عوامل صعود السلفية الجهادية وسبل مكافحتها / د . رسمية محمد هادي

تمهيد
قد يختلف المؤرخون والباحثون على تحديد نقطة البداية لموجة التطرف والعنف التي عرفها العالم الاسلامي في العقود الاخيرة . غير أنه يمكن القول ان التطرف وحوادث العنف التي استندت الى تبرير ديني عرفت طريقها للمجتمعات الاسلامية الحديثة منذ السبعينيات في القرن الماضي ، عندما حدثت محاولات انقلاب عسكري عنيف واغتيالات ذات طبيعة سياسية تم تبريرها بدوافع دينية . ورغم ان وقائع مشابهة حدثت قبل ذلك في فترات مختلفة خلال المائة عام الماضية ، الا ان الحوادث التي وقعت في السبعينيات كانت بداية لسلسلة من مظاهر التطرف وحوادث العنف الذي تم تبريره دينيا . وهي السلسلة التي تكاد لم تنقطع منذ ذلك الحين . ورغم ان التطرف والعنف الذي نتحدث عنه قد وقع في بلاد عديدة الا ان ما يميز الموجة التي نتحدث عنها هو الارتباط بين مكوناتها، سواء من حيث الافكار التي تم الاستناد لها لتبرير العنف ، أو من حيث الصلة الفكرية تأثيرا وتأثرا بين التيارات المتطرفة والعنيفة، وأيضا من حيث الصلة التنظيمية عندما تكونت جماعات عابرة للحدود(1) .
وقد مرت ظاهرة تنظيمات العنف الجهادية في الشرق الاوسط عبر تاريخها ، بمراحل انتقال شتى مابين الصعود أحيانا والتراجع في أحيان أخرى ، وشهدت أجيالا متعددة ، اختلف الباحثون في تحديدها على نحو محدد . لكن الثابت أن هناك توافقا عاما حول ثلاثة أجيال أولها جيل التنظيمات المركزية في مصر في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي ومن أبرزها تنظيم الجهاد والتكفير ، والهجرة والجماعة الاسلامية في مصر ، والجماعة الاسلامية المسلحة ، والجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر ، وعصبة الانصار في لبنان والجماعة الليبية المقاتلة ، فضلا عن عدد من التنظيمات خارج العالم العربي . ثانيها جيل الجهاد الاممي الذي نشأ في عام 1998في افغانستان بزعامة أسامة بن لادن وايمن الظواهري ، حيث تم تأسيس تنظيم القاعدة . أما الجيل الثالث والاخير فيتمثل في تنظيم القاعدة بعد أن انفرط عقده بين الدول المصدرة للمجاهدين أو جماعات محلية لكن تحت العباءة الفكرية للقاعدة واخواتها .مع تعديلات في بعض الحالات ومن أبرز تنظيمات الجيل الثالث داعش سابقا ، الذي تحول لاحقا للدولة الاسلامية ، وجبهة النصرة في سوريا وانصار بيت المقدس في مصر وانصار الشريعة في ليبيا وتونس والقاعدة في بلاد المغرب العربي وبوكو حرام في نيجيريا وغيرها (2).
أولا- السلفية الجهادية - التعريف والايديولوجية
1- التعريف - السلف في اللغة هو الماضي ، وفي الاصطلاح هو العصر الذهبي الذي يمثل نقاء الفهم والتطبيق للمرجعية الدينية والفكرية ، قبل ظهور الخلافات والتناقضات والمذاهب التي وفدت على الحياة الفكرية الاسلامية بعد الحروب والغزوات . وفي نفس السياق وبعد السلف الذين يشملون الصحابة والتابعين والائمة العظام للمذاهب الكبرى من تابعي التابعين يأتي الخلف ، الذين يتلوهم في التسلسل الزمني ، ثم تأتي أجيال المتأخرين ثم المعاصرين .
أما السلفية بعبارة الامام محمد عبده فهي ، فهم الدين على طريقة سلف الامة قبل ظهور الخلاف ، والرجوع في كسب معارفه الى ينابيعها الاولى ، وبرغم وضوح هذا التعريف فأن فصائل السلفية تعددت من حيث التكتيك والاستراتيجيات ، فمنهم من يقف عند ظواهر النصوص، ومنهم من يعمل العقل في الفهم بين مسرف في التأويل أو مقتصد ومنهم من يعتمد العنف ومنهم من يرتكز على الدعوى . فالسلفية اذا سلفيات منها السلفية الجهادية(3) .
تتأسس السلفية الجهادية بوصفها حركات طائفية تقوم على فكرة الطائفة المنصورة والفرقة الناجية الاسلامية ،اعتمادا على أساليب العنف المسلح مع رفض أي شكل للتفاعل السلمي في العملية السياسية مع الحكومات المحلية سواء بالتحالف أو المشاركة أو حتى المهادنة .
وفي سبيل تحقيق هذه الحركات أهدافها تقوم على العداء لفكرة الدولة ورابطة المواطنة والهوية الوطنية ، ذلك انها ايديولوجيا عابرة للحدود وتتعاطى مع فكرة الامة بوصفها كيانا سياسيا وجغرافيا غافلة عن انها معنى ثقافي ورمزي ومعنوي ليس الا . ولقد أكد الباحث الفرنسي اولفييه روا في كتابه ( الجهل المقدس زمن دين بلا ثقافة ) ان الاصولية هي شكل الدين الافضل تكيفا مع العولمة لانه يضطلع بازالة هويته الثقافية الخاصة ( المحلية ) ، ويتخذ من ذلك أداة لطموحه الى العالمية (4).
والسلفية الجهادية حسب باحث أخر هي - جماعة مغلقة مؤسسة على الاتباع ، متمحورة حول شيخ وايديولوجية ، معتمدة احداث تمايز نفسي واجتماعي بين اتباع وغيرهم ، مستهدفة تحقيق وعد ألهي . ويترجم الباحث تعريفه بلغة علم الاجتماع فيقول ، انها تنظيما يعتمد حركية خادعة لجملة من المبادئ وهذا التنظيم له خطاب يميزه ويخضع لآلية تطور بنيوية وثقافية خاصة به بحسب تزايد اعداد المنتسبين اليه بفعل عملية الانتداب الخارجي ، اعتمادا على تقنيات تشريط نفسي وثقافي وتقنيات تشريط جسماني (5).
ومن ضمن ما تتأسس عليه خطابات الحركات السلفية الجهادية انها المدافع عن الطائفة السنية في وجه الطوائف الاخرى ، خصوصا حين تتوافر على قدرات عسكرية وخبرات ميدانية وخطاب عقائدي مبسط ومختصر ،يبدو معهودا لتوظيفه القرآن الكريم والسنة النبوية في تبريراته وفتاواه والاهم ان صدام هذا الخطاب العقائدي مع الانظمة الحاكمة وظهوره بمظهر الموازي لها ، والقادر على هزيمتها أو النيل منها، يلامس حاجة نفسية لدى شرائح معينة من الجمهور المستهدف الذي يعاني غضبا وتهميشا وفراغا ناجما عن الشعور بانكسار الذات الناشئ عن الصعوبات المعيشية أو عدم القدرة على التوفيق بين الطوبى الفكرية التي يحلم بها والواقع المعيش ، الامر الذي يحيل فكرة الخلاص مدخلا
أساسيا في استراتيجيات التجنيد والتأطير والاستقطاب من قبل الجماعات الجهادية التي تقوم دعايتها على انها تحمل خلاصا للمهمشين والراغبين بمغادرة الهامش الاجتماعي الذي يحتويهم(6) .
