جائزة نوبل للسلام لعام 2017 إلى "الحملة الدولية لمكافحة الأسلحة النووية" / د. كاظم المقدادي

أعلن في السادس من تشرين الأول الجاري عن منح جائزة نوبل للسلام للعام 2017 للحملة الدولية لمكافحة الأسلحة النووية International Campaign to Abolish Nuclear Weapons (ICAN) تكريماً للجهود التي تبذلها المنظمة منذ تأسيسها عام 2007 للتخلص من أسلحة الدمار الشامل التي تشكل محور توترات دولية شديدة للإدارة الأمريكية مع إيران وكوريا الشمالية.وصرحت رئيسة لجنة نوبل النرويجية بيريت رايس أندرسون أن "المنظمة تفوز بالجائزة مكافأة لجهودها غير العادية من أجل لفت الانتباه إلى التبعات الكارثية لأي استخدام للسلاح النووي، ولجهودها السباقة التي استهدفت إبرام معاهدة تحظر استخدام الأسلحة النووية."
بهذا القرار استحقت لجنة نوبل للسلام هذه المرة التقدير والتثمين لمنحها الجائزة لمستحقها. فالحملة الدولية لمكافحة الأسلحة النووية (آيكان) هي منظمة دولية تعمل من أجل السلام العالمي وحماية البشرية من أسلحة الدمار الشامل. وقد نالت هذه الجائزة بكل جدارة وتستحقها فعلآ وجاءت الجائزة كمكافأة لدعم جهودها النبيلة.
ويذكر ان) آيكان)التي إنطلقت قبل عقد من الزمن، وتتخذ من جنيف في سويسرا مقرا لها، سرعان ما أصبحت منظمة عالمية نشطة وفعالة،حيث تضم حالياً 468 منظمة شريكة من 101 بلد.وهي تشكل تحالفاً دولياً لمنظمات غير حكومية، تعمل على الخلاص من الأسلحة النووية، وتكللت جهودها بإبرام معاهدة دولية تأريخية لحظرالأسلحة النووية، تنص على حظر إنتاج وتطوير السلاح النووي ونقله وتخزينه والتهديد باستخدامه، وقعت عليها 122 دولة في تموز الماضي أثناء أعمال الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والمهمة الراهنة هي تعزيز الانضمام إلى المعاهدة، التي ساعدت هذه المنظمة الدولية على سدّ "الفجوة القانونية" بين انتشار الأسلحة النووية وفشل المجتمع الدولي في حظر هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل. لكن تطبيق بنود معاهدة حظر الأسلحة النووية يبقى رمزياً بعدما رفضت القوى النووية العظمى الانضمام إليها وتصدت لها. علماً بان نحو 53 بلدا من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وقع على المعاهدة منذ مراسم بدء عملية التصديق خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 أيلول الماضي، لكن لم تصادق عليها حتى يوم إعلان الجائزة سوى 3 بلدان هي غانا والفاتيكان وتايلند. وتدخل المعاهدة حيز التنفيذ بعد 90 يوما من تصديق 50 عضوا رسميا عليها.
وإستطراداً، فان منح جائزة نوبل للسلام لهذه المنظمة العالمية غير الحكومية يُعدُ خطوة هامة من شأنها إعادة تسليط الضوء على مخاطر الأسلحة النووية، التي كانت خلال الأعوام الماضية شبه مهملة من قبل الحكومات، التي لم تشعر ولم تقدر خطورة ما تشكله من تهديد للبشرية. .بيد ان أحداثاً كثيرة حصلت أفضت الى إعادة التركيز على قضية الأسلحة النووية، منها اتفاقية إيران حول الأسلحة النووية، وقيام كوريا الشمالية بتصنيع تلك الأسلحة، والتوتر الحاصل بين الادارة الأمريكية وإيران وكوريا الشمالية، الى جانب مواصلة عدم تنفيذ الدول العظمى لالتزاماتها الدولية بالقضاء على ترسانتها النووية وصولآ لنزع السلاح النووي الشامل.
الى هذا،صرحت رئيسة لجنة نوبل للسلام: "نعيش في عالم أصبح فيه خطر استخدام الأسلحة النووية أكبر بكثير مما كان عليه منذ فترة طويلة". وأضافت إن "بعض الدول تطور ترسانتها النووية، والخطر فعلي في أن يتزود عدد أكبر من الدول بالسلاح النووي، كما تظهر كوريا الشمالية".ودعت الدول التي تمتلك أسلحة نووية إلى البدء في مفاوضات للقضاء على تلك الأسلحة تدريجيا. وتابعت "أن لجنة نوبل للسلام تحرص على الإشارة إلى أن المراحل المقبلة للتوصل إلى عالم خال من الأسلحة النووية يجب أن تشارك فيها الدول التي تمتلك تلك الأسلحة. وقالت إن "جائزة نوبل للسلام لهذا العام هي أيضاً نداء إلى تلك الدول للشروع في مفاوضات جدية بهدف إزالة الأسلحة النووية البالغ عددها حوالى 15 ألف رأس نووي في العالم بصورة تدريجية ومتوازنة وتحت مراقبة دقيقة".
