الكلمة للشعب !/ محمد عبد الرحمن

النظام الطائفي المحاصصي مرض مزمن ابتلي به لبنان قبلنا ولم يتعاف منه، ولم يجلب له الامن والاستقرار ، وبفعله ، وعوامل اخرى داخلة ، عانى ويعاني من دورات الاقتتال الداخلي ذي العنوان الطائفي وهو يحصد ارواح البشر، ويخرب مدناً باكملها ، ويدمر الاقتصاد، بينما ما زال لبنان يشكو نقصا شديدا في الكهرباء ويعتمد بنسب غير قليلة على المولدات ، بالرغم من ان تنظيمها هناك افضل من التي عندنا ، ولا اعرف ان امتد الفساد اليها واخذت تنسق مع العاملين في الكهرباء الوطنية لضبط اوقات القطع. ولا ننسى ان هذا النظام الطائفي هو سبب الفشل المتكرر في انتخاب رئيس الجمهورية .
كل هذا ، وغيره ، لاشك هو معروف ومسموع ولابد ان المتنفذين في بلدنا قد اطلعوا على مجرياته ، على الاقل عندما يتوجه بعضهم او جلهم الى قضاء اوقات « الفراغ « في هذا البلد الجميل الذي تمزقه الصراعات والطائفية والتدخلات الخارجية ، وتحول العديد من قواه السياسية الى صدى لاجندات خارجية. وفي المحصلة جرى توريط لبنان في العديد من الاشكاليات التي لا طاقة لشعبه على تحملها ، ولا فيه من الموارد ما يرمم الخراب الناتج عنها .بل لم يتمكن من الخلاص من « الزبالة» وهو ما اطلق حملة « طلعت ريحتكم « التي سرعان ما تحولت الى توجيه اصبع الاتهام ، وهي على حق، الى اصل المشكلة وهو النظام والمحاصصة والطائفية والفساد وتغول « الطوائف المسلحة « ، فيما ارتفع شعار اقامة الدولة المدنية الديمقراطية كحل مؤتمن ومطلوب بعد ما يزيد على 80 عاما من التجارب القاسية التي مر بها لبنان الهاديء الجميل .
بالتاكيد نحن ، سواء في لبنان والعراق ، ام في غيرهما ، لسنا الوحيدين في التعددية القومية والدينية والمذهبية ، والسياسية والفكرية ، فمثلنا العديد من بلدان العالم ، ولكنها تمكنت ، بعد معاناة ومخاضات عسيرة ودماء ، ان تستخلص الدروس النافعة وتجنح الى تحكيم العقل ومد الجسور بين مختلف الاطياف . ونجحت ، وبحدود كبيرة ، في ترسيخ مبدأ المواطنة المبرأ من ادران الطائفية والعنصرية والتمييز ، وفي بناء نسيج اجتماعي متماسك ووحدة وطنية راسخة جلبت لها الامن والاستقرار ، ومواجهة عواصف الزمن المتعددة .
وايضا لاشك عندي في ان العديد من المتنفذين عندنا يعرفون ذلك ، على الاقل من امضى منهم سنين طويلة في بلدان المهجر ، وتمتع بمنجزات شعوبها ، وما وصلت اليه . فعلام يصر هؤلاء على زج بلدنا في متاهات قديمة جديدة ؟ الا يكفي ما حل ببلدنا حتى الان من قتول وتدمير وتشريد ونزوح واقتصاد مترنح ، وبلد لا ينافسه احد على اخر اسم في قائمة كل مؤشرات الحياة الطبيعية ؟ الم يكتف العديد ، وربما معظم المتنفذين ، مما شفطوا ولفطوا من اموال هذا البلد ، ام هم مثل نار جنهم تقول : هل من مزيد ! .
فباطل كل اجراء يكرس المحاصصة المقيتة ، وتحت اي عنوان جاء سواء لرفع «الغبن» ، ام « التوزان» ام « المظلومية « ام معالجة « الخطا التاريخي « ، ام « ضمانات المستقبل « ام ..
وباطل اي مسعى لابقاء حالة الحذر والشك والريبة بين ابناء شعبنا من مختلف طوائفه خدمة لمصالح انانية ضيقة ، وللحصول على حصة من كعكة السلطة ، اواعادة اقتسام الغنائم .
ولا الف مرة لتكريس مفهوم « المكونات « وتقسيم شعبنا الى « شيعة ، وسنة ، واكراد « ، والسعي الى ايجاد « المرجعيات المتقابلة « ، استجابة الى رغبة الطائفيين المتنفذين .
ان اي مسعى من اي طرف كان لا يسعى الى تكريس روح المواطنة واعلاء شأن الوطنية العراقية ، ويزرع بذور الشقاق والتفرقة والتقسيم ، هو باطل ومرفوض ، ويتوجب التصدي له بحزم ، وبلا مجاملة . فكفى استهتارا بشؤون وطننا ومستقبله ؟ والكلمة للشعب بمختلف اطيافه ليرفض وبقوة المشاريع التي تزكم الانوف بروائحها الطائفية !