وتعد السلفية الجهادية من أخطر الجهات الداعية لدولة الخلافة الاسلامية ، وتكمن خطورتها في ان دعوتها ليس دعوة لاستعادة الماضي فحسب ، بل دعوة لمغادرة ركب التاريخ . ففي عرف السلفية الجهادية ان كل منجزات الحضارة الانسانية التي أعقبت معاهدة سايكس بيكو ليست سوى منتجات لأيديولوجيا غير مشروعة . فالقضاء منظومة قانونية ودستورية وضعية ، والحكم في الدولة يستند الى مؤسسات تشرع من دون الله ، والتعليم غيب العلم الشرعي وانتج علماء وفقهاء يشرعون للوضع القائم ، والاقتصاد تحكمه قوانين الربا ، والتجارة بيد نخبة تمارس الاحتكار والهيمنة والربح غير المشروع ، والثقافة غربية الطابع ولاشك ان القائمة لا تنتهي . وفي هذا السياق يقول الباحث اكرم حجازي - تنظر النظرية الماركسية الى المجتمع باعتباره مكون من بنية تحتية وبنية فوقية ، واذا وضعنا سايكس - بيكو في مستوى البنية التحتية فان كل ما انتجته وتمظهر في البنية الفوقية هو بالتأكيد من ذات الصناعة والمحتوى . وهو بلغة ماركسية مجرد ايديولوجيا لا أكثر ولا أقل . لذا فان السلفية الجهادية ترفض كل البناء باعتباره بناءا باطلا ومخالفا للشريعة (7) . فالسلفية الجهادية تستبدل التاريخ الموضوعي الخطي بتاريخ اسطوري دائري ، لذلك ترى لا يصلح أخر هذه الامة الا بما صلح أولها .،
وبالرغم من ان الجماعات السلفية الجهادية تتعرض بشكل مستمر لضربات أمنية عنيفة فإنها لاتزال قادرة على البقاء والاستمرار والحركة ، بل وتجنيد المزيد من الاتباع واكتساب العديد من الحلفاء من شتى بقاع العالم.
2- الايديولوجية السلفية الجهادية
أ- المصادر الفكرية للسلفية الجهادية
قد لا نبالغ اذا قلنا مع ألن كروغر أن ثمة أساطير عن الارهاب الاسلاموي ، ينطلق منها الكثير من المحللين في قراءتهم له ، يأتي في مقدمتها تصوره عملا عشوائيا تقوم به مجموعة من اللاعقلانيين الذين يكرهون الحداثة واسلوب الحياة المعاصرة فقط ( ، أي انه مجرد فكر عدمي وفوضوي لا أساس له . ان مثل هذا التصور يقلل بل يضعف جدوى وفاعلية المواجهة الفكرية التي تسعى الى تجفيف المنابع والروافد الفكرية والتبريرية ، للأفكار العنفية والقتالية وأسسها الدينية ، ويعلي من شأن الحلول الامنية والعسكرية الذي تعتمد الضربات الاستباقية والوقائية في مواجهته(8) .
ولعل مما يبرهن على قصور المواجهة الفكرية المستنيرة لفكر القاعدة واخواتها انه بينما تشتهر أسماء القادة الميدانيين للقاعدة مثل بن لادن والظواهري والزرقاوي وغيرهم نكاد نجهل أسماء المرشدين الروحيين والمنظرين الفكريين لهذا التنظيم ، من أمثال أبي محمد المقدسي وعبد القادر بن عبد العزيز وأبي قتادة الفلسطيني وغيرهم . وعلى الرغم من الطبيعة البسيطة والمباشرة للبنية الايديولوجية للسلفية الجهادية ،فأنها تنطلق من مصادر فكرية متعددة ومتناقضة ، وتنتمي الى فترات تاريخية متعارضة من حيث الطبيعة ومتناقضة من حيث موقع الامة الاسلامية ، قوة وضعفا ، ومن حيث دورها على المستوى الدولي، فتخلط بين فقه عصر القوة وفقه عصور الضعف وتمزج بصورة غير متجانسة بين الفقه المنضبط بقواعد واصول والفكر الحر الذي يعبر عن مواقف اشخاص في أزمان وأماكن معينة . لذلك فان البنية الفكرية للسلفية الجهادية هي في حقيقتها بنية متناقضة متعارضة تجمع بين خليط من أفكار لا تمثل نسقا ولا تملك رؤية شاملة (9).
ورغم ان هناك مرجعيات متعددة ومتنوعة ، قديمة ومحدثة ، تمثل أفكارها رافدا تأسيسيا لفكر السلفية الجهادية ، الا انه يمكن القول رغم ذلك ، ان القاعدة الان تختزل مرجعيتها الشخصية في قياداتها العملية ، وبعض القيادات الفكرية القليلة المرتبطة بهذه القيادات ، سواء من المقيمين حولهم أو من المقيمين في عدد من الدول العربية والاسلامية ، فضلا عن بعض المراجع التاريخية .
من حزمة الروافد الفكرية هذه تأتي العديد من فتاوي شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية المتوفي سنة 726هجرية ، وكذلك عديد من أفكار الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي المتوفي سنة 1791 هجرية، والمدرسة السلفية الحنبلية ، كما تأتي الروافد الفكرية مما طرحه سيد قطب وأبو علي المودودي حول الحاكمية ، وكذلك فتاوي بعض الشيوخ في العقود الماضية المتمثلة في تحريم الاحتكام للقوانين الوضعية وتكفير الحاكمين بها في العالم الاسلامي ، وقد نتجت السلفية الجهادية عن انصهار كل ذلك معا . وقد كان تشكلها الكامل اثناء مرحلة الجهاد الافغاني ، ثم أنتجت هي بعد ذلك كتابها ومراجعها الخاصة(10) .
ومثلت المرجعيات السلفية المساحة الاوسع والكم الاكبر من روافد أفكار السلفية الجهادية ، وتعد السعودية حاضنة لأكبر عدد من مرجعيات السلفية الجهادية المعاصرين ، يأتي في مقدمتهم المفتي الراحل الشيخ محمد ابراهيم ال الشيخ في فتواه المشهورة بتكفير الانظمة العلمانية الحاكمة في العالم العربي ، وتلميذه الشيخ الراحل حمود بن عقلا الشعيبي الخالدي 1346-1422هجرية أبرز من أيد هدم طالبان لتماثيل بوذا، والجهاد معهم في مواجهة تحالف الشمال ، وعواقب أحداث سبتمبر . وقد صارت هناك أجيال تالية في تأسيس السلفية الجهادية ، ومن هذا الجيل التالي يوسف العييري مؤسس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب(11) .
ب- المفاهيم المؤسسة للسلفية الجهادية
ان المفاهيم التي سنعرض لها - تمثل الأسس الفكرية للسلفية الجهادية المعاصرة ، كما تحدد نسق علاقاتها سواء مع الحكومات التي تكفر بها وتكفرها وتوجب قتالها معتبرة ذلك جزء من الايمان ، كما ان ديارها من ديار الاسلام تحولت بفعل تحكيمهم لغير الشريعة الى ديار كفر وذلك وفق ما تلح عليه أدبيات السلفية الجهادية من الاكتفاء النظري الذي يرفض التعاطي أو القبول بأي تشريع غير التشريع الالهي سواء كان قانونا وطنيا أو اقليميا أو دوليا . وسنعرض فيما يلي هذه المفاهيم ......
