ملاحظات حول مسودة الموضوعات السياسية للمؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي / جاسم الحلوائي

لا شك في أن هناك جهداً كبيراً بذل في إعداد مسودة الموضوعات فهي تشمل جميع الأمور والحالات التي ينبغي تناولها وتحليلها والخروج بالاستنتاجات الضرورية منها. ومع أنه لا يمكن الاستغناء عن أي موضوع من المواضيع التي تناولتها المسودة، على كثرتها،فلا بد من ضغطها عند تحويل مسودة الموضوعات إلى تقرير سياسي، من خلال تجنب تكرار الأفكار والاستطرادات والتفاصيل الزائدة وحذف الأمور التي تهم الأكاديميين وذوي الاختصاص وليس القارئ العادي، الذي قد يمّلها فيهملها. وقد أشار العديد من الكتاب إلى ذلك وذكروا أمثلة عليها، ومنهم الكاتب ثامر الشيخ داوود. وتجنباً للتكرار فإنني أؤيد، بشكل عام، ما أورده الشيخ داود في هذا الصدد من أمثلة ملموسة في ملاحظاته المنشورة في موقع الحزب بتاريخ 24 تموز 2016.
وهذه بعض الملاحظات وهي مرتبة على وفق تسلسل أرقام المسودة وليس على وفق أهميتها.
1. جاء في الفقرة الثالثة ما يلي: "إن الأزمة البنيوية التي تطحن بلادنا والمفتوحة على الاحتمالات كافة، ليست بمعزل عن طريقة التغيير عبر الحرب والاحتلال، وتركة النظام المباد الثقيلة، وعن طبيعة نظام الحكم ومنهجه الذي يعتمد المحاصصة الطائفية – الاثنية في الإدارة وبناء مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، وتغليب الهويات الفرعية على حساب المواطنة العراقية الجامعة، ولا عن تسييس الدين وتوظيفه و...الخ".
أعتقد بأن أخطاء ونواقص الدستور وبعض فقراته المتناقضة أو حمالة الأوجه كان لها دور في تكوين الأزمة، فينبغي الإشارة إلى ذلك.
2. جاء في الفقرة 11 ما يلي: "وان إصلاح العملية السياسية يظل ملحا طالما لم يحسم الصراع مع أعدائها الذين يريدون إعادة البلاد إلى عهد الحكم الاستبدادي.
أقترح إعادة صياغة هذه الفقرة على الوجه التالي: وان إصلاح العملية السياسية يظل أمراً ملحا لمعالجة الأزمة البنيوية التي تطحن بلادنا والمفتوحة على الاحتمالات كافة، ويغدو ملحاً أيضاً طالما لم يحسم الصراع مع أعدائها الذين يريدون إعادة البلاد إلى عهد الحكم الاستبدادي.
3. جاء في الفقرة 31 ما يلي: " هل تكشفت عورات هذا النظام ( المقصود المحاصصة. ج)، المعتمد في إدارة البلد على نحو كاف؟ يبدو الآن، وتحت فعل عوامل عدة، في مقدمتها ضغط الجماهير، إن من الصعوبة أن تجد الآن من يدافع على نحو مكشوف عنه ولكن يلجأ البعض المستفيد إلى مختلف الأساليب الملتوية للحفاظ عليه، ما يستدعي التعرية المتواصلة والمكثفة لعيوب هذا المنهج وسوءاته".
أعتقد أن هذا الرأي "إن من الصعوبة أن تجد الآن من يدافع على نحو مكشوف عنه" هو تعبير غير دقيق وفي الموضوعات ما يفنده. فقد جاء في الفقرة 23 ما يلي: " وجاء توقيع وثيقة الإصلاح الوطني في 15 نيسان 2016 وبصورة مموهة في قائمة الترشيحات الوزارية الثانية لتشكيل الحكومة الجديدة تكريسا لنهج المحاصصة السيئ وتأكيدا على إصرار المتنفذين على التمسك به. وتكرر هذا المعنى في الفقرة 114 وهذا نصها: " ولكن في هذه الأثناء عقد اجتماع ال (11) وصدر عنه ما سمي ب" ميثاق الإصلاح الوطني " وفيه إصرار على تجاهل مطالب المحتجين، وتمسك بالمحاصصة و...الخ".
في الفقرة 31 ذاتها ورد مصطلح المحاصصة مرة كنظام و أخرى كنهج. وتكرر ذلك في فقرات كثيرة أخرى. لذا يفضل توحيد المصطلح، وأعتقد أن الأصوب هو نهج المحاصصة.
4. الفقرات من 60 إلى 65 وردت تحت عنوان المصالحة الوطنية. المواطن العراقي يستقبل هذا الشعار بسخرية ويتساءل فوراً: مَن يتصالح مع مَن؟ ولم يحصل على جواب لا من الحكومة ولا من الأحزاب السياسية، لذلك لا يصدق هذه الدعوة. إن الأطراف الدولية عندما تدعو إلى المصالحة فهي تقصد المصالحة بين السلطة العراقية و "المعارضة" التي تعقد مؤتمرات خارج الوطن هذه المؤتمرات التي تنظمها وتتزعمها بالأساس شخصيات مدانة قانونياً أو مطلوبة قضائيا، ومدعومة من قبل أطراف أجنبية ومرتهنة لأجندات لا يجمعها جامع مع وحدة العراق ومصلحة شعبه. وتحسب الحكومة العراقية من جهتها الشخصيات المذكورة أعداء وهي خارج الملعب ولا يجوز التحاور معهم، مع ذلك تواصل دعوتها إلى المصالحة الوطنية التي تحولت، وربما كانت من البدء، إلى ضرب من الديماغوجية.
