جزء من الجواب / قيس قاسم العجرش

لم يتوقف العلماء للحظة عن البحث في إمكان ايجاد حياة على سطح الكواكب الأخرى، بالرغم من عدم وجود أي علامة تدفع الى المزيد من البحث...لكن علينا ان نفهم ان البحث هو الغاية وليس وسيلة ابدأً.
البحث واستمراره هو الأهم.
الى الآن على سبيل المثال لم نصل (نحن العراقيين) الى جواب عن التساؤل الواسع الإنتشار : لماذا نحن؟...لماذا بلدنا؟...لماذا يحصل هذا في العراق؟...اسئلة كررها العراقيون في احاديثهم وفي خلواتهم، وفي المقاهي ولا أعلم حقيقة هل تكررت في لقاءات زعماء الطوائف والأحزاب؟...لكنها اسئلة ليست من النوع الذي يجاب عليه بـجملة : لأننا كذا ....أبدأً، تكرار السؤال لا يعني شيئاً ابدأً.
اقول، ومع هذا فإن البحث قد يفضي الى شيء...
مثل هذه الظروف(الفقر، والتباعد بين افراد المجتمعات)، دفعت بباحث امريكي في علم الإجتماع السياسي إسمه ادوارد بانفيلد(توفي 1958) الى اختيار مدينة ايطالية تعاني الفقر والكساد، فسكن فيها سنة كاملة يستكشف حالها، تساعده في بحثه زوجته التي تجيد الإيطالية.
سكان المدينة كانوا في معظمهم عاطلين عن العمل،لكنهم يحاولون انتهاز اي فرصة للإستفادة من بعضهم البعض.
يقضون معظم اوقاتهم في المقاهي، وكانوا يرفضون أي شكل من اشكال العمل التطوعي، مثل طلاء كنيسة المدينة.
في المدينة دار للعجزة، يقوم على العمل فيها(وجزء منه عمل تطوعي) أناس آخرون من بلدات أخرى.
ووجد بانفيلد أن الذين هاجروا للعمل من هذه المدينة الى أميركا لم يساعدوا أقرانهم لإيجاد عمل هناك، بعكس التكافل الواضح للمهاجرين من بلدات اخرى، ووجد أيضاً أن العوائل في البلدة تؤمن بالحسد والنظرات الشريرة للآخرين ويعتقدون انها أحد أهم اسباب فقرهم المدقع.
كانت العوائل فيها شخص واحد او شخصان على اعلى تقدير هو المُعيل، ويجتهد في رعاية العاطلين من عائلته لكنه لا يقدم اي شيء على الإطلاق للآخرين.
بعبارة أخرى، ان الفرد في هذه المدينة، كان أنانياً جداً مع الآخرين وعطوفاً جداً مع افراد بيته الى درجة جعلته يعمل ليعيل العاطلين منهم.
وهذا ما اسماه بانفيلد (العائلاتية اللاأخلاقية)..او بترجمة أخرى(الإنغلاق العائلي).
فالناس هناك، تبحث عن اشخاص"مثلهم ويشبهونهم" فقط، ليساعدونهم بينما يتعمدون اهمال المُختلف عنهم. ويضيق قطر التعارف بينهم الى حدّه الأدنى، ويصبح الفرد باحثاً عن شبيهه ليساعده ويمد له يد العون فيما يبتز المختلف عنه!.
ببساطة، هذا كان أهم سبب للفقر!.
بلدة لا يُعين فيها الناس بعضهم البعض، ولا يتعارفون إلا بمن يشبههم تماماً او يمتـّون لهم بصلة قرابة !...يعني بعبارة أخرى(مِللية تجتاح هذا المجتمع الصغير) وتتركه عاجزاً بلا فعل جماعي.
عراقياً .....اظن أن هذا جزء من الجواب!.