1- توحيد الحاكمية
يأتي مفهوم التوحيد كمفهوم مركزي في النظام السلفي بعموم ولكنه ياتي متمايزا في خطاب السلفية الجهادية عن سواه ، متماهيا مع مفهوم الحاكمية القطبي بشكل بعيد ، ومؤكدا صحته عكس ما رأى عدد من اقطاب السلفية التقليدية ، حيث لم يأت نص عليه في كتب الاعتقاد القديمة . ولمفهوم الحاكمية أبعاد متعددة فهو يتجلى سياسيا في رفض الحكم بغير ما أنزل الله وتكفير الحاكمين والقوانين الوضعية(12) ، وبالتالي فهو مفهوم يحيل السلفية الجهادية الى مرجعية وحيدة في الحكم على الاقوال والافعال والنوازل أيا كان مصدرها ومكانها ، فأذا ما وافقت الشريعة كان بها ، والا فهي قطعا باطلة ومنبوذة ومحاربة . وتبعا لذلك ستجد السلفية الجهادية نفسها واقعة بأرادتها واختياراتها في صدام حتمي مع كافة منتجات الحضارة الراهنة ، ابتداءا من النظم الفكرية والايديولوجية والدينية والاخلاقية وانتهاءا بكل تجلياتها المادية من هياكل وبنى على اختلاف تشكيلاتها ومستوياتها . كما يتجلى مفهوم التوحيد اجتماعيا في التصور الحاكمي للمجتمع الذي صارت تسكنه ما يسميه (الجاهلية الجديدة ) ، كما يتفاعل وطنيا ودوليا وفق مفردات عقيدة الولاء والبراء. يردد الشيخ أسامه بن لادن حكمة تقول ( من أصعب المهمات توضيح الواضحات ) ولعل أصعب قضية في عقل السلفية الجهادية واثقلها على المسلم هي قضية التوحيد ، اذ ما من قضية يعادل وزرها وزر التوحيد ). هذه القضية بداية تعني في اللغة الافراد والتفرد الذي لا نظير له ولا شريك ، وفي الاصلاح الديني هي الشهادتان وتحقيق مقصودهما ، وأوله الاركان الخمسة وفيه ثلاثة اقسام - توحيد الربوبية - توحيد الالوهية - توحيد الاسماء والصفات(13) .
ويلاحظ الباحث احمد الريسوني ان مفهوم الحاكمية كما بلوره كل من المودودي وسيد قطب ، يقوم على مغالطة كبيرة ، مؤكدا أنه تتبع آيات الحاكمية ، أي تلك التي جاءت على صيغة (ان الحكم الا لله )، فوجد انها تتعلق أساسا بحكم الله للكون وليس بحكمه للحكومات والدول والمحاكم - وهو الحكم الذي أوكله للبشر(14). ومفهوم الحاكمية كما تطرحه السلفية الجهادية يرتكز على رفض الديمقراطية وعلى اعتبارها دعوة كفرية تعمل على تأليه المخلوق واتخاذه ربا . أي ان مفهوم الحاكمية يرتكز على مبدا اكراه الناس سياسيا بتحكيمهم للشريعة لا الى اختيار ايماني منهم .
2- دار السلام ودار الكفر
يتجاوز السلفيون الجهاديون التصور السائد والتقليدي لمفهومي (دار السلام ودار الكفر ) بأن الاولى هي من أهلها مسلمون ، وان الثانية هي من يكون أهلها كافرين ، مؤكدين على أهمية الغلبة لاحكام الاسلام ، فلا اعتبار للاهل ولدينهم في هذه المسالة . ويقول أبو جندل فارس ال شويل الزهراني في هذا السياق - دار الاسلام هي كل بلد أو بقعة تعلوها أحكام الاسلام والقوة والكلمة فيها للمسلمين وان كان أكثر سكان هذه الدار من الكافرين ودار الكفر هي كل بلد أو بقعة تعلوها أحكام الكفر والغلبة والقوة والكلمة فيها للكافرين وان كان أكثر سكان هذه الدار من المسلمين(15) .
3- الجهاد طريق التوحيد
ان النظريات بشأن الجهاد والادبيات الكثيرة المتناولة له هي المكافئ الوظيفي لنظرية الحرب العادلة في المسيحية .وقد صيغ هذا المفهوم لاعطاء تعريفات وحدود بشأن ممارسات المسلمين وسلوكهم اثناء الحروب .وللجهاد أكثر من معنى في القرآن وأحاديث النبي محمد . فجذر الكلمة في اللغة العربية يعني الجهد أو القتال ، وغالبا ما تستخدم اللفظة لتعني تكريس حياة المرء سعيا لتحقيق الافضلية والامثلية ، وهذا هو الجهاد الاكبر كما أشار اليه النبي محمد . أما الجهاد الاصغر فيشير ، وفقا للنبي محمد الى ما يبذله المرء خلال المعارك الحربية والتي يكون محركها الاساسي الدفاع عن الاسلام والذود عن حياضه . وكذا حماية الامة الاسلامية من أي خطر يتهددها (16).
وفي هذا السياق يذكر عبد القادر بن عبد العزيز ان موضوع الجهاد من أكثر الموضوعات تعرضا للطعن والشبهات والتحريف في زماننا هذا نظرا لانه الدرع الواقية لامة المسلمين التي يراد لها أن تبقى ذليلة مستباحة من أعدائها . فالجهاد هو أخطر ما يهدد أعداء المسلمين من قوى الكفر العالمي ومن الحكام الطواغيت المرتدين على السواء ، فأوعزوا الى بطانتهم من المستشرقين والمستغربين وعلماء السوء أن يطعنوا في الجهاد ويثيروا الشبهات حوله وأن يحرفوا معناه ومقاصده لدى المسلمين ، بل بلغ الامر الى حذف كل مايمت للجهاد بصلة من المناهج التعليمية لطلاب المدارس والى نهي خطباء المساجد عن الكلام في الجهاد الى غير ذلك من وسائل المكر والتضليل(17) .
يتحد الجهاد مع التوحيد في فكر السلفية الجهادية والقاعدة ، فانما شرع الجهاد من أجل التوحيد . هذا المنطق الصارم يمكن اسقاطه على الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعلم والاخلاق والمعاملات والعلاقات الاجتماعية وروابط القرابة ...
ان السلفية الجهادية قد انتحلت الأن ذلك المفهوم القرآني حتى في صراعاتها وحروبها ضد خصومها السياسيين المحليين أنفسهم داخل العالم الاسلامي ، الى الحد الذي ذهب اليه بعض المتطرفين في اعلانهم كون الجهاد ،الركن السادس للاسلام جنبا الى جنب مع أركانه الخمسة التي تأسس عليها .
ولعل من نافلة القول أن نذكر ان الجماعات السلفية الجهادية التي تعتمد العنف اسلوبا لها قد أساءت استخدام مصطلح الجهاد ، جنبا الى جنب مع تأويلاتهم المتطرفة لكل ما هو اسلامي لاشاعة روح الكراهية والعداء للغرب في أوقات الصراع المشترك.
ويختلف السلفيون الجهاديون عن المدارس التقليدية في الحاحهم على عدم جواز اذن الحاكم متى وجب الجهاد ، وانه فرض عين على كل أعيان الامة . ويضيق صدر الكثير من المراقبين مما يتداول عن جذور مفهوم الجهاد أو مدى استخدام اللفظة ،اذ يؤمنون أنها لا تعدو الا أن تكون تبريرا للطابع الشنيع والمروع للتحدي الجهادي لقوى السلام والاستقرار الغربية .
