المرحلة/ علي عبد الواحد محمد

المرحلة التي اقصدها ،هنا هي مرحلة الثورة الديمقراطية في البلدان المتقدمة ، او مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية في البلدان المتخلفة ، ،والعراق يمثل نموذجا جيدا لدراسة هذه المرحلة في ظروفه الملمسة فهو كبلد متخلف مرت فيه هذه المرحلة عبر مسارات متعرجة ادت فيها الظروف المختلفة دورها المعرقل للتطور بل ادت تلك الظروف الى تراجعات ملموسة بكل المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية منذ ان ابتدأت المرحلة سنة 1920 ميلادية الى يومنا هذا ومع ذلك ما زالت السمات الوطنية وفي المقدمة منها استكمال بناء الدولة ومؤسساتها وتحقيق استقلالها السياسي الناجز ،ووضع حد لإستباحة اراضيها وتعرضها للإجتياحات العسكرية او للإحتلال بهذه الذريعة او تلك . وتأمين سلامة المواطنين وأمنهم ،من خلال بناء المؤسسات الأمنية الوطنية ، واعادة بناءالقوات المسلحة الوطنية ،والعمل على تأمين العيش الكريم للمواطنين، وذلك في توفير العمل ،وتأمين اداء البنى التحتية بما يلبي حاجات الناس للخدمات البلدية والنقل والمواصلات وتأمين الكهرباء وماء الشرب والتعليم ........الخ. وما زالت السمات الديمقراطية المتمثلة في إتمام بناء نظام ديمقراطي ، يؤمن التداول السلمي للسلطة عن طريق إنتخابات حرة نزيهه تتنافس فيها القوى والأحزاب التي يهمها، إستكمال بناء دولة المؤسسات ، و فصل السلطات ، وتعزيز استقلال القضاء والعمل على عدم تسيسه ، والعمل على تخليص المؤسسات المستقلة من المحاصصة ومن التبعية ،وسن قوانين صحيحة لتنظيم الأحزاب ، وقوانين عادلة للإنتخابات ،وتنظيم الحياة الإجتماعية بما يضمن العدالة الإجتماعية والحريات الشخصية والعامة ،بما فيها الحريات الدينية ،وحرية المعتقد دون الوصاية من احد، ناهيك عن تطمين حريات الفئات الإجتماعية المختلفة ، والنهوض بحقوق الطوائف الدينية والعرقية ، وضمان تطورها المستقل ،وبعث ثقافتها وإحياء تراثها الوطني التقدمي ، والحرص على إيلاء الإهتمام بتطوير ثقافات المجتمع ،ونمو الآداب والفنون ، ودعم الأدباء والفنانين .....الخ . وكل مايتعلق بحقوق الإنسان العراقي .اقول ما زالت هذه السمات وتلك قائمة على الرغم من الصعاب الواضحة .
آليات تحقيق هذه المهام :
لما كان جوهر الثورة الوطنية الديمقراطية العراقية ،كما يفرزها الواقع الراهن في بلدنا العراق،هو إستكمال بناء الدولة المعاصرة بكافة مظاهرها الوطنية والديمقراطية ،وتخليصها مما علق بها من بيروقراطية وفساد وتخلف في كافة المجالات كما ورد في الفقرة السابقة ، وعليه لابد من تشخيص الخطوات الأكثر اهمية للنهوض بالمهمات ، وتحديد المهمات الملحة منها والتي من خلال تراكم إنجازاتها نضمن التوازن الفعال لهذا النهوض ، والأمر الأهم ان يتم توكيل مهمة النهوض بالمهام الى اناس يتصفون بالإخلاص للوطن وحبه وبعيدين عن نزعة المحاصصة المقيتة ، وعن الفساد ،وتغليب المصلحة الذاتية علي المصلحة الوطنية . يرافقها الإلتزام الصارم بالدستور والقوانين المنبثقة منه، واعطاء العملية السياسية بعدا وطنيا ديمقراطيا.بما يضمن النهوض المتوازن للبلد ويعجل من تطوره السياسي والإقتصادي والإجتماعي ،وبذلك تعاد المرحلة الى الجادة بالمحتوى العصري ،حيث تكون المهام منصبة على بناء دولة تحترم الإنسان وقدراته الخلاقة ، وتتيح المجال للتطور الإقتصادي الحر وحركته غير المقيدة ،الا بقيود حقوق الإنسان . ومن الطبيعي ان تلبي هذه المرحلة في العراق بمواصفاتها المذكورة اعلاه حاجات ومصالح جمهرة واسعة من المواطنين، الذين يشكلون قواها المحركة ،فهناك الموظفون الحكوميون ،بمختلف إختصاصاتهم، الإدارية ، والعلمية ،والقانونية،والمالية، والإقتصادية ،والفنية وألأدبية ، والعسكرية والمهنية الذين يتولون إدارة مؤسسات الدولة المختلفة ، والذي يشكل غالبيتهم الطبقة الوسطى التي تعتبر الأساس الفاعل في الدولة والسياسة والمجتمع، وهناك الصناعيون ، ورجال الأعمال ، والعمال والفلاحون ، والمزارعون ، وملاك الأرض ، وشركات السكن وملاك العقارات ، والتجار ، والمهنيون ، والنساء والشباب والطلاب .كل هؤلاء يشكلون مادة المرحلة ، واداتها المحركة ، وكلهم ترتبط مصالحهم للسير بها ، فعلى السياسيين الإنتباه الى مصالح هذه القوى وصياغة برامجها على ضوء ذلك .