ما هو التصوف ؟ / سلام خماط

التصوف هو فكر وحداني يدعو الى الزهد والابتعاد عن مباهج الدنيا ويسمى بالعرفان كذلك ,حيث ترجمها الاغريق الى (الغنوصيه) لكن تسمية التصوف استخدمت بعد الاسلام واصبحت تطلق حصرا على الطرق الصوفية ذات المذاهب السنيه ,بينما بقيت تسمية العرفان تستخدم لدى ابناء المذاهب الشيعية ,وهنا تكون التسميتان الصوفية والعرفانيه تعطيان نفس المعنى.
يخطى من يظن ان التصوف هو طريقه تدعوا الى ترويض النفس على الفقر ولبس الملابس المرقعة والتشبه بالأولياء والاقبال على ذكر الله في الحلقات والتكايا, فاذا كان هؤلاء يمثلون التصوف فلا خير في التصوف اصلا, لان هؤلاء لا يمثلون الا الكسالى من الناس الذين يحترفون العيش عن هذه الطريقة ,ثم يتسترون باسم الله فيتخيل البعض من السذج ان هذا هو المعنى الحقيقي للتصوف ,كما يتخيل للبعض أيضا بان كل من وضع على رأسه قلنسوة فهو يمثل المسيحية أو كل من وضع على راسه عمامة فهو يمثل الاسلام ,فاذا كان الامر كذلك فلنترك القران وما فيه من تعاليم واحكام وفرائض ,لقد صدق الشبيبي رحمه الله حين وصف بعض المعممين الذين لا يفقهون شى سوى انهم قد لبسوا لباس رجال الدين أو كما يسمى باللباس الحوزوي يقول الشاعر الشبيبي:
لفو العمائم بيضا مهنة دخلت على السواد وفلت أعظم المهن
لم تطو تلك على علم ومعرفة وانما تلك طيات من الرعن
ان التصوف ليس من الشعائر والعقائد الدينية ولا من النظم الاجتماعية ,وانه على انواع فمنهم من هام بحب الله ,ومنهم من يدعي الاتصال المباشر بالله, ومنهم من قال بالاتحاد مع الله, ومنهم من قال بحلول الله فيه وفي غيره ,ومنهم من قال بالكشف والاشراق .من هنا يكون التصوف بمعناه الشامل لجميع الاتجاهات ليس مذهبا محدود المعالم .
اما الغاية من التصوف فتختلف تبعا لأنظار المتصوفين ,فمن أعتبره سببا من أسباب المعرفة تكون الغاية عنده ثقافيه ,ومن رأه طريقا الى الكمال تكون الغاية عنده أخلاقية, ومن اتخذه وسيله للخلاص من عذاب الأخرة تكون الغاية عنده دينيه, وبعضهم يرى التصوف سببا لهذه مجتمعه.
ان تاريخ التصوف يمتد الى ما قبل الاسلام, وقد تسرب الى الفكر الاسلامي واندمج به كغيره من الافكار والفلسفات الأجنبية ,فوحدة الوجود والحلول قد جاءا من الفلسفة الهندية والأفلاطونية الحديثة, كما ان البوذية ترتكز تعاليمها على تهذيب النفس وتحريم الملذات ,وان فكرة الفناء بالله التي تكلم بها ابو يزيد البسطامي هي فكره بوذية وتسمى(نرفانا(.
ونظرا لاهتمام الامم به منذ اقدم العصور كالبراهمة والصابئة والبوذية والمانوية والمسيحية ,لوجدنا ان التصوف فلسفه انسانيه تدعو الى مجاهدة النفس وتزكية القلب وهي نوع من الارتباط بين المعرفة وكشف الحجب .الا ان التصوف ليس كالفقه كي ينقسم المختلفون فيه الى مذاهب ولا هو اصل من اصول العقيدة حتى تتعدد الفرق على اساس الاختلاف فيه ,فالشيعة منهم المتصوفة وكذلك السنه, فقد كان الغزالي صوفيا أشعريا, وابن سينا صوفيا اماميا.
فنحن نؤمن باننا في اشد الحاجه الى الحب والاخاء والى الشعور بالمسؤولية وتطبيق القيم الروحية والأخلاقية والتي ينبغي التوصل اليها بكل وسيله من الوسائل بالقصة والمسرحية والموسيقى واللوحة التشكيلية والصحافة والوعظ والارشاد والى ما الى ذلك من الوسائل والتي نتخذ منها رادعا عن الموبقات والانحرافات , من هنا علينا ان نزيل من النفوس والاذهان الفكرة الشخصية وعبادة الفرد او الصنمية ونحل محلها فكرة القانون والعدالة فلا ننبهر بفلان من القادة ولا نجعل العظمة مرتبطة بشخص على اساس موقعه الحزبي او الديني او الوظيفي