4- الولاء والبراء
ان عقيدة الولاء والبراء عند السلفية الجهادية هي المعيار المعتمد في قياس مدى نقاوة التوحيد لدى الافراد والجماعات الاسلامية . وبهذا المعيار رأت السلفية مثلا في الحكام طواغيت هم ومن والاهم وساندهم أو شرع لسلطانهم ودعم تشريعاتهم ، لكن مع التفصيل في الامر فقهيا ، فيمن كان كفره ظاهرا أو خفيا ونحو ذلك . ووفق هذه العقيدة فالمسلم الموحد ملزم بمبدأ الاخوة الاسلامية بديلا عن الاخوة الوطنية ، وملزم بالحاكمية بديلا عن التشريعات الوضعية ، وملزم بالنصرة بديلا عن التخذيل . لكن ذروة عقيدة الولاء والبراء كما يذكر اكرم حجازي لا تقع في مستوى النماذج النظرية السالفة الذكر بل في مستوى تطبيقات هذه النماذج ، فما تراه بعض الجماعات والعلماء مسائل خلافية تحتمل التأويل والتفصيل تراه السلفية الجهادية من جهتها تمييعا للعقيدة وتخذيلا أو ارجافا أو ارجاءا ، كالموقف من مسائل الوطنية والديمقراطية والاستعانة بالاجنبي والاحتكام الى الشرائع الوضعية والمفاوضات وغيرها (18) . وفي كتاب بعنوان شهادة الثقات يؤكد كاتبه المدعو صالح بن سعد الحسن على ضرورة البراء من الحكام والحكومات المسلمة ويقول لا يستغرب خفاء كثير من الحقائق الشرعية على الناس وغيابها عن ميدان الواقع لقلة الداعين اليها حبا في الدنيا وكراهية في الموت ولا حول ولا قوة الا بالله ، وان من تلك الحقائق تكفير الحكام المرتدين عن الاسلام الجاثمين على صدور المسلمين في ديارهم ، حيث تواطأ أكثر العلماء والدعاة وطلبة العلم المقتنعين بهذه الحقيقة على كتمها واخفائها والاسرار بها (19).
5- مفهوم الطاغوت
واقع الامر ان لهذا المفهوم سعة لا حدود لها بحيث ينطبق على الفرد والمجتمع والمؤسسة والحزب والجماعة والايديولوجيا مثلما ينطبق على كل ما يعبد من دون الله ، ولعل سبب حضوره الطاغي في عالمنا العربي والاسلامي أكثر من غيره ان الحاكم بالذات هو المتهم بكونه طاغوتا يمارس الطغيان
فالحاكم بعرف السلفية الجهادية ،جاوز كل حد في تبعيته للقوى العدوانية والشريرة والكافرة ونسج معها كل التحالفات الضامنة لبقائه في الحكم وتوريثه ، وخاض الحروب ضد شعبه وضد المسلمين بشكل مباشر أو بالوكالة ،وهو الأمر الذي يدخل في بابي الاضطهاد أو الاستعانة بالمشرك على المسلم ما يكفي لأخراجه من الملة . بل ان السلفية الجهادية تذهب الى أبعد من ذلك حين توسع من المفهوم بالقدر الذي يتيح لها أن تسبغ على الحاكم صفتي الطغيان والاستبداد اللتين تجعلان منه ليس مشركا فقط بقدر ما أصبح كأنه ربا يعبد من دون الله في الارض (20) .
وقد أهدى أبو محمد المقدسي كتابه ملة ابراهيم الى الطواغيت قائلا ( الى الطواغيت في كل زمان ومكان الى الطواغيت حكاما وامراء وقياصرة واكاسرة وفراعنة وملوكا ، الى سدنتهم وعلمائهم المضلين الى أوليائهم وجيوشهم وشرطتهم وأجهزة مخابراتهم وحرسهم الى هؤلاء جميعا نقول ( انا براءا منكم ومما تعبدون من دون الله )براءا من قوانينكم ومناهجكم ودساتيركم ومبادئكم النتنة ، براءا من حكوماتكم ومحاكمكم وشعاراتكم واعلامكم العفنة ، ( كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده (21) . بهذا المعنى ل الطغاة والطغيان من بقي خارج دائرة الاتهام ؟ لا أحد ، لكن يبقى للطغيان السياسي عند السلفية نكهته الخاصة وتداعياته الخطرة . فهو اكثر من يستهدف نظام الحكم ومسانديه ومؤسساته .
ثانيا- عوامل نشوء وانتشار السلفية الجهادية
توجد العديد من النظريات التي تذهب الى بحث أسباب دفع قطاعات من الشباب المسلم نحو الاقتناع بأفكار التطرف الاسلامي والانضمام الى الجماعات والحركات الجهادية العنيفة ، وتقدم معظم تلك النظريات ملمحا أيديولوجيا أو أخر لطبيعة الصراع .ويؤمن بعض المحللين أن الدوافع الدينية تأتي في صدارة الدوافع - في حين يرى محللون أخرين ليس هناك أي علاقة بين العنف والدين . ان الدين هو المجال الذي يجد الفرد فيه اجابة لاستفساره عن أخلاقيات وروحانية العالم فلا يمكن للدين الذي يجد فيه اجابات على الاخلاقية أن يصبح عامل في العلاقات التي تهدم هذه الاخلاقية . ولكون الافراد في صراع دائم مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومع من يمثل هذه الظروف فأن حاجتهم في ايجاد الشرعية لتصرفاتهم تجبرهم على البحث عنها بين المعطيات الدينية التي تحت تصرفهم ، هذا اذا ما فشل الافراد في صياغة فكرة يجدون من خلالها ما يهدفون اليه . لذلك فان مقولة ماركس بأن الدين افيون الشعوب يجب أن تفهم من خلال ليس الدين المسئول عن ذلك ولكن صراعات الافراد لتحقيق مصالحهم هي وراء تقديم التبريرات للدفاع عن هذه المصالح من خلال المعطيات الدينية . وبالتالي فلا يمكن القول أن الدين هو وراء ظاهرة الارهاب بل تبقى معالجة هذه الظاهرة متوقف على بحث كل العوامل بشكل متداخل التي تساعد على خلق أرضية التطرف كسلوك كنتيجة وكمنهج وكما يقول تيموثي ليم ان الثقافة غير مسئولة عن خلق الارهابيين وانما ظرف معين أو مجموعة من القضايا السياسية والاقتصادية وديناميكية التاريخية - الداخلية والدولية - هي التي تخلق البيئة التي تقود الى ظهور العنف(22) .
لذا فأن الدوافع تعد أمرا هاما اذ تشتمل في طياتها ، على علاج لها . ومن جانبنا نجد ان هناك حزمة من الاسباب المتداخلة ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تقف وراء هذه الظاهرة المدمرة يمكن أن نستعرض أهمها --
السبب الاول – يتمثل في الواقع العربي المأزوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، وفي الانعكاسات التي يولدها هذا الواقع وافرازاته في حياة الأكثرية الساحقة من الناس وفي وعيهم . وتختلف تأثيرات هذا الواقع وردود الفعل عليه ، من رفض منظم أو عفوي بين بلد عربي واخر ، باختلاف الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وباختلاف الانظمة والقوانين وعلاقتها بالديمقراطية ، سلبا أو ايجابا وسوى ذلك من اختلافات في الظروف والشروط.
السبب الثاني - يتمثل في عجز الحكومات المتعاقبة في هذه البلدان ، ولو بنسب ومستويات مختلفة بين بلد واخر ، العجز النسبي في حالات معينة والعجز المطلق في حالات أخرى ، عن ايجاد حلول للازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة والعجز عن اختيار طريق للتطور يحرر هذه البلدان ولو نسبيا ولو تدريجيا من التخلف التاريخي ومن المظاهر الحادة لتبعيتها أي هذه البلدان لمراكز الرأسمال العالمي الاحتكاري التي تسعى لابقائها مرتهنة في تطورها ، لقرارات هذه المراكز وفق ما تقتضية مصالح هيمنتها وتوسيع وتعميق هذه الهيمنة بصورة دائمة.
