تدخل رئاسة الجمهورية في أحكام القضاء العراقي / زهير كاظم عبود

نشر المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية الخبر التالي :
(( اعلن المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية اليوم الاحد 14/8/2016، ان سيادة رئيس الجمهورية الدكتور فؤاد معصوم صادق على كافة أحكام الإعدام الخاصة بجريمة معسكر "سبايكر" والتي تمت المصادقة عليها من قبل محكمة التمييز الاتحادية مشيرا الى ان المشمولين بها هم من المدانين بجرائم ارهابية خطيرة راح ضحيتها مئات المواطنين الابرياء.
واوضح المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية ان المراسيم الموقعة ارسلت الى السلطة التنفيذية المعنية لغرض تنفيذ هذه الأحكام بالمدانين بها مؤكدا ان صدورها تم بعد دراسة الملفات من اللجنة القانونية الخاصة المشكلة لهذا الغرض.
وأضاف المكتب ان اللجنة القانونية في رئاسة الجمهورية مستمرة في دراسة الملفات المتبقية لحسمها والمصادقة عليها وفق الأصول الدستورية والقانونية النافذة. ))
ومن يطالع الخبر يدرك حتما المأساة التي يمر بها العراق الاتحادي ، الخلل لا يكمن في تصديق الأحكام او تأخيرها ، ولافي تنفيذ تلك الأحكام التي تقوم السلطة التنفيذية بتنفيذها ، الخلل واضح في تشكيل لجنة قانونية تقوم بتدقيق أحكام المحاكم العراقية ، وتدقق الأحكام والقرارات التي أصبحت باتة ومكتسبة للدرجة القطعية بمصادقة محكمة التمييز الاتحادية ، او مضي المدد القانونية المقررة للطعن ، وبالتالي تحولت تلك القرارات والأحكام الى أحكام باتة وحجة فيما يتعلق بتعيين الواقعة التي نظرتها المحكمة المختصة في المسائل والوقائع التي فصلت بها ، حيث أن احكام محاكم الجنايات العراقية وفقا لاحكام الفقرة ( آ ) من المادة 254من قانون اصول المحاكمات الجزائية ملزمة بارسال اضبارة الدعوى الى محكمة التمييز الاتحادية في حال صدور حكم وجاهي بالاعدام او السجن المؤبد ، خلال مدة عشرة ايام من تاريخ صدور الحكم للنظر فيه تمييزا ولو لم يقدم المحكوم او وكيله طعنا فيه .
ومن يطالع صلاحيات السيد رئيس الجمهورية في الدستور العراقي ( 67 - 75 ) يلاحظ أن الفقرة ثامنا من المادة 73 نصت على ان يتولى رئيس الجمهورية المصادقة على أحكام الإعدام التي تصدرها المحاكم المختصة ، ولم يكن من بينها ان يقوم السيد الرئيس بتشكيل لجنة قانونية تدقق الأحكام القضائية أو تقرر عدم تنفيذها لاي سبب مادامت اكتسبت درجة البتات ، فمثل هذه اللجان مهما كان وزنها لايمكن ان ترقى الى مستوى الأحكام التي تصدرها المحاكم العراقية ، فالقضاة مستقلون لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ، ولايجوز لاية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة .
ان وظيفة رئيس الجمهورية هي بالأساس جزء من السلطة التنفيذية ، ويمارس السيد الرئيس صلاحياته وفقا للدستور والقانون ، وكل خرق في الدستور أو القانون يستوجب إخضاعه للمسائلة القانونية ، وتشكيل لجنة من موظفين حقوقيين في رئاسة الجمهورية تقوم بتدقيق الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات ، والتي اكتسبت الدرجة القطعية ، والتي أرسلت الى رئاسة الجمهورية لاصدار المرسوم الجمهوري بالتنفيذ ، لايمكن ان يعطي الحق لديوان الرئاسة أو الدائرة القانونية أن تقوم بتدقيق اعمال القضاة والأحكام الصادرة في القضايا المعروضة .
ان المحاصصة السياسية التي اضرت بمسيرة العراق ولم تزل مستمرة عرضت القضاء العراقي الى خروقات وتهميش واستخفاف من قبل السلطة التنفيذية ، وساهمت بذلك جميع العناصر السياسية التي تتحمل مسؤولية الحكم في العراق ، ولعل السبب يكمن بالاساس في ضعف الثقافة القانونية لدى هذه النخب ، وعدم معرفتهم بمكانة القضاء والقضاة .
وإذا كان استقلال القضاء العراقي يؤدي الى فاعليته وإسهامه في استقرار الوضع السياسي في العراق، يستوجب الأمر إن تلتزم كلا السلطتين بهذه الاستقلالية التي أكدها الدستور وتتطلبها ظروف الحياة العراقية، وأن تحرص السلطة التنفيذية على تعميق هذا الدور إيمانا منها بالمهمة الصعبة المناطة بالقضاء العراقي، حيث إن الأنظمة الديمقراطية تحرص على تلك الاستقلالية، بينما لاتلتزم بها الأنظمة الشمولية والمتخلفة حتى وان وضعتها كنصوص في دساتيرها، وتفعيل قانون التنظيم القضائي بما ينسجم مع أهمية المرحلة التي يعبرها العراق وهو يؤسس لبناته الأولى على طريق الديمقراطية والالتزام بالنظام الفيدرالي .