داء النسيان؟؟؟ / د. ناجي نهر

المتتبع لما جرى ويجري على ساحة مجتمعات العالم الثالث السياسية فى الماضي والحاضر،سيستنتج بان هذه الاقطار الصغيرة عانت وما زالت تعاني الامرين من سياسة المستعمر ،ومن تألق عملائه القدامى والجدد وتفننهم فى تنفيذ طلبات المستعمر ومشاريعه الجهنمية، فلوا أخذنا دولة العراق نموذجا لاستنتجنا وكأن امريكا وحدها تمتلك مصلا خاصا يسمى (مصل النسيان) تلقح به عملاءها قبل استلامهم السلطة بفترة قصيرة ،لتجعلهم ينسون الماضي ،ويمتثلون لاوامر الحاضر ، وهذا ما جرى مع فرسان المحاصصة العراقية الجدد ، الذين امتطوا ظهور الدبابات (الامريكية) لسحق دكتاتورية صدام المقيتة ،التي فرح الشعب بسحقها غاية الفرح، غير ان امريكا سرعان ما اخذت تسقي (مصل النسيان) لهؤلاء الحكام الجدد ، لكي ينسوا مصير صدام الاسود، ويمتثلوا لاوامر صناديد مخابراتها فى [السي آي اي] وتنفيذها باخلاص ،ابتداءا من تسابقهم على كرسي الحكم ، وخذلانهم لشعبهم وعبثهم بمقدراته والهائه بمختلف النزاعات المذهبية والطائفية، وسرقة ثرواته وتجويعه ، وانعاش الاقتصاد الامريكي على حساب خزينته، وهدرامواله ودفعه لشراء الاسلحة والمعدات غير الضرورية والهائه بمختلف المشاكل والكوارث التي يشيب لها الولدان. ولذلك يصح القول بان الساسة المتحاصصين قد امعنوا فى اهانة شعبهم وجعلوه يئن تحت وطأة التخلف والكوارث المدمرة والفقر والجوع والجهل وتردي الصحة وقساوة المحن التي لا يمكن وصف تداعياتها المؤلمة .. لكن شعب العراق الشجاع وبرغم كل المحن والكوارث القاسية ، واصل نضاله الباسل ، مستفيدا من تجاربه المريرة التي صقلت مواهبه ورفعت من وعيه فى مطاولة الكفاح الواعي والتميزالنضالي ،وجعلته مضرب الامثال بين اكثرية المجتمعات. فلقد استطاع شعبنا من اكتشاف سر اضطهاده واستغلاله واسباب ما جرى ويجري فى العالم من سياسات متناقضة ومن استغلال بشع للدول الصغيرة بخاصة، واستفاد من دروسها وغدى قادرا على تشخيص العمل النافع من الضار ، ومعرفة القائد المخلص من الانتهازي ، واضحى (ملتزما) غاية الالتزام بقانون [الرجل المناسب فى المكان المناسب] وملتزما بان لكل مهنة ولكل عمل (اختصاص ومختصون) يجيدون العمل فيه اجادة تامة، ولا يقفزون على غير اختصاصاتهم كما تقفز القردة بقفزات تخريبية مدمرة.. كما تيقن شعبنا من ان مزوالة الاختصاص هو الذي يعطي النتاج الاكثر والافضل والاسرع فى سد حاجات المجتمع الضرورية ،وهذا ما دفعه الى التاكيد على الالتزام بالاختصاص ، ومحاسبة من يشذ عن هذه المسلمات العلمية ، وتحميله مسئولية اضرارها الفادحة. واستنادا لقانون الاختصاص وتطبيقاته ،اشترط على الراغبين بدخول المعترك السياسي ، دراسة علم السياسة وخصائصه وتجاربه الناجحة والفاشلة بعمق ،والالمام بمعرفة مختلف الامراض الاجتماعية ، ومعالجتها بنجاح ، بالاستفادة من دراسة تجارب الشعوب من حوله ،وتقييم مستوى عمله مقارنة بعمل انسان العصرالمتقدم والنهوض بمستواه ،والزام الراغبين بدخول المعترك السياسي بمعرفه من يتحكم باقتصاد مجتمعاتهم ولماذا وكيف؟؟؟ كما اشترط على السياسي ان يسلك سلوكا حضاريا (توعويا) فى التعامل مع الآخر يتناسب مع مستوى تطور الحياة (المادي والفكري) فى الزمان والمكان، لكيما يكون مؤهلا لخدمة كوكبنا ومن عليه. فلقد غدا انسان اليوم اكثر وعيا من انسان الامس بما لا يقاس، فانسان اليوم قد استطاع بوعيه المتقدم من بناء ناطحات السحاب وغزو الفضاء بسفن كونية غاية فى التعقيد، واصبح من السهل عليه تقييم عمله وعمل الآخرين ومواصلة التطور ببرمجة علمية دقيقة. فلقد اضحى انسان اليوم قادرا على (فرز الغث من السمين) والتمييز بين(الحاكم المخلص والحاكم المزيف) وقادر ايضا على منع المزيف من التلاعب بمقدراته والعبورعلى حدوده وحقوقه. ولذلك استطاع شعبنا الواعي ومنذ الوهلة الاولى من تشخيص اوضار المحاصصة السياسة سيئة الصيت ، وانذر بعواقبها وكوارثها ، فوصف المحاصصة بالداء المهلك وصرخ برفضها، وصاح باعلى صوته "لو تمسك حكام المحاصصة كل بمهنته لكان افضل لهم ولابناء مجتمعهم". فقد اثبتت التجارب ان الانسان الذي لا يعمل باختصاصه سوف يفقد البوصلة و(يتيه) فلا يدري ماذا يعمل وكيف يخرج من دهاليز السياسة وينتصرعلى تداعياتها!!. ثم ومع كل الذي جرى وصار فشعبنا الكريم المتسامح يحذر الساسة مرة اخرى ويرشدهم بان الفرصة ما زالت متوفرة ومتاحة للجميع بتصحيح المسار والاعتراف بان السياسة علم و(اختصاص) ولها ناسها المختصون، وهي بحاجة الى الالمام بالعلوم المتنوعة ،واتخاذ القرارالصحيح بلباقة وسرعة بديهة ، واحيانا بحاجة الى المراوغة واللف والدوران ،واللعب على الحبال وممارسة اعمال بعضها قد تكون مفيدة ومفخرة للسياسي ولناسه ،وبعضها قد تكون فاشلة وضارة به وبناسه. ثم يذكرهم بان التأريخ سيظل هو الحكم العادل والمنصف والقادر على تسجيل الحقائق ووصف كيف تسابق معظم سياسيو المحاصصة على مزاولة السياسة لا من اجل فائدة شعوبهم، بل من اجل الامتيازات التي تقدمها (السلطة السياسية) للسياسي السارق وتمكينه من التألق!!! فى سرقة ثروة الشعب وحقوقه. فيا ساستنا الاماجد ،يا فرسان المحاصصة الاشاوس يا من فشلتم فى (الاختبار والاختيار والتنفيذ) احذروا من الاستمرار بهذا السلوك المشين المتردي ولا(تتناسوا) ما حل بالطغاة واخشوا ذات المصير!!!] لئلا تندفعوا بمحض ارادتكم نحو الهاوية المعروفة!!! ،فقد بدأتم بتسقيط بعضكم البعض، وتبرير مفاسدكم التي لا يمكن تبريرها بسهولة..فهل من صحوة ضميرصادقة ومنتجة للخيرات ؟؟؟!!!.