خطوة على الطريق الصحيح / مرتضى عبد الحميد

من يريد الخير لبلده، والسعادة لشعبه، لابد وان ينظر للأمور بمنظار الواقعية والموضوعية، بعيدا عن العاطفة المنحازة سلفاً، أو التطرف، أو الحسابات الشخصية الضيقة، ومن هذا المنطلق يتوجب عليه أن يرصد المؤشرات الصحيحة، وحالات الاحتكام إلى العقل، والايجابيات التي تحصل، وسط هذا الكم الهائل من السلبيات والنواقص والكوارث التي أنتجتها عقول مغلقة، وشخصيات بائسة، لا تفقه من السياسة شيئاً، سوى ملء الجيوب، واللعب على حبال السيرك الطائفي القومي العشائري، المستمر في تقديم عروضه «الشيقة» منذ سقوط الدكتاتور والى يومنا هذا.
لننظر إذن بهذا المنظار العقلاني إلى الخطوة الصحيحة والجريئة، التي أقدم عليها د. حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء في زيارته للإقليم، رغم أنها ربما كانت متأخرة بعض الشيء، لكنها مبادرة أشاعت الفرح في نفوس وأفئدة كل العراقيين الحريصيين على حاضر ومستقبل شعبهم، ودللت على وجود إمكانيات كبيرة، لم تستنفد لحد الآن في رأب الصدوع والشروخ الكثيرة، التي أحدثتها السياسات السابقة، والإدارات الفاشلة في الجسد العراقي، وتهديدها للوحدة الوطنية، وإصرارها المريب على تمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي، مدخلة إياه عنوة في نفق مظلم، تناثرت على جوانبه شظايا الأمل والتفاؤل بالتقدم والازدهار وبالحياة الحرة الكريمة.
إن هذه الخطوة الصائبة، جاءت على خلفية الإجراءات والقرارات الناضجة في مجالات عدة، واثر الانتصارات الرائعة في صلاح الدين وبقية المدن العراقية العزيزة، ضد داعش وبقايا البعث الصدامي، والتي تحققت بفضل الحد الأدنى من التنسيق والوحدة الوطنية للمقاتلين الشجعان من الجيش والحشد الشعبي وأبناء العشائر و البيشمركة.
ولا تقلل من أهمية هذه الانتصارات، التجاوزات وعمليات النهب والسلب والحرق التي يجب الضرب عليها بيد من حديد. كما لايقلل من أهميتها ما يقوم به نفر ممن أدمنوا السلطة، إدمان المخدرات، ومعهم المنتفعون من بقاء داعش وتوابعها، وكل المتاجرين بالدم العراقي، من مساع خبيثة، لوضع العراقيل إمام عجلة التحرير، المنطلقة إلى امام، بدعم وتأييد ومساندة كل العراقيين، لكنس داعش ومن يقف وراءها داخلياً واقليمياً ودولياً.
نأمل ونعمل على أن يكون هذا الانجاز فاتحة خير، لترك كل العنجهيات وقصر النظر السياسي ورؤية الأمور بعين واحدة، وبالتالي استخلاص الدروس والعبر من تجربتنا السابقة، والانطلاق مجدداً نحو إعادة بناء العراق على أسس المحبة والسلام والعدالة الاجتماعية، عراق ديمقراطي فيدرالي موحد.
وهنا لابد من التنبيه إلى شرط لاغنى عنه في هذا المسعى النبيل، ونعني به تفعيل الإرادة السياسية، ليس لطرفي الحكومة الاتحادية والإقليم فحسب، وإنما لكل المساهمين في العملية السياسية، والساعين لإصلاحها، والإسراع في الجلوس إلى طاولة المفاوضات، واحترام الرأي الآخر، وتقديم التنازلات المتبادلة، وساعتها لن تكون هناك مشكلة مهما كانت عويصة من دون حل، بل سيكون الحل في متناول الجميع.
نعم توجد في السياسة عصا سحرية هي الحوار، ثم الحوار، ثم الحوار المبني على احترام وضمان حقوق ومصالح الآخرين.