المنطقة الخضراء اوهى من بيت العنكبوت / مؤيد عبد الستار

منذ سقوط النظام الصدامي عام 2003 تطلع المواطن العراقي الى حياة كريمة واستشرف مستقبلا اقتصاديا ينقل البلاد من الفقر والحرمان الى عالم الرفاه والسعادة، واستبشر خيرا حين بلغت موارد النفط مليارات الدولارات .
ولكن أُسقط بيد المواطن، واصبح ضحية السراق واللصوص ، الذين اجادوا استخدام رداء الدين وعباءة المذهب ، فتبخرت مليارات الدولارات لتذهب الى جيوب القطط السمان الجدد الذين ظنهم المواطن يوما ما احزابا وسياسين معارضين لنظام صدام وانهم البديل الافضل وقادة للتغيير الجديد ، ولكن خاب ظن الجماهير في قيادات الاحزاب الاسلامية التي خدعت المواطنين وحصلت على اصواتهم في الانتخابات ولم تقدم لهم اية مكاسب مرجوة خلال عقد من السنين ونيف حكمت به بلاد الرافدين المعطاء بشتى اساليب الحيل واللصوصية .
ورغم طرح القوى الديمقراطية مشاريع اقتصادية وبرامج عملية للسير بالبلاد في مسار العمل من اجل التقدم وادارة الاقتصاد بنزاهة الا انها لم تحقق مكتسبات انتخابية ، ولم تحصل على ما يؤهلها ادارة دفة الحكم باي مستوى من المستويات ،فظلت حصة اللجان الاقتصادية والوزارات والمواقع التنفيذية من حصة الاحزاب الدينية التي حصلت عليها بمختلف الاساليب منها اللعب على حبال الدين والمذهب وحتى التزوير في الانتخابات وسرقة اصوات الاخرين.
من اللافت ان نلاحظ زعيق المساهمين بخراب الاقتصاد واللصوص من الاحزاب الدينية بالاصلاح ، ففي الوقت الذي كانوا فيه يسرقون المواطنين ، شمروا عن سواعدهم بعد ان نهبوا الاخضر واليابس من ثروات البلاد ، وركبوا موجة الاصلاح ليصبحوا فرسان الساحة بعد ان ملأوا جيوبهم وحساباتهم المصرفية في الداخل والخارج بملايين الدولارات المسروقة من افواه المواطنين الذين ظلوا يعانون البؤس والفاقة .
في الوقت الحاضر بلغ العراق او يكاد مستوى الدولة الفاشلة ، واصبحت العاصمة بغداد في اخر قائمة العواصم لتنال مكانة متردية في جميع نواحي الحياة ، الاقتصادية والاجتماعية والامنية وبذلك يتوج قادة الكتل والاحزاب الحاكمة كأسوأ رجال حكم، و اصحاب سلطة فاشلة في بلاد الرافدين ، ليتجاوزوا بهذا الواقع حتى النظام الصدامي الفاشي ويبزوه في فشله وتخلفه وجهله في حكم البلاد.
ومن خلال الحراك الجماهيري الذي استفز المنطقة الخضراء ، والتهديد بالتظاهر امام بوابة المنطقة الخضراء ، اهتزت شوارب السلطة بقضها وقضيضها ، وهددت بحمامات الدم ، تماما مثلما كان نظام صدام يقترف المجازر حين تطرق ابوابه صرخة الجماهير ، وما فعله بالمواطنين اثناء انتفاضة اذار وغيرها من انتفاضات شعبنا الابي معروف للقاصي والداني ، و المقابر الجماعية التي ملأت بلاد الرافدين خير مثال للقسوة والبربرية التي مارسها نظام العصابة الصدامية ، فهل ياترى ستفتح السلطة الحاكمة اليوم مقابر جماعية جديدة ، وهل سنطلق عليها مقابر ضحايا الاحزاب الاسلامية ... أم ماذا؟
ان اسوار المنطقة الخضراء لن تحمي السلطة التي نهبت اموال الشعب وموارد اكثر من عقد من السنين من عوائد الثروة النفطية ، والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات ، ولن تحمي الفاسدين بوابات يحرسها نفر من المرتزقة ، فهي ليست افضل من بوابات قصور صدام التي تركها وذهب ليختفي في حفرة بائسة .
ان مستقبل العصابات الحاكمة في المنطقة الخضراء اليوم لن يكون افضل من مصير صدام ، ولا استبعد ان يكونوا قد حفروا حفرهم ليختفوا داخلها في قابل الايام وان غدا لناظره قريب .