القمل والجرَب إرهاب آخر يغزو النازحين..! / د. سلام يوسف

وصل ما يزيد على المليونَي نازح قسراً الى الملاذات(الآمنة) ،ولكون الفوضى تضرب بأطنابها في كل أرجاء البلد جراء سياسة المحاصصة (الاستحواذية) المقيتة ،فلا الجهات التشريعية شرّعت ولا التنفيذية نفّذت قانون الطوارئ العام(حيث أن التهجير القسري يعد حالة طوارئ كما يحصل في الزلازل والفيضانات ـ علماً أن الكوارث الطبيعية لا تهدر كرامة الإنسان). هذا القانون يُعد الأن أحد سمات بلدان وشعوب القرن الواحد والعشرين، وبالتالي فأن المنكوبين من النازحين تركوا وصالهم، فبعد كل هذا الانكسار الذي تعرضوا له والعار الذي لحق بجبين الإنسانية ،يأتي إرهاب أخر، الاّ وهو إرهاب المرض، فبسبب غياب الظروف البيئية الصحية في إيواء هؤلاء المغدورين ،تنتشر بينهم شتى أنواع الأمراض ،وجميعها خطيرة بما فيها الأمراض الجلدية ذات الطبيعية الوبائية كالقمل والجرب والتي تصيب الناس جراء التلوث وانعدام النظافة والناتجة عن السكن اللا صحي والمتمثل في حشر أعداد غير قليلة من البشر في غرفة واحدة، وانعدام الماء الصالح للشرب وكذلك وسائل الصرف الصحي، ناهيك عن انقلاب كامل في حياتهم التي اعتادوا عليها في الاستحمام وإستخدام المرافق الصحية للبيت الواحد. فقد أصبح كل شئ مشترك مما ساعد ويساعد على انتشار العدوى، بل أن تلك الأماكن (الآمنة) أصبحت ذاتها بؤراً لإنتشار شتى أنواع الأمراض.
لقد حذرنا مما ستؤول إليه حال النازحين وذلك في عمود نشرناه في جريدة طريق الشعب الغراء يوم 14/9/2014 وتحت عنوان (النازحون والدعم الصحي). نعم لقد توقعنا أن يحصل ما هم به الأن ، بل سيحصل الأسوأ أذا لم تتخذ الجهات المعنية (وزارة البيئة ووزارة الصحة والمحافظات ومجالسها والمجالس البلدية ،وكذلك منظمات المجتمع المدني الإنسانية)، فأن هذه المحتشدات السكانية ستصبح البراكين التي تثور منها حمم الأمراض الفتّاكة ،وبالتالي فليس النازحون فقط سيعانون وإنما حتى المدن والقرى المحيطة بهم، بل (ومن المؤكد) ستعود الى الواجهة بعض الأمراض التي تم القضاء عليها طوال عشرات السنين الماضية وأعلن أن العراق خالٍ منها أو أنه أقترب الى هذا الهدف ،كشلل الأطفال والجدري والجذام والبجل ..الخ.
لقد أصدرت اللجنة النيابية المؤقتة والمكلفة بمتابعة أحوال النازحين تقريرها النهائي مؤخراً، وظهر أنه ارتكبت الموبقات الكبرى بالمبالغ المخصصة للنازحين ،حيث جرى التلاعب بـ ترليون دينار= الف مليار، ويقول أن الموضوع بحاجة الى عشرة تريليونات دينار! اخرى، والنتيجة، أن حال النازحين يُرثى له وها هم قد أصيبوا بالجَرَب والقمل والأكزما والديدان المعوية وفقر الدم والأمراض التنفسية المزمنة وغيرها، ناهيك عن الأمراض النفسية التي من المؤكد أن تصيب أغلبيتهم.
أي فسادٍ حققته المحاصصة ؟ أي فسادٍ حققه المتباكون على آلام الناس؟
وإزاء هذا الوضع المزري فلابد للضمير الحي من أن يستنهض الشرفاء، فيا شرفاء الوطن ،هبّوا ،لنجدة أخواتكم وأخوانكم وأطفالكم المغلوب على أمرهم بأمر الداعشيين والفاسدين.