دولة خلافة ام دولة بطيخ؟ / حسن مظلوم

لقد صبر الشعب العراقي كثيراً ونزف الدماء وقدم الكثير من التضحيات عبر سنوات طويلة من اجل تغيير النظام الدكتاتوري البغيض، وحدث التغيير بالغزو العسكري للقوى الاجنبية وكنا نعتقد ان الذين جاءوا من الخارج لديهم الرؤى الكافية لبناء الدولة العراقية الحديثة القائمة على اساس العدل والمساواة، لكن للأسف اصطدمنا بالواقع المر وان القوى السياسية المتنفذة التي هيمنت على البلاد والعباد ليس لديها ادنى برنامج للإصلاح والبناء وان مشروعها السياسي لا يتعدى المحاصصات الطائفية والاثنية وكل منهم خاضع لدرجة الذلة للتأثيرات والتدخلات الاقليمية فاصبح العراق بين مطرقة دولة الخلافة وسندان دولة الفقيه والعقيدتان متناقضتان متناحرتان وكل منهما يحاول الهيمنة العقائدية على المنطقة. وما بين الدولتين اصبحت بلادنا دولة بطيخ يهب ويدب اليها من يشاء ووقت ما يشاء، وبذلك استغل الدواعش الفراغ السياسي والامني فسقطت بسهولة تحت سلاحهم بعض المحافظات المحسوبة على المكون السني بعد شعور اهالي تلك المحافظات بالإقصاء والتهميش وعدم المساواة في المواطنة.
لم يمض وقت طويل حتى كشر الدواعش عن انيابهم وسقط عن وجوههم القناع الاسلامي المزيف فهب الغيارى من ابناء المحافظات المغتصبة وتعاهدوا على تشكيل الحشد العشائري على غرار الحشد الشعبي، كجزء من المنظومة العسكرية لتحرير الارض والانسان معاً.
مع فرحتنا بالانتصارات التي تحققها قواتنا العسكرية فوجئنا بالانتهاكات الانسانية والخروق القانونية لبعض العناصر بخطف وقتل وسرقة الهاربين من المناطق المغتصبة وهذا يدل على الفوضى وعدم الالتزام بالضوابط العسكرية وتوصيات المرجعيات الدينية يضاف الى الاساءة الكبيرة لقواتنا المسلحة التي بدأت تستعيد قوتها وتحقق الانتصارات على جبهات القتال بتقديم خدمة مجانية للدواعش.
على الجميع التفكير بجدية في عدم خرق حقوق الانسان وتقديم المسيء الى العدالة لنكون بالفعل امام دولة قانون لا دولة بطيخ، وكل ينصب نفسه قاضياً وجلاداً على الآخرين. اكثرية الهاربين من بطش الدواعش هم الابرياء الذين فقدوا دورهم وممتلكاتهم الخاصة وتحولوا من قوة منتجة وفعالة في المجتمع الى قوة هلامية لا حول لها ولا قوة تسكن الخيام وتعيش على اغاثة الآخرين، وهذا سيترك اثراً نفسياً على مدى من الزمن والمطلوب مد يد العون اليهم واعادتهم الى احضان الوطن.. من هنا استذكر قول الشاعر محمود درويش:
وانت تعد فطورك
فكر بغيرك
لا تنس قوت الجياع
وانت تنام الليل وتحصي الكواكب
فكر بغيرك
ثمة من لا يجد حيزاً للمنام
وانت تعود الى البيت.. بيتك
فكر بغيرك
لا تنس شعب الخيام.