عليه قرابة ست سنوات، متجاوزاً المدة المحددة لإنجازه بأربع سنوات. - نائب محافظ بابل /محافظ بابل وكالة.
*" مشاريع متلكئة موروثة من سنين سابقة آذت البصرة بشكل كبير وتسببت في مشاكل كبيرة للمحافظة". محافظ البصرة.
* بلغ عدد المشاريع المتلكئة في محافظة الديوانية 43مشروعا وبكلفة إجمالية تصل إلى أكثر من 400 مليار دينار (نحو 350 مليون دولار).
كثيرة هي المشاريع التي غالبا ما يرسو تنفذيها على شركات كبرى تسمى "رصينة" لا يؤخذ من رصانتها سوى الاسم، لتحال بعدها إلى شركات أقل "رصانة" ، ثم اخرى أصغر فاصغر أكثر خِفة واستهتار، وتنتقل أحياناً الى " مقاولين" ثانويين عديمي الرصانة و سيئي السمعة، ينفذونها بشكل سطحي دون حساب اوعقاب.
شركات ومقاولون لا تنفع معهم قوائم سوداء او بطاقات حمراء، يستخفون بالتنبيه والانذارت لانهم محميون من جهات خفية. وما دام رب البيت بالدف ناقراً فسيبقى السراق واللصوص على حبال الفساد يستهترون.
لم نسمع حتى اللحظة عن شركة جرت محاسبتها او مقاول تم تغريمه، رغم ان العراق هو من الدول التي تمتلك حكومتها اكبر عدد من اجهزة الرقابة و التفتيش؛ فهناك مفتش عام فضلا عن جهاز رقابة داخلية في كل وزارة، الى جانب ديوان الرقابة المالية و هيئة النزاهة و العشرات العشرات من الجهات القضائية.