الانتخابات ومشكلة الناخب الامي / ودود عبد الغني داود

شاركت بصفتي مراقب لكيان سياسي في ادارة عملية جميع الانتخابات المنصرمة التي تعاقبت بعد التغيير عام 2003، ومن الطبيعي جدا ان تحدث بعض المشاكل الاعتيادية خلال ادارة تلك الانتخابات ولكن التعامل مع الناخب الأمي كان فعلا مشكلة حقيقية سببت لنا الكثير من الاحراج والاحباط في ادارة عملية الانتخابات والخروج بنتائج نزيهة. فمنهم من يكلف احد اعضاء المفوضية بالتأشير على القائمة التي يروم انتخابها في داخل الكابينة السرية، حيث لا يحق لنا رسميا وحتى ادبيا من الدخول اليها والاطلاع على التأشيرة.
والسؤال يجول بخاطرنا يا ترى هل كان ذلك العضو صادقا في التأشير على القائمة المطلوبة؟ وغيرها من الحالات المماثلة الاخرى، ولكن هناك حالة بل مهزلة حقيقية عندما تحضر عائلة او مجموعة من العوائل وفيها عدد من الاميين وتتجمع برمتها حول الكابينة السرية المخصصة لشخص واحد، ليقوم بعد ذلك احد افرادها ممن يجيدون القراءة والكتابة بالتأشير على القوائم حسب مزاجه نيابة عن الجميع.
وقد تأكد لنا ان اكثر من (30) في المائة من الناخبين بشكل عام كانوا من الاميين، وهذا في قلب العاصمة بغداد، فما بالك ببقية المدن والمحافظات! والنتائج المخيبة للآمال التي تمخضت عنها الحكومات المتعاقبة منذ سقوط النظام الدكتاتوري المقبور حتى يومنها هذا خير دليل على ذلك الخلل الجسيم الذي رافق عملية جميع الانتخابات.
لذا بات من الضروري ان تتجمع الاصوات الحرة لكل مواطن عراقي او مسؤول في الدولة يمتلك الحس الوطني والغيرة على سمعة ومستقبل شعبنا العراقي للمطالبة بحملة وطنية كبرى من اجل القضاء على الامية او تقليصها قدر المستطاع كما فعلت حكومات بعض شعوب العالم التي ما كانت تمتلك الخلفية الحضارية والثقافية التي يمتلكها الشعب العراقي على مر العصور.
ومن الضروري ان تبدأ الحملة المرجوة في اقرب وقت ممكن، وحبذا لو كانت بعد الانتخابات المقبلة فرض عقوبات بحق كل مواطن مؤهل يرفض الانخراط في تلك الحملة او ذلك المشروع ودعمها بشكل جيد وتجهيزها بمختلف المستلزمات الضرورية مع الانساني والحضاري، كحرمانه من حق الاقتراع في الانتخابات المقبلة.