السبب الثالث- يتمثل في تفاقم حالات ومظاهر واساليب الاستبداد السياسي الذي تعبر عن أشكال مختلفة للدولة القديمة – الدولة القروسطية من تكتلات طائفية أو حزبية أو عشائرية . أن هذا النوع من النظم الاستبدادية التي تولد على الدوام دولا على قياسها وعلى قياس مصالح الافراد والجهات التي تمثلها ، تتعارض بصورة مطلقة مع أي مظهر من مظاهر الديمقراطية وأي صيغة من صيغها ، فهي اذن انظمة قمعية تقيد الحريات وتحرم الافراد والجماعات من حقوقهم في التعبير عن أفكارهم وانتمائاتهم السياسية والفكرية والتنظيمية والدينية أحيانا. وتحرمهم من حقوق الانسان وحقوق المواطنين وهذه الانظمة مؤهلة بطبيعتها عندما تضعف أو عندما يزداد الوعي بضرورة تغييرها، الوعي بمستوياته المختلفة ، الأكثر تقدما والأكثر تخلفا ، لأن تولد كل أشكال الاعتراض عليها بمستوى هذا الوعي وبحسب درجة تطوره ولما كان الوعي السائد متدنيا للأسباب الانفة الذكر فأن أشكال الرفض لهذه الانظمة وكل الواقع القائم ، تصبح أكثر عفوية في أغلبها أي انها تحمل بسبب ذلك طابع العشوائية والعفوية وطابع التدمير (23) .
وهذا يعني ان فكرة التنظيمات الجهادية المسلحة لا تعيش ولا تترعرع في ظل أنظمة معتدلة سياسيا وغير قمعية أو دموية ، حيث ان القاعدة وأخواتها لا تتبلور رسالتها من خلال خصومة سياسية وهي لا تريد أن تكون معارضة بالمفهوم التقليدي للكلمة بل تريد أعداء وكفار وأشرار تشيطنهم لتقول انه لا خلاص منهم الا بقتلهم والعمل العسكري الذي ينال من قوتهم وهي تنجح في منحاها العنفي حين تتمكن من توظيف الظروف المعيشية الصعبة في أي بلد لاقناع مجنديها بأن الحل لهذه الظروف هو القضاء على الحكومات التي تتحمل المسئولية عن هذه الظروف بتقنينها للفساد المالي والاداري والسياسي وبارتهانها لشروط الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية وابتعادها عن تحكيم الشريعة(24).
السبب الرابع - تأثير العولمة على الدولة . فكما هو معلوم ان تأثيرات العولمة في التقليص من اختصاصات سيادة الدولة تعتبر الاساس في اندماجية الدول بصيرورة عولمة العالم وما يعنيه هذا التحديد من تحجيم الفكر القومي لكل مجتمع لصالح المنطق الاقتصادي العالمي. فعلى رغم من هذه الصيرورة ففي العالم الغربي الذي تجاوز منطق القومية نرى تناقضات بين المنطق القومي ومنطق العولمة مازالت قائمة وتستخدم لتحريك السلوك السياسي ، حيث يظهر هذا من خلال العمليات الانتخابية التي تركز على خصوصية كل مجتمع مع التركيز على الجهوية بمعنى الاقليمية في ابراز الفوارق بين ليس فقط أفراد المجتمعات المختلفة في كل دولة بل وأيضا بين أفراد المجتمع الواحد في تقسيماته الادارية والجهوية كما نرى في حالة المجتمع البلجيكي والاسباني والالماني والانكليزي في الوقت الحاضر هذه الاوضاع هي أساس الصراعات الحالية داخل هذه المجتمعات مما يعني ان العولمة فجرت مكونات المجتمع الواحد حيث يطالب كل قسم منه التعامل بشكل مباشرة مع العولمة على حساب المجتمع بأكمله . واذا كانت هذه الظاهرة تشكل حاليا احدى المشاكل الرئيسية في العالم الغربي . ففي عالم الجنوب وخاصة في العالم العربي ، فأن المطالبة بتحديد السيادة لا يفجر فقط مكونات المجتمع لكون ان المجتمع مازال يعاني من مشاكل غياب الاندماج وضعف أواصر الوحدة الوطنية بل ان العولمة تساهم في تطرفية السلوك السياسي لافراد هذا المجتمع(25)
السبب الخامس- أن تهميش المجتمعات العربية في المنظومة العالمية الجديدة ، يتجلى بدوره في غياب أرضيات حقيقية يمكن انطلاق النضال منها ، ذلك لأن التهميش في الاطار العالمي ينتج تهميشا على صعيد داخلي . ان الاغلبية المتزايدة من قوى العمل لا تنخرط في مؤسسات انتاجية ذات شأن ، فالعامل لا يستطيع أن يناضل من أجل تحسين أموره في الانتاج وسيجد وسائل معيشته في الاندراج في تلك الأعمال التي سميت غير شكلية وهي ذات طابع غير مستقر ، وهذه الظروف تهيأ الجماهير لقبول سيادة السوق ،كما تغذي البحث عن الحلول الفردية لتحل محل العمل الجماعي . وهذه الاوضاع هي المسؤولة عن ظاهرة عامة في جميع اقطار العالم المهمش ، وهي هجرة النضال من أرضية الواقع الاجتماعي الغائبة الى سماوات البديل المطلق ذي الطابع الثقافوي أو الديني(26) وهذا ما يفسر اتجاه الشباب الثائر الى الاسلام السياسي.
السبب السادس- سياسات وممارسات الدول الغربية
تعد سياسات وممارسات الدول الغربية مسئولة بشكل أو باخر عن ظهور الحركات السلفية الجهادية من خلال أجهزة الاستخبارات الغربية التي تبنت ودعمت مثل هذه الحركات في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق لافغانستان . فقد عملت الولايات المتحدة انذاك على اذكاء روح الجهاد وشجعت الدعوة اليه واستخدمته في تجنيد شباب المسلمين في صفوف المقاومة الافغانية لانهاك الاتحاد السوفيتي . وقد ابتلع المسلمون هذا الطعم فانخرطوا بأعداد كبيرة في هذا المشروع الامريكي .
وفي هذه البيئة الجهادية تكون جيل جديد من الشباب المتأثر بالمذاهب السلفية الوهابية والجهادية ومع تحرير افغانستان عادوا الكثير من المجاهدين الى بلادهم ليجدوا أنفسهم في حالة فراغ وبطالة اذ لم يتم استيعابهم اجتماعيا واقتصاديا ، فظلوا على الهامش وقودا قابلا للاشتعال في أي وقت . ثم استغلت الولايات المتحدة هؤلاء مرة أخرى لتحقيق أهدافها في البلقان ، فجندت أعدادا كبيرة منهم وأمدتهم بالسلاح والمال . وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى ما ذكرته وزيرة الخارجية السابقة للولايات المتحدة في كتابها الموسوم (خيارات صعبة )، من أن منظمة داعش الارهابية هي من صناعتهم لتقويض الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط (27)
السبب السابع - يتمثل في فشل التجارب التي حملت مع قيامها مطامح شعوب هذه البلدان في التغيير لصالح التقدم والتحرر والديمقراطية الاجتماعية . فهذه التجارب علي تعدد مدارسها – لم تستطع أن تحقق المطامح – برغم ما حققته من انجازات تختلف من حيث درجتها بين هذه التجربة وتلك . فقد قدمت هذه التجارب الكثير من الوعود لشعوبها ولكنها مارست في الواقع سياسات كانت في معظمها وفي النتائج العملية التي انتهت اليها مختلفة حتى التناقض ، أحيانا عن هذه الوعود . فلم تستطع أن تفي بما وعدت به. وقد أدى هذا الفشل وما رافقه من قمع هنا وهناك ومن تراجعات هنا وهناك في الفكر والسياسة والاقتصاد وفي العلم والمعرفة وفي مجالات أخرى الى خلق حالات متفاقمة من اليأس والاحباط ومن أشكال متعددة من الهروب الى الامام أو الى الوراء في ان . وما نشهده من حالات الرفض أو العنف الذي يقترن باسم بعض الحركات الاسلامية .
