وِزَارَة العَضِّ! / يوسف أبو الفوز

هذا العنوان ــ صديقي القارئ ــ ربما سيقودك للتفكير بأحوال أهلنا في غربي البلاد، الذين يعاني كثير منهم من بطش وقسوة الارهاب الداعشي، التكفيري الظلامي والوحشي، الذي نشر فرق «العضّاضّات» في شوارع المدن الواقعة تحت سيطرته، لمعاقبة النساء اللواتي يعتبرهن، بحسب أهواء قادته مخالفات لشرعه في اللبس والأكل والشرب، حيث تنال المرأة المسكينة المخالفة، ومن قبل دوريات النسوة الداعشيات «عضّات» مؤلمة في مناطق مختلفة من جسمها تجعلها «تبكي وجعاً» كما نقلت وسائل الاعلام!
العنوان المذكور آنفاً عزيزي القارئ ـ يعود لصديقي الصدوق أَبُو سُكينة ، وله علاقة بـ «العضّ»، ولكنه «عضّ» من نوع أخر!
كنا ألتقينا ــ مثل كل مرة ــ في بيت صديقي الصدوق أَبُو سُكينة. كان جَلِيل يومها مبهوتا، وهو يتابع تفاصيل الانباء المتتالية عن الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والفضائح التي أطاحت بأسماء كروية كبيرة، واخبار التحقيقات المتواصلة، والمحاكمات المترقبة. قال : يبدو أن آفة الفساد تسود في كل مكان، حين تتهدم قيم الاخلاق والمبادئ ويرتفع صوت الباطل ويغيب الحق والقانون!
قالت زوجة جَلِيل: المحزن، ان هؤلاء الفاسدين والمرتشين، في كل مكان وزمان، هم الأكثر تطبيلا وحديثاً عن النزاهة والقانون والحقوق.
قلت لهم : ان ألم «العضّاضّات « الداعشيات سيزول ويختفي، حالما تنهزم داعش على يد قواتنا الامنية المشتركة الباسلة، لكن هذا الفساد المستمر في»عضّ» البلاد وتهديد مستقبلها وتستّر فرسانه بأثواب الوطنية، هو من سيمد بعمر داعش وماعش، وستكون آثاره المستقبلية كارثية على اجيالنا القادمة.
قال جَلِيل: المصيبة أن هذا «العضّ» الذي تقصده، بعضه يحتمي بالقانون وبعضه يحتمي ببعضه، مثل مؤسسة وهمية كبيرة خرافية تهيمن على حياتنا.
طوال احاديثنا ، كنت ارقب صديقي أَبُو سُكينة ، فأرى انه معنا وليس معنا، فعّن لي ان أشركه في أحاديثنا، فسألت أبو جَلِيل بصوت عال : ماذا تعتقد صاحبك معنا، لو عنده حسبة ثانية؟
ضحك أَبُو سُكينة، ومد ساقه وأستند بظهره الى الجدار: انا معكم ، لكن طوال احاديثكم، وانا أفكر بحكومات دول العالم ، أسمع ان كثيرا منها تكون وزاراتها معدودة (يعني شي حكومة من اثنعش وزارة .. وشي حكومة من خمسطعش وزارة .. بس احنا عدنا وزارة لكل شيء. وعلى حجيكم ، وخوفكم ، فاللي يسمعكم ، يقول قريبا يجوز تصير عندنا وزارة جديدة ، والناس تسميها «وزارة العضّ» تختص بكل هذا «العضّ» الذي خرّب دولتنا ودمر حياة الناس ووصل للعظم!).