وأعلنت الناطقة باسم الأمم المتحدة في جنيف أليساندرا فيلوتشي أن منح الجائزة إلى (ICAN "هو إشارة جيدة لتوقيع (معاهدة حظر الأسلحة النووية) وإبرامها". وأشادت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بمنح الجائزة لـ «آيكان»، وقالت: " نتقاسم التزاماً قوياً بالتوصل إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية".وفي برلين، رحبت ألمانيا بقرار بمنح جائزة السلام لـ «الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية». وقالت ناطقة باسم الحكومة في مؤتمر صحافي اعتيادي في برلين: "تدعم الحكومة هدف إخلاء العالم من الأسلحة النووية وتهنئ لجنة جائزة نوبل على هذا القرار".من جهتها علقت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم قائلة:" لقد حان الوقت لذلك، فهذه المنظمة تعمل جاهداً منذ عام 2007، ومتواجدة حالياً في 101 دولة، وتعمل ضد انتشار الأسلحة النووية، من وجهة نظر أخلاقية وإنسانية".
علقت بياتريس فين- السكرتير العام للحملة الدولية لمكافحة الأسلحة النووية، على إختيار منظمتها لتفوز هذا العام بجائزة نوبل للسلام، قائلة بأنها: "تشعر بالفخر.أنه مجد لنا ولكل من يسعى لمنع الأسلحة النووية. كما أن الجائزة مجد للناجين من مذبحة هيروشيما وناغازاكي الذين شاركوا في حملتنا لتسليط الضوء على العواقب غير الإنسانية للأسلحة النووية". وأضافت بأن منظمتها "ستواصل العمل لكي توقع أكثر دول ممكنة على اتفاقية حظر تصنيع وتطوير وحيازة الأسلحة النووية". كما أكدت فين على أهمية أن توقع السويد على تلك الاتفاقية، داعية إياها إلى التوقيع بأسرع وقت ممكن. والتصريح فيما إذا كانت السويد مع أو ضد الأسلحة النووية، وهل تريد السويد أن تكون الأسلحة النووية قانونية أم محرمة دولياً؟ وان المواجهة المفتوحة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية بسبب الملف النووي تجعل من جهود حظر هذه الأسلحة ذات أهمية خاصة في هذه المرحلة.
وجاء في بيان أصدرته (آيكان): "إنه لمن دواعي الشرف العظيم أن نحصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2017 اعترافا بدورنا في الجهود الهادفة إلى التوصّل إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية". وأضاف البيان: "من خلال تعبئة سلطة الشعوب، عملنا ولازلنا من أجل وضع حد نهائي للسلاح الأشد فتكا على الإطلاق، وهو السلاح الوحيد الذي يشكّل تهديدا لمصير البشرية قاطبة".
وجاء فيه : " اعتقاد بعض الحكومات بأن الأسلحة النووية مصدر مشروع وأساسي للأمن ليس أمرا مضللا فحسب بل وخطر كذلك، لأنه يحرّض على انتشارها ويقوّض الآمال في تحقيق السلام. وينبغي على جميع الدول أن تصادق على معاهدة حظر هذه الأسلحة حتى لا تستخدم مرة أخرى".
وختم البيان: "إننا نعايش لحظة توتّر عالمي كبير حيث يمكن أن يؤدّي بنا الخطاب الناري وبسهولة إلى الرعب الذي لا يمكن وصفه. وإذا كان هناك لحظة مناسبة لإعلان الدول معارضتها لهذه الأسلحة الفتاكة، فإن تلك اللحظة هي الآن".
وأكدت مديرة المنظمة بياتريس فين في بيان من مقرها في جنيف « نعيش في أجواء من التوتر الدولي الشديد يمكن أن تؤدي فيه الخطب النارية بسهولة، وبشكل لا يمكن تفاديه، إلى فظائع لا يمكن وصفها. عاد التهديد باندلاع نزاع نووي ماثلاً بقوة من جديد. وعلى الأمم أن تعلن الآن معارضتها من دون التباس للأسلحة النووية". ودعت العالم إلى «التحرك الآن» لحظر هذه الأسلحة". وأضافت: أن على الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن يعلما أن الأسلحة النووية غير مشروعة". وعندما طُلب من فين توجيه رسالة إلى الزعيمين قالت: «الأسلحة النووية غير مشروعة! التهديد باستخدامها غير مشروع! امتلاك أسلحة نووية وتطويرها غير مشروع!. إنهما في حاجة إلى التوقف!"..