ثقافة نظام الدكتاتورية والمحاصصة استهدفتا تحجيم فكر الانسان العراقي / حيدر سعيد

سيطرت الدكتاتورية على مقاليد الحكم بقوة السلاح وبدأت بمنع وتغييب ثقافة التنوير، ثقافة تأصيل روح المواطنة وحب الوطن ، وتطوير قدرات الانسان ومواهبه ،لتنشر بديلها( ثقافتها في مناحي الحياة كافة ،لتشويه صورة المجتمع مركزة على الانسان كونه العنصر الاهم الذي من خلاله يمكن دخول المجتمع ، واحداث التحول الذي تنشده فيه ، باتجاه فكرها القومي العنصري الشوفيني، وهذا ما جعلها تدغدغ المشاعر القومية للجماهير من خلال طرح اهداف (الوحدة والحرية والاشتراكية !!) ورفعها في بداية سيطرتها على السلطة ،لتضليل الجماهير وايهامها بانها مؤمنة بتلك الاهداف وهي المخًلص من الاوضاع المزرية التي تعيشها ) !! ولكن سرعان ما انقلبت عليها لأنها غير صادقة في تبنيها و تتعارض مع ثقافتها الحقيقية التي اعتمدت على القمع والتنكيل والتطبيل، همها في ذلك تدجين الانسان وتحويله الى اداة مجردة من الارادة ن وحصر تفكيره في تمجيد الدكتاتورية وخدمة اهدافها التي تؤول بالنتيجة الى التسلط على رقاب ابناء الشعب ، وهذا ما اظهرته سني تسلط الدكتاتورية عل الشعب العراقي ، حيث عادت حليمة الى جذرها الثقافي الحقيقي المستند على الكذب والرياء والغدر والقمع واسكات المعارضة الديمقراطية لنهجها الفكري الفاشي المبني على تلك الاسس .
هنا غيبت الدكتاتورية عقل الانسان العراقي، وباتت ناطقة نيابة عنه في كل ما يخصه وخاصة الجوانب الثقافية جاهدة في افراغها من محتواها التقدمي والوطني ، فاطلقت العنان للعنف والقمع والتنكيل والغدر والتلون والكذب والتلفيق والتحايل على حقوق الناس ، لتصبح السياسة السائدة في المجتمع العراقي ، ومن هذا المستنقع نهل مثقفو النظام الدكتاتوري والمقربون منه وانصاره ، ليعكسوا ما تشبعوا به من رواح تلك الثقافة الاسنة ، وفرضها بالقوة والاكراه على المجتمع .
وبذلك شًرعًت الدكتاتورية الكذب والدجل والتسلط والغاء الاخر، ومنحت انصارها الحماية في تطبيق تلك المفاهيم التي تربى اعضاؤه عليها ليفرضها عنوة على المجتمع ، وامام هذه الاجواء لم يجد العراقي المخلص الامين مكانا له ، واصبح بمفهوم ثقافة الدكتاتورية تلك( عدوا) يطبق عليه حد السيف.
هذا ابرز ما جاءت به ثقافة الدكتاتورية البائدة الى المجتمع العراقي والذي عملت على تعميقه وتعميمه خلال بقائها فترة تجاوزت الخمس وثلاثين سنة ، والذي تمحور حول تغييب عقل الانسان وحصره بعقل راس الدكتاتورية وثقافتها.
على انقاض الدكتاتورية وثقافتها التي تأصلت في عقول انصارها وانسحبت اثارها على المجتمع ككل، جاء التغيير الجديد بعد اسقاط الدكتاتورية كنظام دون ثقافتها . ليجد نفسه مطوقا بهذا الارث الثقافي والقيمي المشبع بالكراهية والكذب والتطرف والغاء الاخر والتفرد، وبدل ان يأتي بمتصدين حقيقيين يمتلكون رؤية وطنية ديمقراطية وثقافة متنورة تتجاوز ثقافة الظلام والقمع ، وتنطلق في وضع اسس جديدة تستند على ثقافة ومفاهيم في مقدمتها الصدق والاخلاص والامانة والنزاهة وحب الوطن ، ثقافة توقظ عقل الانسان من سباته الذي وضعته فيه الدكتاتورية ، وتحرك فكره باتجاه بناء الشخصية العراقية الانسانية الحرة .
اضافت اليه تركة ثقيلة الا وهي ثقافة المحاصصة الطائفية الاثنية التي اصبحت( نهجا ) حملت مريديها طائفي السياسة الى مصدر القرار ، بيدهم الحل والربط !!غصت بهم المؤسسات حتى ان بعضهم منح نفسه شهادات ليست حقيقية تجاوز فيها ما كان يمنحه نظام الدكتاتورية لأركان نظامه ،
ظهر ذلك من خلال ما كشفته الوقائع ،و دللت عليه سلوكياتهم وتعاملهم مع ابناء شعبهم ، حتى اعتقد الناس ان شهادتهم تلك من ( سوق مريدي )!! الذي اصبح علامة بارزة في التزوير والفساد.
فمتى ستنتهي ثقافة التزوير والكذب والدجل والتقسيم الطائفي والتهميش والتفرد ؟ لتحل محلها ثقافة الصدق والاخلاص وحب الوطن ، وتحويلها الى عقيدة وطنية تلهم ابناء الشعب وتزيد من تلاحمهم و دفاعهم عن تربة الوطن وخدمته ، وتعمل على توحيد ابناء الشعب وتقوية جبهته الداخلية .
خاصة وان الوقت قد حان بعد هذه الفوضى التي جاءت مع نظام المحاصصة الطائفي الاثني ، لتعلن بالأفعال والتطبيق العملي الملموس الفراق والطلاق مع اس البلاء والانتكاسات والازمات نظام المحاصصة ، واي حديث عن الاصلاح دون ذلك هواء في شبك ،وعلى الحكومة الجديدة ان تثبت ذلك من خلال جديتها في التصدي للتزوير والفساد والرشوة والطائفية السياسية المقيتة والارهاب وفكره الفاشي متمثلا بداعش وجرائمها .