المنبرالحر

الانبار ... مفترق طرق ام ماذا ؟ / رفعت نافع الكناني

الانبار محافظه مترامية الاطراف وتحدها دول ثلاث ، السعودية والاردن وسوريا ، ونتيجة لهذا الموقع وطبيعة ارضه الممتدة الاف الكيلومترات على شكل هضاب وصحراء ووديان وتضاريس وعرة يصعب على الدولة مسك الارض ومراقبتها وحمايتها بسبب ما استجد من ظروف بعد عام 2003 وما تتعرض له المنطقة من اضطرابات وحروب وقلاقل أتى بها ما يسمى الربيع العربي لينسف وضع الاستقرار الهش الذي كانت تتسم به تلك المجتمعات والبلدان . هذا الوضع كان البيئة المناسبة لانتشار تيارات متشددة ومجاميع مسلحه منفلته تتخذ من الدين والمذهب غطاء لانتشارها بدعم قوي وفعال ومؤثر من دول عربية واقليميه ودوليه ، يضاف الى ذلك ما استجد من احداث في سوريا خلال الثلاث سنوات الماضية وما تعرضت له من دمار وتخريب يثير الشكوك والاستفهام !! ازدهر الارهاب القاعدي ومختلف المسميات لمجاميع ارهابية مسلحة ترفع شعار (لا الة الا الله ) وتذبح الناس تحت نفس الشعار. هذا الوضع كان البيئة المناسبة والمشجعة لهذا الوباء في التغلغل والتمدد والانتشار، نظرا لظروف الانبار وطبيعة اهلها وما تعرضت له من اهمال وتغييب وعدم مبالاة لمشاكلها ومعضلاتها وسيطرة نخبة من ما يسمى القادة والسياسيين الجدد وشيوخ عشائر على مقدرات المحافظة وكان همهم الاول جمع الثروة والسلطة وبناء مافيات فساد وتقسيم ثروة المحافظة بينهم من دون ان تشهد أي معالم بناء واعمار حقيقية وانتشار البطالة بشكل كبير بين شبابها ورجالها ، وشعورها بانها وعلى الدوام ينظر لها بعلامات الريبة والشك والتخوين من قبل الدولة الجديدة .
كل هذه العوامل افرزت على الساحة طبقه جديده من مستغلي الفرص ومتصدري الموجة لا يجمعهم جامع ولا يربطهم رابط مشترك , فرجل الدين المتشدد الذي يفتي بقتل الاخر يقف بجوار شيخ عشيرة الذي يبغي مجدا ضائعا على حساب الفوضى والانتفاع من خلخلة الاوضاع وضعف الرقابة ليسرق ويسلب على الطريق السريع ، وهناك البعثي القاتل لشعبه يريد استغلال الظروف وخلط الاوراق ويتقدمهم مجرمين مع سبق الاصرار من فصائل القاعدة وربيبتها داعش ومجاميع مسلحة دموية الجامع المشترك الخراب والقتل وحلم ببناء أمارة إسلامية تسيطر على الانبار للتوسع بعدها الى مناطق اخرى . مثل هذا الوضع وهذه الظروف العصيبة تسيد المشهد حامل السلاح وجماعات الذبح ومروجي الدعارة والجنس المحلل شرعا وكل عصابات القتل والتسليب والاغتصاب .
لتضمحل وتتلاشى تأثير القوى المدنية الخيرة والحركات السياسية الليبرالية ورجال الدين المعتدلين رافضي التعصب والشخصيات الوطنية وضباط الجيش السابق من المعتدلين والوطنيين وبعض شيوخ العشائر الشجعان في مقارعة القاعدة سابقا . اذن الفرصة مواتية لقادة المافيات ومسلحي الارهاب والمحسويبن ظلما على اهل الانبار ليعدوا العدة لتنفيذ مشروعهم الاجرامي بأثارة فتنة طائفية وقودها العراقيين بمختلف مسمياتهم (شيعتهم وسنتهم ) الذي خططت له مخابرات دول معادية للتجربة العراقية الجديدة ،هذه الاهداف والنوايا ربما تنطلي بداية على البعض من مكونات شعبنا . المعركة مع الارهاب لا تقاس بالأيام انها حرب طويلة لعدو متمرس وجبان وغدار ، ويوما بعد يوم تتكشف الاوراق على الساحة العراقية المتداخلة الخنادق والاهداف ويفرز الواقع الشائك اهداف ونيات ومخططات القوى والتيارات السياسية المختلف ، واصبح الاهداف المخفية بالأمس مكشوفة بوضوح اليوم والمستقبل واعد بالمفاجئات .
اذن معركة العراقيين ضد الارهاب ومن يدعمه تنبأ بأحداث انقلاب كبير في موازين القوى المؤثرة على الساحة السياسية العراقية ، فالأيام الاولى لصولة جيشنا ضد اوكار الشر والارهاب سقط كثيرون في نظر شعبنا من شخصيات وكيانات ورجال دين ومسؤولين دولة بسبب افلاسهم من خلال المتاجرة بدماء اهل الانبار والمكون الذي ينتمون له لغرض الحصول على فرصه جديدة على الساحة وتصدر الصفوف ونحن على ابواب الانتخابات النيابية ، وبان سقوطها واضمحلالها حتميا لأنها عبئت نفسها وقواها المؤيدة لاستغلال الظروف الصعبة والحرجة الذي يمر بها البلد ووقوفها ضد استهداف الارهاب بحجج واهيه . اضافة لان البعض من هذه المسميات ترتبط بأجندات خارجية تخطط لها وتسيرها في خدمة اهدافها ومصالحها المشبوهة فأصبحت هذه القوى أسيرة هذا الواقع .
وفي المقابل وقف كثيرون مع الوطن في معركته الشرسة مع الارهاب ومن يقف معه ويدعمه، وافرز الواقع رجال وسياسيين وشيوخ عشائر وقادة امنيون عملوا على تهدئة الامور وعدم التسرع في تحقيق الاهداف واصدار الاوامر المتسرعة والتصريحات غير المسؤولة لغرض اعطاء الفرصة والوقت اللازم لمراجعة المواقف من قبل الكثير من المغرر بهم والذين وقعت عليهم تأثيرات كبيره من المحيط الذي يعيشون به وخاصة عندما غيبت الدولة وقواتها في تلك المدن من خلال تريثها المحسوب والشجاع منطلقين من شعار الدولة للعراقيين كافة واعطاء الفرص الكافية لأهالي الانبار لتضييق الفرص امام عصابات الارهاب وتشجيعهم على مقارعته بتوفير الدعم والاسناد وفسح المجال لمراجعة النفس لمن كانت مواقفة مؤيده للجماعات المسلحة سواء كانوا مضطرين ام مؤيدين . اذن المعركة ضد الارهاب بدأت وتنتهي في الانبار وتحتاج لجهود ودماء وتضحيات لننقذ الوطن من هذا الكابوس ليعيش المواطن اينما كان حياة آمنة مستقرة وهادئة تحت ظل دولة المواطنة ، ويبقى المواطن صاحب الحق والمعيار الوحيد في معادلة الدولة والوطن مهما كانت هويته العرقية والدينية والمذهبية لان واجبها رعاية وحماية ورفاهية الجميع ... اذن الانبار بوصلة الوطن وليس مفترق طرق .