خرافة التقسيم وثلاثية بايدن / علي عرمش شوكت

منذ ان غزا المحتلون ارض العراق في 9/4/2003 ولحد الوقت الراهن، والبلاد تحت رحمة قوى سياسية لا هم لها، كما يبدو، غير التسابق والتحريض على تقسيمه بغية تقطيعه وتشكيل كيانات ذات صبغة طائفية او عرقية، ولن تكون مجهولة المصير، فهي لا تعدو عن كونها اجراماً تدور في فلك الاقوياء. الذين هم الاخرون لم ينفكوا ايضاً عن تغذية وتصعيد حمى تقسيم البلد الى كانتونات لا حول ولا قوة لها لحماية نفسها من الابتلاع. وقد تجلى هذا الهوس في تكريس التقسيم الطائفي الذي عمموه حتى على المواد الاستهلاكية كالحوم والخضروات والدجاج السني والشيعي والكردي، هذا وناهيك عن تقاسم السلطة واملاك الدولة استحواذاً ونهباً.
ومن المؤسف حقاً ان تُشن هستيريا التشطير،من قبل قوى وطنية عراقية عاشت وانتمت الى العراق، بل وساهمت اباً عن جد في بناء الوطن العراقي منذ ان وجد كدولة، بل وقبل ذلك عبر التاريخ. غير ان ما جرى على الشعب العراقي ابان حكم البعث الصدامي من ظلم وجور وتلاعب في مقدرات البلد واهله، وكذلك تداعيات سيناريو الاحتلال الذي فرض على شعبنا بثلاثية مأزومة - سنة شيعة اكراد- قد خلّف اثاراً مدمرة للقيم الوطنية. وحفر في نفوس البعض هوة عميقة للجشع وحب الذات، من ابرز مخلفاته هي المجافاة عن ابسط المشاعر الوطنية حيال مصالح الوطن، التي يفترض، وبحكم الطبيعة الانسانية وما يحيطها من ظروف موضوعية تمد جذورها بعمق لا متناهي في وجدان الانسان المواطن تمسكاً بوطنه.
ان العراق كبقعة على سطح الكرة الارضية لا تعريف له سوى كونه موطناً لسكانه ومهداً لاجياله. واذا ما ذكرنا تلك الحضارات العظيمة المختلفة التي شيدها انسان وادي الرافدين عبر العصور. فالمعنى ان العراق اسم وهوية انسانية خالصة. الامر الذي لا يسمح لقوم او جنس من الناس ان يفرض عليه هويته القومية او المذهبية الخاصة، انما هذا الوطن الجليل هو الذي ينبغي ان تُفرض هويته العراقية على جميع سكانه بلا استثناء. مع حق الاحتفاظ بالهويات الثانوية لكل فئة. ان سمة الهوية الوطنية لاتتجلى بغير وحدة الارض والسكان، فهل من يسعى متكالباً على تقسيم العراق ان يضمن وحدة كيانه المزعوم بعد حين من الزمن، في ظل حمى التقسيم والتشطير؟، التي قد تمكنت من نيل بلد راسخ. فكيف سيكون مصيرالجزء المشطور منه؟ .
يبدو ان مهمة التقسيم باتت تكليفاً مقبوض الثمن، ربما يفوق لدى البعض على ثمن عقائدهم "الوحدوية" !!، ومن هنا نتساءل عن موقف القوى القومية العربية على وجه الخصوص التي تدعي دوماً بـ" تفضيل الارض على البشر"، حيث كانت اغلب مشاكل الشعب العراقي وحروب الانظمة ذات الطابع القومي بفعل هذا المفهوم الشوفيني. فما حدا مما بدا نراها اليوم تهرول وراء سراب التقسيم او في اقل تقدير متفرجة؟.
ومن الزامية القول: سوف لن يمر هذا المشروع التقسيمي الوارد الينا عبر البحار، لان العراق ليس بدابة سينحر ضحية لوجه الله بيسر، لكون قواه الديمقراطية والاسلامية الوطنية التي جبلت بحب العراق، ترفض التقسيم وستذود عن وحدة الوطن حيث قدمت قوافل الشهداء دفاعاً عن حياضه ضد المعاهدات الاستعمارية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، يشهد تاريخ العراق للحزب الشيوعي العراقي اذ اعدم مؤسسه الشهيد يوسف سلمان " فهد " ورفاق الاماجد على اثر وثبة كانون 1948 لمعارضة معاهدة " بورتسمث " بين بريطانيا وحكومة نوري سعيد. وكذلك استشهاد قائده حسين احمد الرضي " سلام عادل " ورفاقه، على اثر الدفاع عن ثورة 14 تموز 1958 الوطنية، ضد انقلاب شباط الاسود في عام 1963. الذي جاء بقطار امريكي. حسب تصريح قادة الانقلاب انفسهم.
واليوم تأتي خرافة التقسيم دون ادراك لحقيقة وطنية الشعب العراقي. واذا ما نطت بعض الاصوات تبشر بالتقسيم من لدن بعض الاوساط التي سرقت الاموال والاحوال، فماهي الا نوازع لصوص تمرسواعلى خطى المحتلين بغية تتويج خطاياهم بسرقة الارض وتمزيق البلد وفقاً لثلاثية " بريمر" سنة شيعة اكراد" التي سوف لن تمر قطعاً.