ما بين سارق الحمار والوزير أبو الشاي / اسعد عبد الله عبد علي

كنا في عرس صديق، وكان احد الحضور من معارفنا، الذين أبعدهم عنا الزمن، وهو ضابط شرطة، فصار حديثنا عن المجتمع ومشاكله، فقال الضابط: أكثر ما أثار تعجبي الشهر الماضي، هو قضية سرقة حمار، فضحك الحضور، وتساءلوا: سرقة حمار؟! فقال: نعم ، فقد جاء رجل مسن إلى المركز، وبلغ عن سرقة حماره، واتهم جاره، فتحركت قوة وألقت القبض، على المتهم بسرقة الحمار، وبعد الاستجواب بالطرق الشديدة المعروفة، اعترف بأنه سرقه، لان أطفاله جياع، والديون تثقله، فقرر سرقة حمار جاره، وبيعه ليسدد ديونه، فجمعتهما معا لأنهي القضية وديا، بدل أن يتعذب الطرفين بالمحاكم.
تعجبنا لحال البلد، التي تلاحق سارق الحمار، وتتحرك بقوتها العتيدة، للامساك به، وتترك سراق المليارات، يتنعمون بما سرقوا، بل يعتبر من المحرمات، مجرد الكلام عن ما سرقوه!
قصص الفساد في العراق كثيرة، وقصة الشاي أحداها، حيث قام وزير سابق، باستيراد الشاي بكميات كبيرة، كي توزع على الشعب العراقي ضمن مفردات الحصة التموينية، لكن انكشف أمر الشاي، بعد دخوله للمخازن، حيث كان الشاي مسرطن، فبقي مدة طويلة طي التكتم، في تلك المخازن، إلى أن انبعثت رائعة الفضيحة، فكان الأجراء الذي اتخذ مجلس الوزراء في وقتها، بتخصيص مبلغ (1،5 مليار دينار )، لغرض أتلاف ( 19970 طن)، وهي جزء من كمية الشاي المسرطن! أي عملية تكتم كبيرة، كي تختفي أدلة الجريمة، وبقية السلسلة الإدارية والوظيفية، التي قامت بالأمر، من دون أي ملاحقات قانونية، وحتى الشركة التي باعت لنا السموم، لم يحصل لها شيء.
لليوم، بعض من شارك بشراء الشاي المسرطن، من الوزير أبو الشاي، إلى جميع زبانيته، يتنعمون بشمس أوربا، مع مغانمهم من مال العراق، المنهوب بوضح النهار، فلا ملاحقات قضائية، ولا مجرد حتى اتهام، لأنها السرقة في شريعة النخبة السياسية حلال، هكذا تغيب العدالة، في بلد الديمقراطية المشوهة.
انه العراق الجديد الذي أرادته أمريكا، إن يكون غارقا في الفساد والمشاكل، كان يمكن أن نغادر كل قبح الحاضر، لو تمسكنا بقيمنا، ولو كان للمجتمع صوت هادر، يرفض الذل، ويضغط على حكومة اللصوص، حتى تنتهج سلوك حميد، أو يسقطها الشعب، فكما قيل "كما تكونوا يولى عليكم"، فلو كان الشعب يقظ، لكانت حكومته مثله، لكن عندما تعطل دور الشعب، تمادى نخبة اللصوص، بسرقة حاضر العراق.
كما نمسك بسارق الحمار، علينا إن نمسك بالوزير اللص، وان يهان كما يهان ذلك الفقير البائس "سارق الحمار"، عندها تتشكل لوحة للعدل.