المسودة تذكر في الفقرة 63 ما يلي: " إن المصالحة قانونا لا تشمل في إي حال من تلطخت أياديهم بدماء العراقيين، ومن يتمسكون بنهج حزب البعث الصدامي، ومن لهم صلة من قريب أو بعيد بالإرهابيين، في مقابل شمولها جميع من يؤمنون بالعملية السياسية بآفاقها الديمقراطية، وبالعمل السلمي والدستوري". ويذكر في الفقرة التي قبلها ما يلي: ".. والسعي إلى ضم أوسع ما يمكن من القوى ذات التوجه الحقيقي لإعادة بناء العراق على أسس ديمقراطية حديثة عادلة ومتوافقة مع مبادئ الدستور والبناء الاتحادي للدولة، وعلى وفق معايير واضحة مرنة وقادرة على استيعاب التنوع". حسناً، من هي هذه القوى التي تنطبق عليها الفقرة 63 ؟ ولماذا لا يفصح عنها؟ يبدو لي أنها فضائية!
أقترح تغيير عنوان الفقرات 60 - 65 من المصالحة الوطنية إلى المسامحة الوطنية وتعزيز التلاحم الوطني، مع تكييف الفقرات تبعاً لهذا العنوان. فعند ذاك يكون مفهوماً القول: إن " نمطا جديدا من التفكير السياسي الناضج والمستوعب لدروس التاريخ وخبرته، والتفاعل مع حقائق الواقع..." كما جاء في الفقرة 61. وسيكون مفهوماً أيضاً الحديث عن "تحويل ثقافة التسامح (وليس المصالحة الوطنية) إلى تيار شعبي وطني جارف". كما جاء في الفقرة 64. وفي فقرتين مطولتين 64 و65 وردت الكثير من المقترحات الجيدة التي تصلح للعنوان الجديد. وترك شعار المصالحة الوطنية الذي تحول في العراق إلى ضرب من الديماغوجية المثيرة للسخرية.
5. جاء في الفقرة 68 ما يلي: "وما ساعد على اتساع هذه الظاهرة الخطيرة وتفشيها في مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية، ضياع دور المنظومة الرقابية المعنية بمحاربة الفساد والحد منه ومعاقبة الفاسدين، وإخفاق هذه المنظومة في انجاز مهمتها في حماية المال العام وصيانة حرمته، وعجزها عن منع المفسدين وردعهم من التطاول عليه.
أقترح إضافة ما يلي بعد عبارة المدنية والعسكرية: هو عدم نزاهة عدد غير قليل من كبار المسؤولين في هذه المؤسسات.
6. هناك 25 فقرة في المسودة (116-141) وردت تحت عنوان: طرفان في مجلس النواب. من الطبيعي أنه سيجري إعادة نظر فيها بعد أن توحد البرلمان في إثر قرار المحكمة الاتحادية، مع ملاحظة أن هذا الموضوع يتطلب الكثير من الضغط
7. الفقرة 150 أقترح تبديل كلمة الهام في بداية الفقرة إلى المهم، وأقترح حذف كلمة جدلي من نهاية الفقرة لأنها زائدة وتشوش القارئ!
8. هذا نص الفقرة 158 "إن أي تفكير باعتماد صيغ تدعو إلى تحقيق حقوق الشعب الكردي القومية بعيداً عن تشكيل وضع ديمقراطي سليم في عموم العراق، سيضع القضية في متاهات لا يمكن التكهن بنتائجها. لذلك فان الأولوية في الوقت الراهن، حسب رأي حزبنا، تكمن في التركيز على محاربة الإرهاب وبناء الديمقراطية ومؤسساتها وتنشيط الحوار، وذلك هو الطريق الأمثل لتطوير تجربة الفيدرالية، بما ينسجم مع مصالح الشعب الكردي وعموم أطياف الشعب العراقي".
أقترح تبديل عبارة " سيضع القضية في متاهات لا يمكن التكهن بنتائجها"، بعبارة سيعرض القضية إلى مخاطر لا تحمد عقباها. وبدلاً من كلمة "الأمثل" في نهايات الفقرة اقترح كلمة الصحيح.
9. ورد ما يلي في الفقرة 312: " فلا ديمقراطية بدون تنمية والعكس صحيح". هذا الرأي غير دقيق، فالعكس (لا تنمية بدون ديمقراطية) غير صحيح. ولا يحتاج المرء العودة إلى التاريخ الذي يزخر بأنظمة غير ديمقراطية وحصل فيها نمو، فالصين أمامنا وهي تشهد نمواً مرموقاً وهي غير ديمقراطية بأي حال من الأحوال. ولماذا نذهب بعيداً، فعراقنا شهد نمواً في السبعينيات من القرن الماضي ولم يكن النظام ديمقراطياً.
10. ورد في الفقرة 324 ما يلي: "ومع ذلك، تزايد الإنفاق العسكري العالمي ليصل أعلى معدلاته في التاريخ، وبلغ حوالي 1,8 تريليون دولار في 2014 ... وكانت هناك زيادات كبيرة في منطقة آسيا – المحيط الهادئ (الباسيفيك) والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية التي كانت مسرحاً رئيسا للحروب والنزاعات وميداناً للتنافس المحتدم على النفوذ.
أقترح حذف أوربا الشرقية لأنها لم تكن مسرحاً رئيساً للحروب.