السبب الثامن - يتمثل في عجز الانظمة جميعها عن التعامل المبدئي والعملي مع القضية القومية المتمثلة في قضية فلسطين والنضال لتحريرها والمتمثلة في المشاريع التي قدمت لتحقيق الوحدة العربية والمتمثلة في السعي لتحرير الثروات القومية من هيمنة الداخل – السلطات القائمة وانظمة الحكم وأشكال الدولة الاستبدادية واجراءات القمع لكل أنواع الحريات الفردية والعامة – واغفال مشاكل البلاد والناس والعجز عن حلها ضمن المشكلة الاساس وهي المصدر الاساس لكل هذه الظاهرات (28).
السبب التاسع- مسؤولية عدد كبير من حكومات الدول العربية عن الوصول بالمنطقة الى هذا الوضع فقد أدى ا لتنافس على النفوذ فيما سمي ب الحرب الباردة الجديدة الى تاييد هذه الدول لجماعات مسلحة دون تقدير لعواقب ازدياد قوتها . من ذلك تأييد المحور القطري - التركي لداعش كجزء من سياسته لاسقاط النظام السوري . وقد ثبت ان عناصر داعش تلقت تدريبات عسكرية في تركيا . كما قام المحور بدور نشط في دعم الميليشيات الليبية . ومنها أيضا دور محور السعودية - الامارات في دعم الجماعات المسلحة في سوريا ، والميليشيات المتناحرة في ليبيا . فقد كان من شأن هذا التسابق على النفوذ مزيد من تعميق التفرقة والتفتيت .يضاف الى ذلك مسؤولية الجامعة العربية والدول الكبرى فيها عن عدم طرح مشروعات عربية لمواجهة هذه الازمات ، والاعتماد على طلب التدخل الامريكي -الاوربي( 29) .
السبب العاشر- ان تسييس المعالجة العلمية ، والتعامل السياسي مع تنظيمات الجهاد المسلحة لعب دورا كبيرا في نموها وانتشارها في العقود الخمسة الماضية ، اذ تم التعامل معها من قبل بعض الباحثين من منظور سياسي ذرائعي ( كما يشير الى ذلك الباحث نصر محمد عارف )لايفرق بين هذه الجماعات الخارجة على الاسلام ، والاسلام نفسه كدين . فتم استخدام هذه الجماعات كوسيلة للهجوم على الدين ذاته . وهذا ما ساعد على دعم هذه الجماعات وانتشارها في المجتمع ، مستغلة هذا الخطاب لتحشيد الشباب وحشدهم وراء أهدافها مبررة ذلك بأن الاسلام في خطر ولابد من الجهاد للدفاع عنه أمام خصومه وأعدائه . ومن جانب اخر ، كان التعامل السياسي مع هذه الجماعات مقتصرا على الحلول الامنية فقط في معظم الحالات . وفي الحالات المحدودة التي تم التعامل الفكري مع هذه الجماعات كانت النتائج ايجابية(30) .
السبب الحادي عشر- التأثر بفكر تنظيم القاعدة العالمي
كانت العمليات المتوالية للقاعدة والظهور الاعلامي المتكرر لقياداتها مثارا للاعجاب وعاملا مهما في خلق التأثر بفكر القاعدة والتعاطف معها وزيادة قدرتها على تجنيد العناصر والتنظيمات الحليفة بعد انتهاج القاعدة استراتيجية تنظيمية متطورة أقل كلفة وأكثر أمنا وسرعة تقوم على استخدام اسلوب الارهاب الالكتروني والاستفادة من شبكة المعلومات الدولية في التواصل والتنسيق مع التنظيمات الحليفة حيث توجه الأوامر اليها بشكل مركزي . ولعل ذلك ما يفسر اعلان العديد من هذه الحركات الارتباط بالقاعدة فكريا وتنظيميا . وقد شاهدنا في الاونة الاخيرة حصول تحول غير مسبوق في تاريخ التنظيمات الجهادية حيث شاهد العالم لأول مرة في التاريخ المعاصر تنظيما مثل تنظيم داعش يجتاح دولة ويستولي على مدن كاملة والاكثر من ذلك أن يعلن قيام دولة له ، ويعلن للجميع أما الولاء لهذه الدولة وأما القتل(31).
وتتوقع الوثيقة الامريكية التي صدرت في ديسمبر 2004عن مجلس المخابرات القومي الامريكي بعنوان ( تخطيط المستقبل الكوني ) ان الهوية الدينية ستكتسب أهمية قصوى خلال العقدين القادمين ، خاصة في مجال تعريف الناس لأنفسهم ونظرتهم لذواتهم .
وقد اهتمت الوثيقة المذكورة في سياق تحليلها لتأثير سياسات الهوية على الحكم الرشيد بما أطلقت عليه الاسلام الراديكالي ، وتتنبأ الوثيقة بأن أعدادا كبيرة من الشباب في أغلب دول الشرق الاوسط سواء في المشرق أو المغرب ، سينخرطون خلال السنوات القادمة في جماعات اسلامية متطرفة قد .تنزع في لحظات معينة الى الارهاب الصريح . وتقرر الوثيقة ان هذه الظاهرة انما تكشف عن القهر
السياسي والاغتراب الاقتصادي والاجتماعي الذي يعاني منه الشباب في هذه المجتمعات ، خاصة ان أغلبهم يعيشون في ظل نظم سياسية قمعية .
وترى الوثيقة ان انتشار موجات الاسلام الراديكالي ستكون له أثاره العميقة على المشهد الكوني بحلول عام 2020 ، لما يمكن أن يترتب على تلك الظاهرة من توحيد لجماعات عرقية وقومية متناثرة في كتلة واحدة ، وقد توجد سلطة تتجاوز الحدود القومية (32).
ثالثا- سبل مكافحة الارهاب
لابد من القول ، مادامت السياسة علاقات قوة بين الدول ، فليس في استطاعة أحد أن يقضي على ظاهرة الارهاب في العالم . فالارهاب يعد أحد أكثر تمثلات السياسة خبثا ، بيد أنه من الممكن كبح جماحه والحد من انتشاره .
ان تقرير مؤسسة راند عام 2008،والمعنون ( كيف تزول الجماعات الارهابية ) يعد واحدا من أشمل التحليلات الاحصائية ، واكثرها اثارة والتي أجريت عن الارهابيين خلال السنوات الاخيرة الماضية.
