إخفاق الخدمات في العاصمة بغداد / رياض عبيد سعودي

ما أن صادف سقوط أمطار غير معهودة في الأسابيع المنصرمة حتى انكشفت حقيقة التدني الكبير في مستوى الخدمات والبنى التحتية في العاصمة بغداد، حيث طفحت المجاري وامتلأت الشوارع بالمياه وضاعت قدرات الدوائر البلدية في مواجهة هذه الحالة.
ولم تكن المبررات قادرة على دفع مياه الأمطار المهاجمة لبيت ومحل المواطن، رغم حديث الدوائر المختصة عن استعداداتها المبكرة. ولكن من المستغرب ان هناك ثلاث جهات مسؤولة عن خدمة العاصمة بغداد، كما لا يتوفر في معظم عواصم العالم العربي والغربي! هذه الجهات هي: مجلس محافظة بغداد، وأمانة بغداد ومحافظة بغداد، ويمتلك كل من هذه المؤسسات لوحده تخصيصات كبيرة تصل في مجموعها الى عدة تريليونات من الدينار العراقي، ولا ندري كيف صرفت هذه التخصيصات وعلى أي مشاريع حيوية تم أنفاقها، وفي أولوياتها كما ينبغي مشاريع المجاري وإكساء الط?ق والشوارع وتزيين العاصمة لتبدو في اجمل صورة.
وما يؤسف له حقيقة ان جزءاً مهماً من هذه التخصيصات يذهب الى الإنفاق على تطوير قاعات مطار بغداد الدولي، وعلى معرض بغداد وعلى الجامعات وغير ذلك من مواقع تقع ضمن مسؤولية جهات أخرى لها تخصيصاتها وكوادر التنفيذ التي يمكن من خلالها تنفيذ الاصلاحات المطلوبة. وللفساد المالي نصيب من هذه التخصيصات!
ان العاصمة بغداد كانت من أجمل عواصم الدول العربية، في منتصف القرن الماضي. أما اليوم فشوارعها غير مكسوة تغطيها المياه الآسنة صيفا وشتاءً، وأرصفة غير منتظمة تغطيها الازبال، لا يجري تنظيفها إلا كل شهر، وابنية أكل الدهر عليها وشرب لاهي تراثية ولا تنتظر الاعمار.
ومن امثلة ذلك ما يشهده شارع الرشيد او مدخل شارع الجمهورية باتجاه الشورجة خاصة من جهة اليسار فيها. حيث الازبال التي لا تحتاج الى أكثر من حملة بسيطة لتغيير الصورة المؤلمة بما يعيد بغداد الى جماليتها السابقة.
والمسألة المهمة ان هناك الكثير من الساحات وقطع الاراضي بحاجة الى نظرة اقتصادية حيث لابد لأمانة بغداد وإدارة المحافظة من دراسة امكانية اعلانها للاستثمار وتحويلها الى أبنية اقتصادية. ويمكن تزيين العاصمة بأبنية جميلة وعصرية حسب تصاميم توضع من قبل هاتين المؤسستين الخدميتين.
كما ان الكثير من المناطق الصناعية والتجارية في بغداد أصبحت غير مؤهلة لأداء وظيفتها بالإضافة الى أنها اصبحت سببا في الازدحام المروري، ولذلك فمن الضروري دراسة إمكانية نقلها الى محيط بغداد وتنظيم الاسواق والمناطق الصناعية والتجارية والإعلان عن حملة وطنية لإكساء وتجميل الشوارع وتنظيم الساحات خاصة داخل العاصمة، لمنع تراكم النفايات وتزايد برك المياه الآسنة فيها. وليس صعباً ان تتحول بغداد في غضون سنوات قليلة الى ما يجعلها في مقدمة عواصم المنطقة. وان تخطط الجهات المعنية لتذليل المشاكل فيما يتعلق بالمجاري ومياه الش?ب والسكن وتنظيم المناطق الصناعية.
ان ما حدث مطلع هذا الشتاء وما سيحدث خلال أيامه المقبلة، لابد ان يكون درساً يستفيد منه المسؤولون عن خدمة بغداد في المؤسسات الثلاث. إن بغداد تحتاج إلى أن تكون ضمن خطة شاملة لإعادة النظر في كل التفاصيل العمرانية فيها. وبذل جهود كبيرة لمعالجة المشاكل التي تعاني منها المدينة والاهتمام بالمشاكل الخدمية.
والى ان نرى بغداد الاجمل.. يحتاج الى جهد عالٍ لان الاعمار حالياً يسير مثل السلحفاة.