مواجهة الاعلام المضلل / سلام خماط

الاعلام هو من الادوات التي تتزايد الحاجة اليها في ظل الصراعات العديدة التي يتسم بها عصرنا الحالي فلم يعد العمل الاعلامي يقف عند حدود التغطية الخبرية أو توصيل الخبر بل أصبح علما وفنا يعنى بالفرد والمجتمع في كل زاوية من زوايا الحياة، من هنا تبذل الاوساط جهود كبيرة من اجل خلق مراكز توجيه اعلامية مؤثرة تلعب دورا في تسريب المفاهيم بصيغ مبتكرة ومتنوعة تهدف لخدمة توجهاتها السياسية من جانب ومحاربة الثقافات والتوجهات الاخرى من جانب اخر. ففي زمن النظام السابق كانت هنالك شبكة من قنوات الاعلام والدعاية تقصد تكريس مفاهيم الحزب الحاكم من اجل الهاء الشعب عن مشاكلة الحقيقية من خلال اساليب تشويه الحقائق وتسميم الافكار تهدف الى الهيمنة على اذهان وقناعات قطاعات واسعة من الشعب .
وبعد سقوط النظام الدكتاتوري اصبح تأثير الاعلام المضاد من الخطورة بحيث تستدعي قدرا عاليا من الحذر والتصدي من قبل الاعلام الوطني والتقدمي لذا تقع على عاتق اجهزة الاعلام مهمات كبيرة من اجل خلق اعلام متطور ينطلق من الايمان بالحقيقة والدفاع عن المصالح العادلة للشعب، اعلام يتبنى فضح وتعرية السياسات الطائفية والتكفيرية التي تقوم بها الفضائيات والصحف المعادية للعملية الديمقراطية في العراق الجديد هذه الفضائيات والصحف وما تطرحه من اشكال المبالغة والتزوير والكذب وقلب الحقائق .
ان اجهزة الاعلام بعد سقوط النظام كانت من الضخامة بحيث اصبحت هنالك الكثير من المؤسسات الاعلامية التي تدار وفق سياسات مرسومة وقد وظفت احدث التقنيات من اجل الانتشار السريع لموادها وان اهم ما يؤدي الى استمرارها هو الاعتماد على الاعلان التجاري الذي يشكل عصب الحياة لهذه المؤسسات اذ لا يمكن ان تستمر بدون الاعتماد على الموارد المتأتية من عملية الاعلان التجاري وهذا الكلام ينطبق كذلك على الصحف والمجلات، فهذه النشاطات الاعلامية تحتاج الى موارد مالية مستمرة لا تشكل المبيعات الفعلية أو رسوم الاشتراك الا جزء يسير من ايراداتها بحيث لا تغطي الا نسبة ضئيلة من ميزانيتها .
فهناك صحف تصدرها بعض الاحزاب وتمول من ميزانية تلك الاحزاب بالإضافة الى موارد قليلة لإعلانات تجارية لمؤسسات تتعاطف بشكل أو باخر مع تلك الاحزاب لذا نجد ان هذه الصحف تواجه صعوبات مالية شديدة بالإضافة الى ما تعانيه من نقص في الامكانات التقنية وافتقارها الى المطابع الحديثة مما حال دون توسع مديات انتشارها واعتماد توزيعها على مقرات تلك الاحزاب .
من هنا أود ان اشير الى ان هناك نوعين من الاعلاميين الاول من يعمل بمهنية وحيادية في كشف الحقائق وايصال المعلومة الصحيحة كما هي في الواقع والثاني من يخضع للإغراءات المادية وباع شرف مهنته بثمن بخس فتحول الى ببغاء يردد ما تطلبه منه الجهة التي يعمل لديها فهنالك نشاطات اعلامية مشبوهة تأخذ على عاتقها إقامة المهرجانات الثقافية وفتح الروابط والمنتديات ومنظمات المجتمع المدني وإقامة الاماسي الثقافية وهي تهدف الى نشر ثقافة معادية للثقافة العراقية الوطنية وخصوصياتها وهذه النشاطات مدعومة ماديا من قبل اعداء العراق سواء ازلام النظام السابق أو الدول الاقليمية ودول الجوار فالأطراف التي تعمل في العراق كثيرة ومتنوعة الا ان المثقف العراقي الوطني يستطيع ان يحددها ويشير اليها فهي تهدف الى السيطرة على وسائل الاعلام من خلال العاملين في هذه الوسائل ترغيبا حينا وترهيبا في احيان كثيرة وتسعى لشراء الاقلام الصحفية فان لم تستطع فأنها تلجأ الى تصفيتها وان الاستفتاء الاخير يؤكد ان العراق هو الدولة الاكثر خطورة على عمل الصحفيين لعام 2007 خير دليل على ذلك .
ان اهمية التحرك الاعلامي من اجل نشر الوعي بين صفوف المواطنين وترسيخ قيم البناء الديمقراطي الجديد تلك القيم التي يجب ترسيخها من اجل استئصال الممارسات السائدة قبل سقوط النظام وان اعلام الدولة وخاصة شبكة الاعلام العراقي يجب ان تتحمل مسؤوليتها في رصد شتى المظاهر السلبية واشكال الخلل والقصور في عمل وزارات ومؤسسات الدولة وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في الرقابة على حركة هذه المؤسسات ومدى استيعابها لبرامج التحول الديمقراطي للدولة والمجتمع كما ان التوعية الاعلامية تساهم بشكل مؤثر وفعال في تبديد سحب الظلام واساليب الارهابيين والتكفيريين وتضع الحقيقة امام المواطن وتعزز معنوياته وقدراته في مواجهة الارهاب البغيض .
من هنا يكون الاعلام اداة مهمة وسلاحا فعالا يستخدم في مواجهة كل اعداء العملية الديمقراطية من ارهابيين واقلام مأجورة وفضائيات تريد ارجاع العراق الى عصر التخلف والظلام والدكتاتورية .