وقد قامت مجموعة من باحثي (راند) بدراسة 648حركة امتد نشاطها من عام 1968وحتى عام 2008،وكان أهم ما تم التوصل اليه أن الانتقال الى العمل السياسي هو الطريق الأكثر شيوعا الذي سلكته الجماعات الارهابية . ومن ضمن النتائج التي تم التوصل اليها - ان الجماعات الارهابية ذات الطابع الديني تستغرق وقتا أطول لتزول بالمقارنة بغيرها من الجماعات الاخرى . وعلى الجانب الاخر ، فنادرا ما تحقق الجماعات الدينية أهدافها . ويشير الباحث الامريكي جرايهام أي فولر ان الارهاب في الشرق الاوسط وفي غيره من أقاليم العالم يمكن أن يتم تحجيمه على نطاق واسع ، ولكن فقط في حالة تراجع الأحوال والظروف التي أدت الى نشأنه . فالجهود الامريكية التي يبذلها الجيش الامريكي لاقتناص الارهابيين وقتلهم لم تؤد الا انتاج أجيال جديدة من المتطرفين الأكثر حماسة ونشاطا ويمكن للتدخل العسكري اضعافهم ولكن أعدادهم تأخذ في الازدياد المطرد بفعل انتقالهم من دائرة صراع الى دائرة صراع أخرى. ويوضح الباحث فولر ان الأزمة الراهنة في العلاقات ما بين الشرق والغرب أو الغرب والاسلام لا يربطها بالدين الا رابط يسير . فجل القضايا في هذا الاقليم يمكن أن يتم تناولها وحلها دونما اللجوء الى الاسلام كعامل تفسيري . فالاسلام وبخاصة في ثوبه الايديولوجي الأكثر تطرفا ، يمكن أن يزيد من تعقد تلك المشكلات وتفاقمها ، وأن كان لا يخلقها من الأساس . اذ تنشأ تلك القضايا والمشكلات من تحديات اقليمية وسياسية واقتصادية واجتماعية محددة وواضحة تلك التحديات التي تتجاوز العنصر الديني حتى وان تم تغليفها في غلالة من الخطابة البلاغية الاسلامية .
ويضيف الباحث انه يتعين على واشنطن أن تصيغ سياساتها في الشرق الاوسط كما لو لم يكن ثمة اسلام، فاحالة الامر الى الاسلام ينقل المشكلة بصورة جلية الى الاخر ، فلا يستتبع أية دراسة من جانبها لاخفاقات سياستها ذاتها . و يستدرك فولر لكن ذلك لا يعني عدم وجود مشكلات حقيقية في اقليم الشرق الاوسط والعالم النامي تستدعي العمل على علاجها علاجا ناجعا ، فكما اننا لا يمكننا أن نحمل الاسلام مسئولية كل شيئ، كذلك فأنه لا يمكننا أن نحمل الغرب كل شيئ. بيد أن انعام النظر في قضايا بعينها ، وايلائها أهمية قصوى - بما في ذلك أسبابها والحلول التي يمكن القيام بها هو أكثر الطرق ملائمة للمضي قدما(33) ومن أجل تحجيم حدة المواجهة الحالية ما بين العالم الاسلامي والولايات المتحدة ، وكسر شوكة الارهاب الدولي يقترح الخطوات التالية
1- يجب العمل على انهاء التدخل العسكري والسياسي الغربي في العالم الاسلامي - وكلها مظاهر مثيرة ومستفزة للمسلمين - بما يضمن أن تسترد المنطقة استقرارها وسلامها . ويعني ذلك انسحاب جميع القوات الامريكية والغربية من أراضي العالم الاسلامي.
2- يجب تفعيل مجهودات التعرف الى الممارسات الارهابية واحباطها من خلال مجهودات الشرطة وأجهزة الاستخبارات ، كذلك يجب أن يكون القبض على الارهابيين مهمة المنظمات الدولية والبلدان المعنية ، لا مهمة الولايات المتحدة الامريكية التي تنشط عبر امتدادات وتوسعات غير قانونية خارج أراضيها لممارسة سيادتها في القبض على الافراد واغتيالهم وفقا لارادتها المطلقة .
3- يتعين على الولايات المتحدة أن توقف دعمها لكل دكتاتور موال لها يشوه سمعتها ويكذب التزاماتها المصرح بها بشأن الديمقراطية ، ويؤدي الى تهيئة مناخ سياسي قابل للانفجار ، فضلا عن اذكاء مشاعر الاستياء ضد كل ما هو امريكي.
4- يجب العمل على دفع مسيرة الديمقراطية في أرجاء العالم الاسلامي ، على أن لا تكون واشنطن هي المحرك الذي يقود توطيد الديمقراطية هناك . فالوضع المثالي يكمن في أن تكف واشنطن يدها عن تلك العملية لئلا تشارك في افسادها ، كما كانت عليه الحال فيما مضى ، من خلال ربطها بمصالح الولايات المتحدة الذاتية . فالاستخدام الانتقائي والوظيفي السابق للديمقراطية ، والذي مارسته واشنطن لتحقيقا لاهداف الاستراتيجية الامريكية قد شوه المفهوم ذاته الذي تنبني عليه برامجها لاحلال الديمقراطية .
5- يجب التوصل سريعا الى حل للمشكلة الفلسطينية ، والتي ينظر اليها على امتداد العالم الاسلامي بأسره باعتبارها أكثر حالات الامبريالية فظاعة وشناعة . تلك الامبريالية التي اقتلعت السكان المحليين وزجت بهم في أحوال معيشية متردية في مخيمات اللاجئين ، وفرضت عليهم أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية في اسرائيل ، أو أجبرتهم على ترك الوطن الى المنفى - وذلك على امتداد أكثر من ستة عقود . وتستلزم هذه الازمة حلا سريعا ناجزا ، والذي يبدو أن خطوطه وملامحه العامة معروفة لجميع الاطراف . ان المطامع الكولونيالية الاسرائيلية وجهودها الحثيثة في الاقاليم الفلسطينية يجب أن توضع نهاية لها.
6- أما مايتعلق بالمنابع المحلية للعنف في كل قطر على حدة فتستلزم تحليلات منفصلة ومستقلة وعلاجا يتماشى والظروف الداخلية المحلية ، اذ لا تشكل تلك المنابع عامة ، مشكلة ملحة مقارنة بمثيلاتها الدولية . وحدهم المسلمون ( أي السكان المحليون ) هم القادرون في النهاية ، على ايجاد حلول بشأن التطرف الاسلامي( أي المحلي(34 ).
ويقف في مقدمة هذه الحلول من وجهة نظرنا هوأولا- فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن السياسة وهو مطلب أنساني وتاريخي تتطلبه المجتمعات الإنسانية اليوم، وهو مطلب اقتصادي واجتماعي تشترطه الحياة الديمقراطية الحقيقية، كما هو مطلب سياسي يفوت الفرصة على المنتفعين من رموز الإسلام السياسي وقيادته المحافظة لعرقلة التطور من خلال إقحام الدين بالسياسة، والذي يندفع ثمنه غاليا الآن في تجارب العراق وسوريا وليبيا واليمن والسعودية وإيران وغيرها من البلدان التي تسعى إلى الحكم أو تحكم باسم الله . ومن هنا فإذا كان الدين على المستوى الفردي هو ملجأ آمن للإنسان الضعيف من جميع ما يحيط به من مخاوف وتهديدات حياتية، فأنه بيد الدولة سلاح لتكريس حالة الضعف لدى الإنسان والوقوف ضد نهضته. ومن هنا فأن تحرير الدين من الدولة ومن السياسة فيه مصلحة عليا للدين والدولة والسياسة(35) .
