الفوضى الخلاقة / حمزة عبد

عندما حصل التغيير عام 2003 كثر الحديث عن مصطلح الفوضى والفوضى الخلاقة chaos، وقال الأوربيون وقد سمعتها من السيد يوران مدير المعهد الديمقراطي السويدي (مقره مدينة أوبساله السويدية)، ان الفوضى في العراق مسألة مفروغ منها ولكنها وقتية وستؤدي الى الاستقرار وبناء الدولة والمؤسسات الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على هذا الحديث لم يحصل ما أشار اليه السيد يوران، بل صارت فوضى عارمة بالرغم من التوجه الذي يبذله السيد رئيس الوزراء من أجل العبور بالوضع الى شاطئ الأمان، الا ان الامر ليس كذلك حيث ان الخلافات التي كانت مستورة الى حد ما في عهد المالكي نتيجة الرشاوي الكبيرة التي كانت تقدم لهذا الطرف أو ذاك أو هذا القائد او ذاك او لهذا رئيس العشيرة او ذاك ، ظهرت اليوم على المكشوف ويلاحظ الخلاف داخل المؤسسة الواحدة وفي داخل المحافظة الواحدة وبين الدولة المركزية والمحافظات، بين العشائر والعشيرة الواحدة، وكل هذه الخلافات تغذى علنا من دول إقليمية ودولية، ولا يوجد في الأفق حل لهذا الوضع المزري إلا بالعمل السريع لاستكمال بناء مقومات الدولة من خلال اشراك كل القوى السياسية الوطنية التي تؤمن ببناء مجتمع مدني ديمقراطي بعيدا عن المحاصصة والطائفية، وبناء جيش قوي باعتماد كل الأساليب الممكنة ومنها الأعتماد على دول صديقة جادة في دعم العراق وبناء جيشه الوطني، وقبل فترة كتبت عن تدخل بري صديق رفض هذا الرأي من قبل الموقع ومن قبل آخرين وأعتبروا ان للتدخل الخارجي خطر مجهول النتائج، إلا ان الخطر الآن يصاب الجميع ومجهول النتائج، نتيجة احتلال داعش ثلث اراضي العراق وما يقومون به من جرائم بشعة من ذبح وإعدام وسبي واغتصاب ومليوني نازح.
ان هذا الوضع الذي يصعب وصفه يتطلب ليس فقط تصريحات من المسؤولين من قبيل (سنعمل، سنقضي، سنطرد...)، أو غير ذلك، بل يتطلب فعلا شجاعا حتى لو فيه تنازل، لان الخطر يطال الجميع وعلى أصحاب المحاصصة والطائفية ان تعي ذلك، بمعنى ان الخطر سيطالهم وكلما استمر الدواعش بأحتلال اراضينا ستزداد المشاكل في كل مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية على ذبح ابنائنا الجنود المساكين، وعلى الحكومة ان تتجاوز عجزها في نجدة الجنود المحاصرين والعمل على امدادهم وإنقاذهم، ولا يجوز التفرج على ذبح الجنود المساكين وسط عجز الحكومة، ان ما حصل مؤخرا في مجزرة الثرثار أرجو ان يكون تكذيبه صحيحا، فلا يوجد لها تبرير.
وختاما هل من نهاية للفوضى الخلاقة التي اصبحت فوضى عارمة.....؟.