ثانيا- بلورة رؤية متجددة للدين وهذا يستوجب رفع الاضطهاد عن تراثنا العربي الاسلامي ، ذلك الاضطهاد الذي لحق به في ظروف الارهاب الفكري الظلامي في مراحل من التاريخ العربي والاسلامي أو في ظروف قمع الاستشراق الغربي له ومحاولات طمسه وتشويهه – هذا الاضطهاد يعاد انتاجه من جديد اليوم من قبل قوى التخلف والظلام . وضرورة العمل الجاد الواعي لاعادة الاعتبار لماهو حي بالفعل من عناصره وكشف الصلة المطموسة فيه ، بين ماضينا والحاضر لاثبات الاصالة في ثقافتنا الوطنية المعاصرة (36). بكلمة اخرى تفكيك مفاهيم السلفية الجهادية وخاصة مفهوم الجهاد الاسلامي ، فليس هناك تنظير صالح لكل زمان ومكان ، وليس هناك نظام حكم تفصيلي يصلح لكل زمان ومكان ، فاذا كان المسلمون في بداية تاريخهم اخترعوا نظام الخلافة كي يكون امتدادا لطريقة النبي محمد (ص)في ادارة الدولة ، وكان النظام ملائما في مراحل تاريخية معينة ، فانه -وبلا شك - بات غير صالح لواقعنا الاسلامي اليوم الذي تلح عليه اسئلة مختلفة ، ويتعامل مع وقائع معقدة . لذا فنحن بحاجة الى نظام يتناسب مع التقسيمات السياسية الحديثة ويتواءم مع ماوصلت اليه منتجات الحضارة الانسانية (37).
ثالثا- أن اعادة بناء القوى الشعبية الديمقراطية على الساحة ، هي نقطة الانطلاق الضرورية التي لا مفر منها ، فلن يكون هناك حل للازمة الطاحنة التي يمر بها عالمنا الا بتعزيز موقف جميع الفاعلين الضعاف فيما يسمى بالنظام العالمي الجديد أي لابد من التحرر من الكولونيالية العمومية و من وصفات الليبرالية وأوهام الرفض الفاشي لها ، حتى يمكننا بناء بديل انساني ديمقراطي ، يحترم الاختلاف من دون أن يقبل عدم التكافؤ (38). فالمسألة الحقيقية التي ينبغي أن تشغلنا في بلداننا العربية، خصوصاً، وفي العالم، عموماً، انما تتمثل في ان جميع الشعوب هي بحاجة الى الديموقراطية الحقيقية ، كشرط أساسي للحفاظ على الحرية، ولتأمين وضمان حقوق الانسان، ولتحقيق التقدم والعدالة الاجتماعية.
الهوامش والمصادر
1- عبد الجواد جمال ، بناء التحالفات لمكافحة التطرف والارهاب، مركز الاهرام ، القاهرة 2011، .
2- الدسوقي أبو بكر ، اشكاليات الانتقال في أجيال العنف ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 198اكتوبر ، مركز الاهرام القاهرة،2014 ، .
3.الغربي اقبال ، تاملات نفسية في السلفية ، 27-7 -2014
4- روا اوليفييه ، الجهل المقدس زمن دين بلا ثقافة ، دار الساقي بيروت ،ص 27. نقلا عن برهومه محمد ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 197، مركز الاهرام القاهرة .
5- يسهب الباحث في تفسير تعريفه ويتوقف بشكل خاص عند سؤال كيف تتم عملية اجتذاب انصار جدد للتنظيم ؟ وهو السؤال الذي يثيره الكثير من الناس ولايجدون اجابة عليه . ويوضح الباحث الاليات النفسية والثقافية المشوهة التي تستخدم مع المنتسبين الجدد بهدف اعادة تشكيلهم ثقافيا ونفسيا وفيزيائيا بالشكل الذي يفقدون فيه فرديتهم وانسانيتهم ويحولهم الى مخلوقات مسخ ومشوهة
للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر ، ندوة فكرية حول ظاهرة السلفية ، شبكة تونس الاخبارية ، 30-4-2014
6-- برهومه محمد مصدر سابق .
7- حجازي اكرم ، دراسات في السلفية الجهادية ، مدارات للابحاث والنشر ، القاهرة،2012.
8- يسين السيد ، العقل الارهابي والتطرف الايديولوجي ، كراسات ستراتيجية ، العدد 216، مركزالاهرام ، 2010.
9- عارف محمد نصر ، المصادر الفكرية لجماعات الجهاد الوضيفي ، مجلة السياسة الدولية ، مصدر سابق .
10-- نسيره هاني ، القاعدة والسلفية الجهادية ، كراسات ستراتيجية ، العدد (188)، 2008 ، مركز الاهرام القاهرة .
11- - نسيره هاني ، مصدر سابق .
12- - نفس المصدر ،
13-- حجازي اكرم ، مصدر سابق
14- - الريسوني أحمد ، الحركة الاسلامية المغربية ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ،2004،.
15- الزهراني فارس ال شويل ، سلسلة العلاقات الدولية في الاسلام ، موقع القاعدون .
16- فولر جرايهام ، عالم بلا اسلام ماذا لو ؟ ، ت احمد جمال ابو الليل ، اصدارات صدور الجديدة ،القاهرة 2013.
17- - نسيره هاني ، مصدر سابق .
18- حجازي اكرم ، مصدر سابق
19- سعد الحسن صالح ، شهادة الثقات ، موقع القاعدون على الانترنيت، التاريخ بلا.
20- حجازي اكرم ، مصدر سابق .
21- المقدسي ابو محمد ، ملة ابراهيم ، منبر التوحيد والجهاد . وايضا نسيره هاني مصدرسابق .
lim Tymothy C. Doing comparative politics .Lynne Riennerpublishers.2006 p 221. 22- نقلا عن سويم العزي ، علم النفس السياسي ، اثراء للنشر والتوزيع ، الاردن 2010،.
23- مروه كريم ، حوار الايديولوجيات ، دار الفارابي ، بيروت 1997.
24- برهومه محمد ، عوامل صعود السلفية الجهادية ، مجلة السياسة الدولية ، مصدر سابق .
25- - العزي سويم ، مصدر سابق .
26- أمين سمير ، في مواجهة أزمة عصرنا ، دار الانتشار العربي ، بيروت 1997.
27- كلينتون هيلاري ، خيارات صعبة ، نقلا عن الصحافة والمواقع الالكترونية مثلا موقع ايلاف وجريدة الانباء الكويتية ، عدد 7-8-2014.
28- مروه كريم ، مصدر سابق .
29- هلال علي الدين ، النظام الاقليمي العربي في مواجهة مخاطر الانقسام والطائفية ، مجلة السياسة الدولية ،العدد 198.
30- عارف محمد نصر ، المصادر الفكرية لجماعات الجهاد الوضيفي مجلة السياسة الدولية ، مصدر سابق
31- - شبانه ايمن ، الساحل الافريقي وتحديات السلفية الجهادية ، مصدر سابق
32- - يسين السيد ، مصدر سابق .
33- فولر جرايهام ، مصدر سابق .
34- نفس المصدر ،
35- مروه كريم ، الجذور السياسية والاجتماعية والايديولوجية للارهاب -اصلاح ديني يحرر الدين والدولة، موقع الحوار المتمدن ،العدد 307، 2002
36- مروه حسين ، من كتاب دراسات في الاسلام ، دار الفارابي - بيروت 1980،ص40.،وايضا صادق حبيب ، حوار مع فكر حسين مروه ،دار الفارابي بيروت 1990.
37-المزيني حمزه ، ثقافة التطرف ، دار الانتشار العربي - بيروت 2008،.
38-امين سمير ، مصدر سابق
ملاحظة - قدمت هذه الدراسة في الكونفرنس العلمي الذي اقامته الاكاديمية العربية في الدانمارك